أظهرت بيانات حديثة صادرة عن مكتب الإحصاءات الأسترالي (ABS) أن ثروة الأسر في أستراليا ارتفعت بنسبة 0.8% في الربع الأول من عام 2025، لتصل القيمة الإجمالية للأصول التي يمتلكها الأستراليون إلى 17.3 تريليون دولار.
وأشار التقرير الصادر عن مكتب الإحصاء الأسترالي، أنه رغم هذا النمو، تبقى مسألة توزيع الموارد والثروات غير عادلة، مع استفادة شريحة محدودة من المجتمع بشكل أكبر من غيرها. إذ قاد قطاع العقارات هذا النمو، حيث ارتفعت قيمة الأراضي والمساكن بنسبة 1.2%، ما يعادل نحو 125.3 مليار دولار. وقد ساهم قرار خفض أسعار الفائدة في شهر شباط/ فبراير – وهو الأول منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2020 – في تعزيز هذا الاتجاه، ما انعكس إيجابًا على قيمة الأصول السكنية.
وقال كبير الاقتصاديين في شركة AMP، شين أوليفر: "بدأ خفض الفائدة يؤتي ثماره منذ شباط/فبراير، ورغم التباطؤ النسبي في كانون الثاني/يناير، فإن أسعار المنازل عاودت الصعود. هذا التحسن يصبّ في مصلحة مالكي العقارات، لكنه يزيد من صعوبة دخول السوق أمام المشترين الجدد."

The total value of Australian land and dwellings was calculated to be $11.6 trillion (tn), far outweighing other non-financial assets at only 0.9 trillion. Source: SBS
تراجع في أصول التقاعد بفعل اضطرابات الأسواق
في المقابل، شهدت أصول صناديق التقاعد (السوبر) انخفاضًا بنسبة 0.4% أي ما يعادل 16.4 مليار دولار، نتيجة تقلبات الأسواق العالمية.
وأكدت ميش تان، رئيسة قسم الإحصاءات المالية في ABS تراجع أرصدة التقاعد للمرة الأولى منذ الربع الثالث من عام 2022، بسبب تذبذب أسعار الأسهم جراء حالة عدم اليقين الاقتصادي.
وقد تسارعت هذه الخسائر مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة في شهر نيسان/ أبريل الماضي، ما أدى إلى تراجع مؤقت في الأسواق، قبل أن تشهد تعافيًا جزئيًا إثر تراجعه عن هذه الإجراءات.
وأوضح شين أوليفر أن "معظم صناديق التقاعد تستثمر نحو 60 إلى 70 % من أصولها في الأسهم، وبالتالي فإن أي هبوط في السوق ينعكس مباشرة على عائداتها."
تركّز الثروة بيد فئة محدودة من المجتمع
ورغم ارتفاع إجمالي الثروة الوطنية، إلا أن التوزيع يبقى غير متوازن. فقد أظهر تقرير صادر عن مجلس الخدمات الاجتماعية الأسترالي (ACOSS) وجامعة نيو ساوث ويلز أن 10% من الأسر الأسترالية الأغنى تمتلك 44 %من إجمالي الثروة، بمتوسط ثروة يبلغ 5.2 مليون دولار للأسرة الواحدة.
وأشار التقرير إلى أن ثروة هذه الفئة تنمو بمعدل أسرع بكثير من معدل نمو ثروة الـ 60 % الأدنى من السكان، مما يكرّس الفجوة الاقتصادية.
وتعكس هذه المعلومات التفاوت بشكل واضح في سوق العقارات، حيث أصبح امتلاك منزل حلمًا بعيد المنال لدى الكثير من الأستراليين، خصوصًا الشباب.
تراجع ملكية المنازل بين الشباب
رغم أن نسبة الأسر المالكة لمنازلها بقيت مستقرة عند 66% منذ سبعينيات القرن الماضي، إلا أن الأرقام تظهر تراجعًا لافتًا بين فئة الشباب. فوفقًا للمعهد الأسترالي للصحة والرعاية الاجتماعية، انخفضت نسبة ملكية المنازل بين من تتراوح أعمارهم بين 30 و34 عامًا من 64%عام 1971 إلى 50% عام 2021. أما الفئة العمرية من 25 إلى 29 عامًا، فانخفضت النسبة من 50 إلى 36 % في نفس الفترة.
توقعات بمزيد من الصعود في أسعار العقارات
يتوقع خبراء الاقتصاد استمرار ارتفاع قيمة الثروة المرتبطة بالعقارات في الأشهر المقبلة، مدعومة بتوقعات بمزيد من التراجع في أسعار الفائدة. وأكد أوليفر: أنه "مع التوجه نحو خفض أسعار الفائدة، من المرجح أن تواصل أسعار المنازل والأراضي ارتفاعها. مع توقع أن يشهد قطاع الثروة السكنية مكاسب إضافية في الفترة المتبقية من العام."
أما فيما يتعلق بسوق الأسهم، فأوضح أن التذبذبات ستستمر نتيجة العوامل الجيوسياسية والاقتصادية، لكنه أشار إلى أن الاتجاه العام لا يزال إيجابيًا، وهو ما قد ينعكس أيضًا على عوائد التقاعد.
وتشير البيانات إلى أن الاقتصاد الأسترالي يسير في اتجاه تصاعدي من حيث تراكم الثروة، لا سيما في قطاع العقارات، غير أن هذا النمو يسلط الضوء على التفاوت الواضح في توزيعها، ويعزز من التحديات التي تواجه فئة الشباب في تحقيق الاستقرار المالي وتملك المسكن.