"الله بيعلم كيف ربيناهم لولادنا لحتى نشوفهم شباب ونشوف حالنا فيهم" بدموع لم تنشف وجرح لن يشفَ، شاركت الوالدة الثكلى رولا ملّاح التي خسرت فلذة أكبادها لبيروتشيما، رالف ملّاح ابنها الحبيب، اس بي اس عربي 24، بأعمق شجونها وأفكارها وخواطرها مستذكرة الحادثة الأكثر إيلاما وسودا في تاريخ لبنان، أنفجار المرفأ المشؤوم الذي أودى بحياة 218 قتيلا وأدمى القلوب وأصاب 7000 جريحا وشرد مئات الألاف من العائلات وتستمر المعاناة.
ويخيم على الحزن العميق، ضبابة من الغضب الأحمر والنار المشتعلة التي تحرق قلوب أهالي الضحايا، فبعد سنة لم تظهر بعد بوادر تحقيق العدالة.
وتقول السيدة رولا ملّاح، الأم الثكلى، التي خسرت أجمل شباب لبنان، إن: "الجرح مفتوح وكلّ منو الوجع عم يغز أكتر، عم يفوت لصميم القلب، شالولي رالف من قلبي ردّولي ياه أشلاء."
وفيما تتعطش قلوب الأهالي لجواب يروي قلوبهم الظمأة، تصطدم إجراءات المساءلة والمحاسبة بحصانة المسؤولين ونظام فاسد وظروف قاهرة من سيء إلى اسوأ، وصلت وقاحتها لإطفاء الأضواء عن مدينة الأنوار بيروت.
واستفحل الظلم ليطرح بزهرة الشرق أرضا وينثر الرماد، الأطفال والمرضى يموتون لعدم توفر العلاجات والأدوية حتى البسيطة منها، مواد غذائية أساسية مفقودة والإقتصاد انهار على رؤوس العائلات، واللبنانيون أسرى محطات الوقود وينتظرون بالطوابير ليحصلوا على لقمة عيش والبلد منهك ما بين فيضان وحريق ورصاصة طائشة ووباء عالمي بات بالرغم من فظاعته وشراسته، أصغر هموم اللبنانيين.
ماذا حل بلبنان الجمال، لا أحد يدري وما من أحد ليجيب، روح رالف الذي اختار البقاء بوطنه ليكون قدوة للشباب المثالي ويعطي وطنه شبابه وطموحه وطلته الفريدة.
وناشدت رولا المجتمعات العالمية والمؤسسات الأممية، لمساعدة لبنان على احقاق العدل ومحاسبة المسؤولين، واعدة الأرواح البريئة بأنها هي وأهالي الضحايا وأصحاب النوايا الحسنة والضمير الصافي، لن يهدأ لهم بال ولن يرتاحوا الا بتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن الإنفجار الذي كان ممكننا تفاديه مع أبسط ما يكون من حس المسؤولية.
واستذكرت رولا اللحظات الأخيرة، كان رالف، تبادل أيام الخدمة مع صديقه في خدمة الأطفاء، ليحضر مخيما وحين عاد الى منزله تحدث الى والده وأخاه وكأنه يودعهما وترك مسبحته لهما وهو الذي يلبسها في عنقه على الدوام ، وكأنه تكهن مسبقا ان الذكريات والمقدسات ستحثهم على استمداد القوة ممن هو فوق وتكون تعزيتهم في مصابهم ليتحول الألم الى أمل.