


Lord Howe Island Credit: Australian Traveller


spk_0
على بُعد ساعتي طيران فقط من سيدني. تنتظر جزيرة صغيرة وسط بحر تسمان من يكتشفها؛ مكان يبدو كأنه خارج الزمن، حيث لا ازدحام ولا ضجيج سيارات ولا أكثر من أربعمائة زائر في الوقت نفسه. إنها جزيرة لورد هاو، قطعة من الجنة الأسترالية المدرجة على قائمة التراث العالمي منذ عام الف وتسعمائة واثنين وثمانين.
spk_0
مشوار جديد معي أنا ريان برهوم. نغادر فيه البر الأسترالي إلى جزيرة تدهشك بطبيعتها البِكر وتنوعها الفريد.
spk_0
عند اقتراب الطائرة الصغيرة من الجزيرة، يطل على ناظريك مشهد يصعب نسيانه: جبال خضراء ترتفع من قلب البحر، تحيط بها شعاب مرجانية تُشكّل بحيرة محاطة بالشعاب المرجانية على الساحل الغربي.
spk_0
تُعَدّ من أهم البحيرات المرجانية في أقصى جنوب نطاق الشعاب المرجانية في العالم. إنها واحدة من أكثر الجزر عزلة في العالم، تشكلت قبل نحو سبعة ملايين عام من بقايا بركان ضخم خمد منذ زمن بعيد. تبلغ مساحتها نحو عشرة كيلومترات فقط، لكنها تختزن تنوعًا بيئيًا يضاهي قارات كاملة.
spk_0
في لورد هاو لا وجود للثعابين ولا لثدييات برية مفترسة. بدلًا من ذلك، هناك عشرات الأنواع من الطيور، وبعضها لا يعيش إلا هنا، مثل طائر لورد هاو وودهِن الذي عاد إلى الجزيرة بعد عقود من التهديد بالانقراض بفضل جهود الحماية البيئية.
spk_0
تغطي الغابات معظم الجزيرة، وأشجار النخيل من نوع كينتيا بالم تنتصب كالأعمدة الخضراء. وقد شهدت الجزيرة تصديرًا لهذا النوع من النخيل منذ أواخر القرن التاسع عشر، ليصبح رمزًا تجاريًا شهيرًا في أوروبا والعالم. الجزيرة جنة لعشاق المشي والمغامرة. أشهر مساراتها هو صعود قمة جبل غاور، أعلى نقطة في الجزيرة.
spk_0
بارتفاع ثمانمئة وخمسة وسبعين مترًا. رحلة شاقة تمتد لثماني ساعات بين غابات كثيفة ومنحدرات وعرة، لكن المنظر من القمة يستحق كل خطوة. ولمن يفضل مسارات أسهل، هناك طريق نورث باي الذي يمر بين غابات النخيل وشواطئ الرمال البيضاء، أو مسار ترانزيت هيل الذي يمنحك مشهدًا بانوراميًا ساحرًا
spk_0
عند الغروب. لورد هاو واحدة من أندر الأماكن في العالم التي تلتقي فيها الأسماك الاستوائية مع أسماك المياه المعتدلة الباردة، فموقعها الجغرافي يجعلها نقطة التقاء بين التيار الدافئ لشرق أستراليا وتيارات مياه بحر تسمان الباردة المعتدلة، مما يخلق نظامًا بحريًا فريدًا يجمع بين الكائنات الحية من منطقتين مناخيتين مختلفتين.
spk_0
تحتوي المياه المحيطة على أكثر من أربعمائة وتسعين نوعًا من الأسماك، وقرابة تسعين نوعًا من المرجان، وبعضها لا يوجد في أي مكان آخر على وجه الأرض. وفي مواقع مثل بولز بيراميد، وهو برج صخري ضخم يرتفع خمسمائة وخمسين مترًا من قلب البحر، يمكن للغواص أن يسبح بين الشعاب وسط واحدة من أجمل المشاهد البحرية في العالم.
spk_0
يبدأ يومك في الجزيرة بفطور بسيط في نُزل صغير يطل على الشاطئ، ثم تستأجر دراجة وتتجول بحرية عبر الطرق الضيقة التي تربط القرى الثلاث الصغيرة. لا حاجة هنا للسيارات، فكل شيء قريب والهواء أنقى مما تتخيل.
spk_0
يمكنك قضاء النهار بين السباحة في نِدز بيتش أو التجديف بالكاياك في البحيرة الغربية، أو مجرد الجلوس على الرمال البيضاء ومراقبة الطيور. وفي المساء يتحول الأفق إلى لوحة من الألوان البرتقالية والبنفسجية، بينما يخيم على الجزيرة صمت مهيب لا يقطعه إلا حفيف
spk_0
الريح. الوصول إلى لورد هاو ليس صعبًا، لكنه محدود. الرحلات تنطلق من سيدني وبريسبان وتستغرق نحو ساعتين فقط. لكن احذر: الجزيرة لا تسمح بأكثر من أربعمئة زائر في أي وقت للحفاظ على بيئتها الحساسة، لذا يُنصح بالحجز المسبق قبل أشهر. أما الإقامة فهي
spk_0
تجربة بحد ذاتها: نُزل بيئية صغيرة وفنادق عائلية محاطة بالحدائق تقدم الطعام المحلي الطازج، الأسماك والفواكه والمأكولات البحرية التي يصيدها السكان أنفسهم. هنا لا وجود لسلاسل الفنادق الكبرى ولا صخب المنتجعات. إنها عودة إلى البساطة… إلى الهدوء.
spk_0
اكتُشفت الجزيرة في السابع عشر من شباط/فبراير الف وسبعمائة وثمانية وثمانون على يد الملازم هنري لِدجبيرد بول أثناء رحلته من خليج بوتاني إلى جزيرة نورفولك. أطلق عليها اسم لورد هاو تكريمًا للأدميرال البريطاني ريتشارد هاو. وفي عام الف وثمانمائة وخمسة وخمسين، أصبحت الجزيرة تابعة رسميًا لولاية نيو ساوث ويلز. مع نهاية القرن التاسع عشر
spk_0
بدأت زراعة وتصدير نخيل الكينتيا الذي ساهم في دعم اقتصاد الجزيرة. وفي عام الف وتسعمائة وأربعة وسبعين تم افتتاح مطارها، مما سهّل وصول الزوار وفتح الباب أمام سياحة بيئية منظمة. ومنذ إدراجها على قائمة التراث العالمي عام الف وتسعمائة واثنين وثمانين، تعمل السلطات والسكان معًا على الحفاظ على هذا التوازن الدقيق بين الإنسان والطبيعة.
spk_0
في نهاية اليوم، حين يهبط الظلام على الجزيرة وتخفت الأصوات، تشعر وكأن الأرض تتنفس بهدوء. تجلس على الشاطئ، تنظر إلى الأفق وتفكر كم نحن محظوظون بوجود أماكن كهذه.
spk_0
أماكن تذكرنا بأن الجمال لا يحتاج إلى ضجيج، وأن أبسط الرحلات يمكن أن تغير فينا الكثير. هكذا كانت رحلتنا إلى جزيرة لورد هاو؛ جزيرة صغيرة، لكنها تختصر معنى عظمة الطبيعة في تفاصيلها.