تكبّدت بعض أكبر وأغنى الشركات في العالم خسائر تُقدّر بـ15 مليار دولار أمريكي (ما يعادل 23.1 مليار دولار أسترالي) خلال هذا الربع من العام، نتيجةً للرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة، والتي بدأت تقضم أرباح الشركات على مستوى العالم.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض زيادات على الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات من عشرات الدول، ما ألحق أضرارًا كبيرة بالأعمال التجارية، بحسب أرقام جديدة نشرتها وكالة "رويترز".
في الوقت ذاته، تُظهر مؤشرات الاقتصاد الأسترالي نتائج "متباينة"، مما يضع البلاد وفق خبراء في موقع اقتصادي هش قد يتأثر بهذه الاضطرابات.
أستاذة قانون التجارة والضرائب في جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا، فيليسيتي دين، قالت إن سياسات ترامب التجارية "ألقت باتفاقيات تجارية عمرها عقود خارج النافذة"، ما يثير تساؤلات حول مستقبل التجارة العالمية.
ما القطاعات المتأثرة بالرسوم الجمركية؟
القطاعات الصناعية والتصنيعية وقطاع السيارات كانت الأكثر تضررًا من الرسوم الجديدة، في حين كان التأثير أقل حدة على القطاعات المالية والتقنية.
شركات كبرى مثل Caterpillar وYum Brands وMolson Coors وMarriott كانت من بين المتأثرين بالخسائر المرتبطة بالرسوم الجمركية.
وأوضحت البروفيسورة دين أن سلاسل التوريد المعقدة والجوانب القانونية تجعل من تأثير الرسوم الجمركية أمرًا غير موحّد على الأسعار.
وقالت لـSBS News: "القطاعات التي تعتمد على استيراد المواد الخام، مثل التصنيع، ستتأثر بوضوح، لكن من الصعب معرفة حجم التأثير على القطاعات الأخرى".
وأضافت: "قد تختلف تعاريف المنتجات بين دولة وأخرى، وهو ما يؤثر على تصنيف الجمارك لهذه المنتجات وبالتالي على فرض الرسوم نفسها".
وأشارت إلى أن منطق ترامب في فرض الرسوم هو إعادة الاستثمار والتصنيع إلى الداخل الأمريكي، إذ يرى أن "الولايات المتحدة لا تُعامل بإنصاف من قِبل شركائها التجاريين"، بحسب تعبيرها.
ما تأثير سياسات ترامب على الاقتصاد الأمريكي؟
قال المحاضر في الاقتصاد بجامعة سيدني، لوك هارتيغان، لـSBS News إن الاقتصاد الأمريكي يواجه حالة من "الضبابية وعدم اليقين".
وأضاف: "هناك دائمًا خطر من حدوث ركود، ونهج ترامب في التعامل مع الناس قد يضر بالاقتصاد أيضًا".
وكان ترامب قد أقال هذا الأسبوع مفوض مكتب إحصاءات العمل الأمريكي (BLS)، بعد أن راجع المكتب بيانات التوظيف الأخيرة وخفّضها بأكثر من 250 ألف وظيفة.
ورغم عدم وجود أدلة، قال ترامب إن الأرقام "مفبركة" لجعل إدارته "تبدو سيئة"، وهو ما وصفه هارتيغان بـ"المثير للقلق".
وتابع: "ما يبعث على القلق هو أنه إذا عيّن ترامب شخصًا يريد فقط إرضاءه، فقد يتم التلاعب بالبيانات".
"عندها سندخل في سيناريوهات سلبية للغاية، لأننا لن نعرف فعليًا ما الذي يحدث في الاقتصاد".
ورغم أن هذه المخاوف قد تزعج المستثمرين، إلا أن التأثيرات المباشرة على أستراليا تبدو محدودة حتى الآن.
كيف تؤثر الرسوم الأمريكية على أستراليا؟
تمكّنت أستراليا من تجنّب الزيادات في الرسوم الأمريكية، إذ بقيت عند الحد الأدنى البالغ 10%.
لكن البروفيسور فلافيو مينيزيس، أستاذ الاقتصاد في جامعة كوينزلاند، أوضح أن التأثير الحقيقي سيكون "غير مباشر".
وقال لـSBS News: "التأثير الأكبر قد يأتي من تأثير هذه الرسوم على الصين، كونها الشريك التجاري الأهم لأستراليا، ومن ثم على شركاء رئيسيين آخرين مثل الاتحاد الأوروبي، المملكة المتحدة، اليابان، وكوريا الجنوبية".
وأشار إلى أن "التداعيات الكاملة لهذه السلسلة من التأثيرات لا تزال غير واضحة".
ورغم أن أسعار المواد الغذائية والسلع المنزلية في أستراليا قد لا تتأثر كثيرًا، إلا أن التغيرات قد تظهر في أداء صناديق التقاعد (السوبر أنويشن)، نظرًا لارتباطها بأسواق الأسهم العالمية.
وعن حال الاقتصاد الأسترالي اليوم، قال مينيزيس: "الصورة مختلطة – فقد ارتفعت معدلات البطالة قليلًا لكنها لا تزال عند مستويات منخفضة تاريخيًا، وعادت معدلات التضخم إلى نطاق هدف البنك المركزي، في حين يستمر النمو الاقتصادي، وإن كان بوتيرة متواضعة".
