اقرأ المزيد

ملبورن "عاصمة التكنولوجيا" الأسترالية

ملبورن "عاصمة التكنولوجيا" الأسترالية
spk_0
مدينة ملبورن، العاصمة الثقافية لأستراليا. مدينة المقاهي التي تفوح منها رائحة القهوة الطازجة، والفنون التي تزين جدران الأزقة، والفعاليات التي لا تنتهي. هنا، حيث تلتقي الحداثة بالتاريخ، يتنقل مئات الآلاف من الناس يوميًا بين شوارعها الحيوية وساحاتها المفتوحة.
spk_0
مشوار جديد معي أنا ريان برهوم، إلى واحدة من أبرز معالم مدينة ملبورن.
spk_0
اليوم سنقف أمام محطة فليندرز ستريت Flinders Street Station، ذلك المبنى الأصفر العريق ذو القباب النحاسية التي اكتسبت مع مرور الزمن لونًا أخضر مميزًا، والساعة الشهيرة التي تعلو المدخل الرئيسي.
spk_0
مكان تلتقي فيه الحكايات مع ضجيج القطارات. وحين تقترب من شارع فليندرز المزدحم، يلفت نظرك المبنى من بعيد: واجهته الصفراء المزخرفة، القباب الخضراء اللامعة، والساعة العملاقة التي تعلو مدخله الرئيسي. تحت هذه الساعة وقف آلاف الأشخاص عبر الأجيال في لقاءات لا تُنسى.
spk_0
طلاب يلتقون بعد يوم دراسة طويل، عشاق يواعدون بعضهم للمرة الأولى، وعائلات تنتظر أبناءها العائدين. لكن المكان لم يكن فقط للقاءات الشخصية؛ فكثيرًا ما تحوّل إلى نقطة انطلاق لمظاهرات سلمية أو تجمعات مجتمعية للتعبير عن الرأي.
spk_0
ولهذا اكتسبت الساعة شهرة خاصة، حيث باتت عبارة "Meet me under the clocks" من أكثر الجمل تداولًا في ملبورن. وتشير الصحافة الأسترالية والكتب السياحية إليها باعتبارها the most popular meeting place in Melbourne.
spk_0
المحطة ليست مجرد مبنى جميل، بل هي شاهد على تاريخ طويل. بدأت قصتها عام 1854 عندما افتتح أول خط للركاب من الموقع إلى بورت ملبورن، ليكون أول خط سكك حديدية في أستراليا. أما المبنى الحالي فقد اكتمل عام 1909 بعد أن فاز بتصميمه المهندسان فاوست وأشورث Fawcett & Ashworth في مسابقة معمارية عام 1900، وافتتح رسميًا عام 1910.
spk_0
واجهتها تمزج بين الطراز الإدواردي والفيكتوري، مع قبابها الخضراء وأقواسها المهيبة. ومنذ أكثر من قرن وهي بوابة المدينة الرئيسية. بل إنها في عشرينيات القرن الماضي وُصفت بأنها أكثر محطات العالم ازدحامًا؛ إذ سجّل تقرير صحفي عام 1922 مرور نحو 200 ألف راكب في يوم واحد، فيما وثّق تقرير آخر عام 1926 متوسطًا يوميًا يقارب 238 ألف راكب.
spk_0
اليوم تضم المحطة 13 رصيفًا وحوالي 15 مسارًا. ووفق بيانات حكومة فيكتوريا، فإن المحطة تستقبل سنويًا أكثر من 20 مليون راكب، لتبقى أكثر محطات القطارات ازدحامًا في أستراليا.
spk_0
فلندخل معًا من البوابة الرئيسية.
spk_0
قاعة واسعة تحت القبة. الأرضيات الرخامية واللوحات الخشبية لجدول الرحلات تعكس عبق الماضي.
spk_0
لكن المحطة لم تكن دائمًا للنقل فقط؛ ففي طوابقها العلوية وُجدت قاعة رقص، صالة رياضية، مكتبة، وحتى جمعيات موسيقية ودروس تابعة لمعهد Victorian Railways Institute، مما جعلها مركزًا اجتماعيًا وثقافيًا بقدر ما هي محطة قطارات.
spk_0
وحين تخرج منها تجد نفسك في قلب ملبورن النابض بالحياة. أمامك ساحة الاتحاد Federation Square بأبنيتها الحديثة ومعارضها الثقافية، وعلى يسارك يجري نهر يارا Yarra River حيث تصطف المقاهي والمطاعم المطلة على الماء.
spk_0
بينما يمتد على طول شارع فليندرز صف طويل من المقاهي القديمة والمتاجر التي تحمل في تفاصيلها روح المدينة. هنا تدرك أن المحطة ليست مجرد نقطة عبور، بل قلب يربط بين التاريخ والحداثة.
spk_0
تم تسجيل المحطة كموقع تراثي في ولاية فيكتوريا عام 1982، وشهدت في السنوات الأخيرة برنامج ترميم ضخم بقيمة 100 مليون دولار أعاد إليها بريقها الأصلي لعام 1910، مع تحديث مرافقها من مصاعد وسلالم متحركة وأنظمة وصول حديثة.
spk_0
اليوم فليندرز ستريت ليست فقط رمزًا للمدينة، بل شاهدًا على أكثر من 160 عامًا من تاريخ ملبورن. حين تقف أمام محطة فليندرز ستريت وتسمع ضجيج الركاب تحت الساعة، تدرك أنك في قلب ملبورن الحقيقي.
spk_0
مشوار قصير يأخذك من أصوات القطارات إلى دفء الذكريات، ومن الماضي العريق إلى الحاضر المزدهر. محطة ليست مجرد مبنى، بل قصة مدينة كاملة تختصرها ساعة وأبواب تُفتح كل يوم لعشرات الآلاف من الركاب.