يُعد قطاع الألبان أحد أركان الاقتصاد الزراعي في أستراليا، حيث تقدّر قيمته السوقية بنحو 13 مليار دولار، منها 4 مليارات دولار كقيمة إنتاج عند بوابة المزرعة، وفق بيانات مؤسسة "Dairy Australia".
ضربات مناخية قاسية
تشير التقارير الأخيرة إلى أن القطاع يرزح تحت ضغط مزدوج من الفيضانات في الشمال والجفاف في الجنوب الشرقي، إذ تضررت مزارع عديدة في نيو ساوث ويلز وفيكتوريا وجنوب أستراليا وتسمانيا، ما انعكس سلباً على حجم إنتاج الحليب في البلاد.
ومن الأمثلة الصارخة، ما حدث لأخوين يملكان مزرعة ألبان في منطقة الساحل الشمالي الأوسط في نيو ساوث ويلز، إذ دمرت الفيضانات 70 في المئة من قطيعهما، إضافة إلى البنية التحتية الخاصة بالإنتاج.
ثقة المزارعين تتراجع.. والإنتاج في انخفاض
وفق تقرير "الوضع والآفاق 2025" الصادر عن Dairy Australia، فإن الهوامش التشغيلية الضيقة، والظروف المناخية الصعبة، تسببتا في تراجع ملحوظ في ثقة المزارعين، إذ أظهر استطلاع وطني أن 50 في المئة فقط من مزارعي الألبان يتوقعون مستقبلاً إيجابياً للقطاع، مقارنةً بـ 66 في المئة العام الماضي.
وفي السياق ذاته، قال بن بينيت، رئيس اتحاد مزارعي الألبان الأستراليين، إن الصناعة تمرّ بمرحلة "عالم من الألم"، على حدّ تعبيره، محذراً من أن "الأسوأ لم يأت بعد مع دخول فصل الشتاء".
وأضاف بينيت أن إنتاج الألبان الأسترالي تراجع بنسبة 25 في المئة خلال العقدين الأخيرين، بينما زادت واردات منتجات الألبان من الخارج، في مؤشر خطير على هشاشة الأمن الغذائي المحلي في هذا القطاع.
الأسعار ترتفع.. لكن المزارعين لا يستفيدون
وعلى الرغم من أن شركات الألبان أعلنت مؤخراً رفع أسعار شراء الحليب الخام من المزارع، لتتراوح بين 8.60 إلى 9.20 دولارات للكيلوغرام من المواد الصلبة في الحليب، فإن مزارعين كثيرين يرون أن هذه الزيادات غير كافية.
ويقول محللون إن أسعار التجزئة لمنتجات الألبان شهدت زيادات تراوحت بين 20 و25 في المئة خلال عامي 2023 و2024، شملت الحليب، والزبدة، والجبن، واللبن الزبادي.
ويؤكد مايكل هارفي، كبير المحللين في بنك "رابو بنك"، أن المستهلكين لاحظوا بالفعل هذه الزيادات، قائلاً: "نحن في نهاية دورة تضخم كبيرة في قطاع الألبان، حيث ارتفعت أسعار التجزئة بشكل ملحوظ".
Ben Bennett, president of the non-profit Australian Dairy Farmers, is concerned about the industry's future. Source: Supplied / Australian Dairy Farmers
هل سترتفع الأسعار أكثر؟
رغم الظروف القاسية التي يواجهها المزارعون، يستبعد الخبراء حدوث زيادات كبيرة جديدة في الأسعار على المدى القصير، معتبرين أن الأسعار العالمية للمواد الأساسية هي التي تحدد الاتجاه العام.
وقال هارفي: "الفيضانات أو الجفاف المحلي لا تؤثر بشكل مباشر في أسعار البيع النهائية. ما يحدد الأسعار هو العوامل العالمية، من تسعير السلع إلى تقلبات الإنتاج في أوروبا ونيوزيلندا".
ومع ذلك، حذّر إيريك دانزي، الرئيس التنفيذي لمنظمة "EastAusmilk"، من أن نقص الحليب الناتج عن الكوارث المناخية قد يظهر أثره تدريجياً على رفوف المتاجر، قائلاً: "لدينا عجز واضح في المعروض، والنتائج على المستهلكين قد تبدأ بالظهور خلال الأشهر المقبلة".
دعوات إلى دعم حكومي
ويجمع قادة القطاع على ضرورة تدخل حكومي عاجل لدعم الصناعة، من خلال سياسات بيئية مدروسة ودعم مالي مباشر للمزارعين، لتأمين استدامة الإنتاج في مواجهة التغير المناخي وتقلبات السوق العالمية.
وقال بينيت: "نحن بحاجة إلى سياسات تصغي لصوت المزارعين المحليين، وتدرك التحديات الحقيقية على الأرض، بدلاً من قرارات تصدر من مكاتب بعيدة عن الميدان".