نستذكر هذا الشعار في اليوم العالمي للاجئين، والذي يحييه العالم اليوم في منتصف أسبوع اللاجئين، وسط صدمتين عالميتين من العيار الثقيل، مصدرُهما الولاياتُ المتحدة: صدمة إعلان واشنطن انسحابَها من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وصدمة حقوق الإنسان في أقفاص أطفال اللاجئين عند الحدود الأميركية مع المكسيك. هكذا تمتزج قصة اللجوء بحقوق الإنسان لتصبح قصيدة حزينة من شطرين، شطر يبحث عن الإنسان، وشطر يسأل عن حقوقه عند الأسوار التي تبنيها الدول أمام ملايين البشر الهائمين على وجوههم.
وبين حقوق الإنسان واللاجئين حكاية طويلة، فهما صُنوان يسيران يداً بيد، علماً أنهما ليسا توأمين لأنهما لا يولدان معاً، بل أن الثانية تولد من رحم الافتقار إلى الأولى! فلولا كانت حقوق البشر مصانة حيث يولدون ويترعرعون ويعشقون الأرض وترابها وشجرها وماءها، لما اضطروا إلى النزوح، وترْك بيوتهم ودفءِ جدرانها، والافتراق عن أحبائهم وقلوبهم الطيّبة. يغادرون إلى أطراف الأرض بحثاً عن ملاذ آمن، وتبقى روحهم معلقة في سماء وطن بعيد يتحوّل ذكرى حزينة في الوجدان.
أمّا حجة واشنطن لانسحابها من مجلس حقوق الإنسان فهي أن هذا المجلس بات "منظمة لا تستحق اسمها". هذا ما قالته السفيرة الأميركية لدى مجلس الأمن نيكي هايلي وإلى جانبها وزير الخارجية مايك بومبيو (Pompeo)، مضيفةّ أن هذا المجلس يضم "أسوأ الأنظمة في العالم لناحية حقوق الإنسان" وأنه يمارس "انحيازاً مزمناً ضد اسرائيل". واعتبرت هايلي أن الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان ضروري لكي لا تبقى بلادُها "جزءاً من منظمة خبيثة تخدم نفسها وتسخر من حقوق الإنسان".
ويضم مجلس حقوق الإنسان دولاً ترسم المنظمات الإنسانية العالمية علامات استفهام حول سجلّها. عدد الدول الأعضاء في هذا المجلس 46، بينها أفغانستان، العراق، السعودية، قطر، الإمارات، مصر، الكونغو، تونس، باكستان، الصين وأستراليا. وقد أعربت وزيرة الخارجية الأسترالية جولي بيشوب عن خيبة أملها لانسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان.
ويأتي القرار الأميركي، فيما العالم لا يزال يعيش صدمة الصور والأفلام المنقولة من الحدود الأميركية مع المكسيك حيث يتم فصل أطفال طالبي اللجوء عن أهاليهم ووضعهم في سجون تشبه الأقفاص الضخمة، حتى يتم ترحيلهم إلى بلدهم. ويُقدر عدد الأطفال الذين فُصلوا عن أهاليهم بموجب سياسة الإدارة الأميركية التي دخلت حيّز التنفيذ قبل شهرين، حوالى ألفيْ طفل. الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد أنه ماضٍ ٍ في تشدده إزاء طالبي اللجوء، رافضاً أن تتحول بلاده ما وصفه بـ "مخيّم للاجئين".
نناقش هذا الموضوع مع الصحافي والكاتب جوني عبو.