سلّم المغني فضل شاكر نفسه إلى الجيش اللبناني السبت، بحسب ما أفاد مصدر قضائي، بعدما أمضى أكثر من عقد متواريا داخل مخيم للاجئين الفلسطينيين، صدرت خلاله أحكام بالسجن على خلفية قضايا مرتبطة بالإرهاب.
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر قضائي إن "الفنان فضل شاكر سلّم نفسه للجيش اللبناني عند مدخل مخيم عين الحلوة" قرب مدينة صيدا في جنوب لبنان، وذلك "كمقدمة لإنهاء ملفه القضائي".
فيما ذكر شهود لرويترز أن شاكر "مشى من مخيم عين الحلوة إلى حاجز للجيش في صيدا، وكان مرتاحا وغير مضطرب ويتحدث إلى أصحابه بتفاؤل".
تنسيق عبر وسطاء
وأضاف الشهود أن ثلاثة ضباط من الجيش اللبناني تسلموه تمهيدا للبدء في استجوابه لاحقا.
وحسبما قال مسؤولان أمنيان وقضائيان لوكالة "الأسوشيتد برس"، فإن عملية تسلم شاكر، جاءت بعد تنسيق بين وسطاء ومسؤولين في وزارة الدفاع اللبنانية.
وأوضح المسؤولون أنه بعد احتجاز شاكر لدى السلطات اللبنانية، سيجري إسقاط الأحكام التي صدرت بحقه أثناء هروبه وسيجري استجوابه استعدادا لمحاكمته بتهم جديدة بارتكاب جرائم ضد الجيش.
وبحسب ما نقلت "فرانس برس" عن مصدر مقرب من شاكر فإنه "مؤمن ببراءته ويثق باستقلالية القضاء اللبناني الذي سينصفه هذه المرة".
وأفادت وسائل إعلام لبنانية أن فضل شاكر سلّم نفسه إلى المخابرات على مدخل مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا، في تمام الساعة التاسعة مساءً.
وكان المطرب محمد شاكر، نجل فضل شاكر، قال في تصريحات له في أغسطس آب الماضي، إن والده يعتزم تسليم نفسه للسلطات اللبنانية، لكن "لازم يكون الوقت مناسب، والوضع يسمح".
ودفع محمد شاكر ببراءة والده "من كل التهم اللي نُسبت له"، وأكد أن "البراءة حقه، ولازم ياخده بعد 13 سنة من العذاب والظلم"، وأعرب عن ثقته في القضاء اللبناني.
وفي منشور عبر منصة إنستغرام في أبريل نيسان الماضي، قال نجل الفنان اللبناني إنه تمت تبرئته من تهمة القتال ضد الجيش اللبناني إبان اشتباكات في صيدا عام 2013.
أحكام بالسجن 22 عاما
ويعد شاكر المولود في صيدا العام 1969، واحدا من أبرز المطربين في العالم العربي، وعرف بأعماله الرومانسية ودفء صوته، إلى أن اعتزل الغناء في 2012 بعد تقرّبه من أحمد الأسير.
وفي يونيو 2013، اندلعت اشتباكات بين أنصار الأسير والجيش في بلدة عبرا قرب صيدا، إثر هجوم على حاجز عسكري.
وأدت المعارك إلى مقتل 18 عسكريا و11 مسلحا، وانتهت بسيطرة الجيش على مجمع كان يتخذه الأسير ومناصروه، ومنهم فضل شاكر، مقرا لهم.
ويواجه فضل شاكر حاليا اتهامات بـ"سلب أموال الناس"، و"تبييض الأموال".
وعلى أثر "معركة عبرا" التي وقعت بين الجيش اللبناني وجماعة الأسير في 23 يونيو (حزيران) 2013، لجأ شاكر إلى مخيم عين الحلوة الواقع ضمن مدينة صيدا هرباً من توقيفه وملاحقته، وعندها قامت دعاوى قضائية طاردته، واتهمته بـ"الاشتراك مع الأسير في تشكيل عصابة مسلحة وقتال جنود الجيش اللبناني".
وكان فضل شاكر قد عاود نشاطه الفني وأطلق عددًا من الأغاني من مكان تواجده في مخيم عين الحلوة على مدار السنوات الأخيرة.
ويأتي تسليم شاكر نفسه بعدما عاد إلى الساحة الفنية عبر إصداره عدداً من الأغنيات ، وهذا في موازاة بدء عمل اللجنة القضائية اللبنانية - السورية، بحثها بالملفات العالقة بين البلدين، على رأسها ملف السجناء السوريين في لبنان، وقضية المفقودين اللبنانيين في السجون السورية، وإعادة النازحين إلى بلادهم. وتشير المعلومات إلى أن قضية كل من شاكر والأسير تطرح ضمن هذه الملفات.
لكن الملفات القضائية التي تلاحق شاكر تحول دون هذه العودة، ما لم يسلّم شاكر نفسه للقضاء، ويخضع لمحاكمة علنيّة في 5 قضايا مقامة ضدّه، صدرت بموجبها أحكام غيابية، بعدما عدَّه القضاء العسكري فارّاً من العدالة، وتراوحت العقوبات التي نالها ما بين 5 و15 عاماً أشغالاً شاقة.
وكان شاكر أصدر قبل نحو شهر بياناً تحدث فيه عن التهم الموجهة إليه وقال: "بالنسبة إلى التُهم الملفقة، فإنني أوضح أنه قبل دخولي مخيم عين الحلوة لم يكن قد صدر بحقي أي مذكرة أو حكم، وعندما دخلت المخيم هرباً من التهديد بالقتل، انهالت عليّ الوثائق والأحكام من دون أن يكون هناك مبرر قانوني".
وأضاف "أنا بريء، والقضاء صدَّق غيابياً حكم براءتي من الاقتتال مع الجيش والحكم منشور على وسائل الإعلام".
وطلب الفنان اللاجئ إلى مخيم عين الحلوة من المعنيين، في بيانه التعامل مع ملفه على أنه ملف لمواطن عادي؛ وقال "لأنه بمجرد أن يتم التعاطي مع قضيتي من دون أن يكون هناك بُعدٌ سياسي لها، فإن 99 في المائة من المشكلة ستُحلّ"، وعبر عن أمله في أن "تتحول قضيته إلى قضية محقة، بعيدة عن تصفية الحسابات الضيقة لأطراف سياسية أثبتت في فتراتها أنها ظلمت كثيرين، وكان هو أحد هؤلاء".
و أكد "أنا بريء، وظُلِمت لأكثر من 13 سنة، ولُفِّقت التهم المنسوبة إليّ في محاولة للتضييق عليّ، ظناً من البعض أنهم قادرون على القضاء عليّ وعلى فني".
وكشف فضل شاكر عن عمليات ابتزاز تعرّض لها مادياً، وقال في بيانه "تعرضت من بعض المسؤولين في بعض الأجهزة الرسمية للابتزاز المالي، فمنهم من طلب مليوني دولار، ومنهم من طلب 5 ملايين، ومنهم من طلب عقاراتي وأملاكي لقاء حصولي على براءة أنا أصلاً حاصلٌ عليها"، مشيراً إلى أن "أموال عائلته وأولاده لا تزال محجوزاً عليها رغم ثبوت ملكيتها لهم بالمستندات"، واعداً جمهوره بإصدارات مقبلة أجمل، ومؤكداً "لن أتوقف عن الفن".