لم يكن يخطر ببال الجراح سعود حمزة أن يترك يوماً متابعة مباريات كرة القدم (السوكر) والتحول إلى متابعة رياضة ثانية ولكن الصدفة فعلت فعلها وجعلته يعشق الفوتي الأسترالي بعد وقت قصير من وصوله إلى بيرث.
وصل د. سعود حمزة برفقة عائلته ضمن برنامج تأشيرات العمال المهرة إلى أستراليا عام 2006 قادماً من قطر حيث كان يعمل جراحاً في أحد المستشفيات هناك بعد مغادرته العراق قبل وقت سابق وعمله لفترة أيضاً في الأردن.
يقول د. سعود إنه وبعد فترة قصيره من وصوله إلى غرب أستراليا حصل على عمل "طبيب مقيم" في مستشفى فريمانتل حيث بدأ مشواره المهني في أستراليا.
"بعد أربعة أشهر من عملي، قال ليس رئيس القسم أنه لابد من الذهاب لحضور مباراة "كرة القدم" في نادي فريمانتل الذي كان بجوار المستشفى ليلة الجمعة."

د. سعود حمزة مع رئيس القسم في المستشفى Source: Supplied
لم يتصور د. حمزة إن "كرة القدم" التي قصدها رئيس القسم كانت تختلف عن كرة القدم التي عرفها في العراق حيث نشأ.
وأضاف د. سعود لأس بي أس عربي24 "عندما ذهبت للملعب كان بمثابة مفاجأة لي أن أرى اللعبة مختلفة تماماً ولحسن الحظ فقد كان رئيس القسم جالسا إلى جانبي في مدرجات الملعب وبدأ يشرح لي قواعد اللعبة."
أكثر ما جذب الجراح الشاب للعبة – بحسب ما يذكر- كثرة الأهداف وأجسام االاعبين وقوة المباراة.

د. سعود حمزة في مقر نادي فريمانتل Source: Supplied
ومنذ ذلك الحين بدأ د. سعود حمزة مشواره مع الفوتي الاسترالي مشجعاً ومتابعاً حيث بدأ بالتعرف على تفاصيل اللعبة ومبارياتها ومن ثم سجل نفسه وعائلته كمشجعين لنادي فريمانتل لكرة القدم في غرب أستراليا.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أنه بسبب حضوره المتواصل لمباريات الفريق ولكونه مشجعاً مثابراً فقد أرسل له نادي فريمانتل شهادة تقديرية بعد مرور عشر سنوات على تسجيله في النادي كمشجع.

الشهادة التقديرية من نادي فريمانتل Source: Supplied
"كان الأمر الأكثر اثارةً لي عندما كنت حاضراً مباراة "الديربي" في النادي ذات ليلة بصحبة زوجتي وشاهدت صورتي معها على الشاشة الكبيرة للملعب كجزء من تقدير النادي لي ولمسيرتي معهم."
الصدفة لم تجعل من د. سعود حمزة مشجعاً للفوتي فقط، بل أيضاً جاءت مرة أخرى لتعيده لممارسة الجراحة من جديد بعد أن بدأ أولا في مستشفى فريمانتل كطبيب مقيم أي طبيب متدرب في أول السلم التدرجي رغم أنه أنهى دراسة البورد العراقي والعربي في مستشفى مدينة الطب ببغداد عام 1999 وأصبح جراحاً ممارساً.

صورة د. سعود حمزة وزوجته على الشاشة الرئيسية للملعب Source: Supplied
يقول د. سعود إنه ذات ليلة كان يعمل ليلاً في المستشفى فيما كان جراحٌ آخر يجري عملية جراحية "معقدة" وقد طلب من الطاقم الخفر أن يرسلوا له أي طبيب موجود ليلاً لمساعدته.
وشاءت الصدف أن يكون د. سعود حمزة ذلك الطبيب الذي سارع لأخذ مكانه بالقرب من الجراح يناوله الأدوات الجراحية أولاً ويقترح عليه في بعض الأحيان الخطوة القادمة في العملية خاصة وأن الجراحة كانت معقدة وطالت لبعض الوقت.
وبعد أن أدرك الجراح أن د. سعود له ألمام بما يقوم به وبعد أن طال وقت الجراحة أقترح عليه أن يتبادلا الأدوار مما أعطى فرصة ذهبية للدكتور سعود أن يثبت عملياً كفاءته.
أنتهت العملية حوالي الساعة 4 فجراً من تلك الليلة وكانت ناجحة للمريض ولكنها كانت أكثر نجاحاً بالنسبة للدكتور سعود حمزة.
"بعد عدة أيام استدعاني رئيس القسم وقال لي أن الطبيب الجراح أثنى على عملي وأوصى باعطائي فرصة للعمل بصفة جراح متدرب وأن القسم وافق على التوصية."
ومنذ لك الحين، بدأ مشوار د. سعود في الجراحة من جديد بفضل الصدفة والمثابرة ليصبح اليوم رئيساً لوحدة جراحة الصدر في مستشفى تعليمي في غرب أستراليا.
كما حقق د. سعود حمزة انجازاً آخر على الصعيد الشخصي حيث وافقت كلية الجراحين الاستراليين على وضع اسم والده الراحل د. عزيز حمزة على منحة سنوية تقدم للاطباء من المناطق الريفية الذي يريدون تطوير مهاراتهم في ولاية غرب أستراليا.
ود. عزيز حمزة- والد سعود- كان أستاذاَ للأدب الانجليزي في جامعة بغداد وساهم في تطوير مناهج تعليم الانجليزية في العراق.
يمكن الاستماع الى برامج أس بي اس عربي عبر الراديو الرقمي في البيت أو السيارة على مدار الساعة.