يصدر طبيب واحد وصفة للقنب الطبي كل خمس دقائق، وهذا الأمر أثار قلق الجهات التنظيمية الصحية في أستراليا. فقد كشفت الهيئة الأسترالية لتنظيم المهن الصحية (AHPRA) أن بعض أطباء الصحة قد أصدروا أكثر من 10000 وصفة طبية خلال فترة ستة أشهر فقط، بينما وصل عدد وصفات أحدهم إلى أكثر من 17000.
وبحسب الهيئة، فإنه حتى 31 كانون الأول/ديسمبر العام الماضي، تم اتخاذ إجراءات تنظيمية ضد 57 ممارسًا صحيًا بما فيهم أطباء وصيادلة وممرضين بسبب وصف القنب الطبي. وقالت الهيئة في بيان لها: "إن البيانات الصدارة مؤخرًا بوصف القنب الطبي تثير القلق وتدل على أن بعض الممارسين لا يلتزمون بواجباتهم المهنية."
وفي محاولة لتقويم هذه الممارسات، أصدرت الهيئة الأسترالية لتنظيم المهن الصحية تعليمات جديدة تهدف إلى مساعدة الممارسين الطبيين على وصف القنب الطبي بشكل مسؤول، محذّرة من أن هذه "الممارسات السيئة" قد تؤدي إلى "أضرار بالغة للمرضى".
ترحيب بالتعليمات الجديدة لكن العقبات مستمرة
عبّر بعض الخبراء عن ترحيبهم بهذه الخطوة التنظيمية. حيث قال البروفيسور الفخري واين هول من المركز الوطني لأبحاث استخدام المواد لدى الشباب" في جامعة كوينزلاند، إن الوقت قد حان للهيئة التنظيمية كي تأخذ موقفا واضحا حيال صرف هذا النوع من الوصفات.

يحتاج الأطباء إلى موافقة هيئة مراقبة الأدوية لوصف منتجات القنب الطبية. Source: Getty / FG Trade
وأشارت AHPRA إلى أن "الغالبية العظمى من التحذيرات التي تتلقاها تُقابل باستجابة إيجابية من الممارسين، حيث يُعدّلون ممارساتهم دون الحاجة إلى تدخل تنظيمي إضافي".
القنب الطبي بين التشريع والوصمة
وفق وزراه الصحة، تم تقنين استخدام القنب الطبي في أستراليا منذ عام 2016. ومنذ ذلك الحين، ارتفع عدد الوصفات من نحو 17000 عام 2020 إلى أكثر من 800,000 في عام 2024. وهذا الرقم لا يعكس عدد الأفراد، إذ يمكن للمريض الواحد الحصول على عدة وصفات. لكن في بيان حديث، حذّرت AHPRA من أن "الطلب المتزايد على القنب الطبي وإصدار وصفات غير مدروسة يؤديان إلى أضرار صحية جسيمة للمرضى". وأضافت الهيئة أن هناك حالات مرضى وصلوا إلى أقسام الطوارئ وهم يعانون من ذهان ناتج عن استخدام القنب الطبي.
وأوضح البروفيسور هول أن "الدافع الأساسي" وراء هذا التوسع المفرط في الوصفات هو الربح، قائلاً إن "عددًا من عيادات القنب الطبي التي تم افتتاحها تقتصر خدماتها على وصف هذا الدواء فقط، ويبدو أن هدفها تحقيق هامش ربح مرتفع عبر عدد كبير من الوصفات، دون العناية الكافية بتقييم مدى ملاءمة العلاج للمريض."
صرف الوصفات عن بُعد بدلًا من العيادات
بعض مؤيدي صناعة القنب الطبي في أستراليا يرون أن معظم المرضى يلجأون إلى وصفات تُمنح عبر خدمات الرعاية الصحية عن بُعد (Telehealth)، بسبب وصمة لا تزال قائمة بين الأطباء العامين. وقالت تيريزا نيكوليتي، رئيسة "رابطة القنب الطبي الأسترالية إن المشكلة تكمن في أن ممارسي الطب العام لا يزالون يترددون في وصف القنب الطبي، إما لجهلهم بخصائصه العلاجية أو بسبب الإرث التاريخي من التجريم من صرفه قبل تشريعه." بينما حاليا يتم صرف مئات الآلاف من الوصفات، عبر عيادات الإنترنت، وليس عن طريق الأطباء العامين. ونسبة ضئيلة جدًا من الأطباء العامين يوافقون على وصف القنب الطبي. بسبب قلة التثقيف من هذا الجانب.
وتعدّ خدمات الرعاية الصحية عن بُعد، أو ما يُعرف بـ Telehealth، من الوسائل الحديثة التي تتيح تقديم الاستشارات الطبية عبر الهاتف أو الفيديو، دون الحاجة إلى زيارة الطبيب شخصيًا.
وتصنَّف معظم منتجات القنب الطبي ضمن قائمة "الأدوية غير المسجلة" لدى إدارة السلع العلاجية (TGA)، ما يعني أنها لم تخضع لنفس المعايير الصارمة من حيث السلامة والفعالية كما هو الحال مع الأدوية المسجّلة.
وبالتالي، يتعيّن على الممارسين الحصول على موافقة مسبقة من TGA قبل وصف القنب الطبي. عفيما يوضح البروفيسور هول أن المشكلة تكمن في أن هذه الأدوية توصف لأغراض غير معتمدة رسميًا، أي لعلاج حالات لم توافق عليها الهيئة التنظيمية. والغالبية العظمى من الوصفات تصدر لعلاج الألم المزمن، واضطرابات النوم، والقلق، والتوتر، ما قد يعرض المرضى لخطر الإدمان، ولا توجد أدلة كافية تدعم فعالية وسلامة القنب الطبي على المدى الطويل.