اثنان من كل ثلاثة أشخاص يعانون من السمنة الزائدة أو البدانة. هذه النسبة قد تفاجىء أهل مدينة بيرث والسكان القريبين من الشاطئ الشمالي العلوي لمدينة سيدني، حيث تقل في تلك المناطق معدلات السمنة بشكل ملحوظ.
المنطقة السكنية التي تعيش فيها تعد من العوامل الهامة التي تؤثر على معدل البدانة، وقد يشارك مكان اقامتك في تحمل مسؤولية الوزن الزائد.
ما يزيد قليلا عن 14 في المئة من سكان منطقة Ku-ring-gai في سيدني يعانون من السمنة المفرطة، أما باقي سكان المنطقة فيتمتعون بالخصر الممشوق ويُعدون من الأنحف في البلاد. ولكن إذا قدت سيارتك لأربع ساعات ونصف، باتجاه شمال غرب المدينة، ناحية Wellington في ريف نيو ساوث ويلز، فستجد صورة مختلفة تمامًا.

Does eating superfoods keep us more active and healthy than other foods? Source: Getty Images
هناك، كما هو الحال في العديد من الأقاليم الأسترالية والمناطق البعيدة عن قلب المدينة، قرابة نصف السكان البالغين يعانون من السمنة المفرطة، ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري وبعض أنواع السرطان وأمراض القلب والشيخوخة.
وفي اليوم العالمي للسمنة، طالبت الباحثة الأسترالية وأستاذة السياسات الصحية في جامعة فيكتوريا Rosemary Calder بإعادة النظر في طرق معالجة ظاهرة السمنة. وقالت كالدر إن أستراليا باتت أمة سمينة و كسولة وقليلة الحركة. ووفقا للتقرير الصادر عن جامعة فيكتوريا فإن السمنة المفرطة ترتبط بشكل وثيق بمكان السكن وتختلف ما بين المناطق بنسبة تصل إلى 300 بالمئة.
وقالت البروفسورة كالدر إن نسبة الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة ارتفعت بنسبة 27 في المئة خلال السنوات العشرة الماضية. وأضافت إنه لا يمكن إنكار العامل البيئي أوالمنطقة السكنية بعد الآن، كما لا يمكن تجاهل تأثير الوضع الاجتماعي والاقتصادي على وزن الأشخاص.
وشددت الأستاذة كالدر على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لظاهرة السمنة المتزايدة في أستراليا خاصة في المناطق الأفقر في البلاد، حيث تكون فيها الصحة في خطر كبير، كما دعت الحكومات إلى التركيز على المجتمعات الأقل ثراءً لأن "السمنة هي قضية مكان السكن".

Avustralyalılar, son 30 yılda oldukça kilo aldı. Ayrıca, düşünüldüğü kadar spor da yapmıyorlar. Source: PA Wire
لماذا تتمتع المجتمعات الغنية بالخصر النحيف والقامة الصحية؟
يبدو أن الأحياء الأكثر ثراء، تتمتع بخصر نحيف ونظام غذائي صحي. وتظهر الأرقام أن الوسط التجاري لمدينتي ملبورن وبيرث بالإضافة لعدد من أحياء غرب أستراليا، هي المناطق التي تعتلي قائمة المناطق الأقل سمنة في أستراليا.
وتتمتع هذه المناطق بأدنى معدلات السمنة بسبب الموارد المتاحة وتوافر المساحات الخضراء، حيث توجد في تلك المناطق مساحات أكبر مخصصة للحدائق والأماكن الترفيهية.
كما تتمتع تلك المناطقبوجود مسارات خاصة للدراجات الهوائية والمشاة، ما يمكّن الناس من ممارسة النشاط البدني ذهابا وايابا الى أعمالهم، بدلاً من الاعتماد على السيارة. كما أن المتاجر المخصصة لبيع الفواكه والخضروات الطازجة متوافرة بشكل مكثف مقابل عدد أقل من محلات الوجبات السريعة، ما يعني إمكانية الحصول على الطعام الصحي بسهولة.
وقالت البروفسورة كادلر إن سكان المناطق الثرية يميلون أكثر إلى الحصول على المعلومات الصحية، ويمكنهم اتباع نظام غذائي صحي لأن امكاناتهم المادية تتيح لهم خيارات الغذاء الصحي وهو الأغلى ثمنا في أستراليا.
بينما في المناطق ذات الدخل المتوسط أو المحدود، تكثر محلات الأكل السريع وتنخفض خدمات المواصلات العامة وتقل محلات بيع الخضار والفاكهة والمأكولات الصحية الطازجة.
وطبقا للتقرير الجديد فإن السمنة ليست خيارا شخصيا فقط بل مسؤولية المجتمع أيضا والبيئة المحيطة تلعب دورا أساسيا فيها.

Strawberries in fruit shop at Springvale South Shopping Center. Source: SBS
مع هذه الفكرة الجديدة تدعو البروفسور كيدلر إلى التوقف عن لوم أصحاب الوزن الزائد ووضع المسؤولية عليهم بشكل كامل. وتقول إن مسؤولية السمنة المفرطة لا تقع على عاتق الأفراد بالكامل بل يجب أن تشاطرها الحكومة الأسترالية التي انتظرت ولفترة طويلة جدا أن يخسر الناس الوزن الزائد من خلال مجهود فردي. ولكن الآن حان الوقت للتركيز على الحلول الخاصة بتحسين العوامل البيئية والنظر في كيفية مساعدة المناطق التي تساهم في السمنة الزائدة والغذاء الغير صحي.
وتعاني تلك المناطق من انخفاض معدلات الحركة البدنية، كما تقول البروفسورة كادلر لايمكن أن نتوقع من الأشخاص أن يقوموا بخيارات صحية إن لم تكن متاحة لهم أوغير متوفرة في مجتمعاتهم.
اقرأ المزيد

هل عمليات إنقاص الوزن مغطاة بالمديكير؟
ووفقا لدراسة حديثة لشبكة ABC، فإن ثلث الأستراليين يعانون من غلاء المعيشة، وأصحاب الدخل المتدني أو الفقراء يلجأون للخيارات الأرخص، ألا وهي الوجبات السريعة والطعام غير الصحي، حيث تستطيع تلك العائلات تحمل تكلفة وجبة الغذاء من البطاطا المقلية، ولكن يتعذر عليها تحمل كلفة غذاء صحيا مؤلفا من اللحم والخضرة.
لذا خلصت البروفسورة كادلر إلى أن الدافع الأساسي للسمنة هو الموارد والإمكانيات المادية وليس الخيارات الشخصية، وهي ترفض جعل السمنة مشكلة شخصية، وترفض إلقاء اللوم على الأفراد لأنها تعتبر ان ذلك لن يحل المشكلة.
شارك


