أول ما يتبادر إلى الذهن لدى الحديث عن العمل الخيري، هو التبرع المادي الذي يسهم بلا شك في تخفيف المصاعب الجسدية والنفسية التي يعاني منها المرضى، ولكن لقصة ميرنا الشعار أبعاد أكثر عمقاً تتداخل فيها تفاصيل سنوات طويلة من العمل الاجتماعي وتجربة شخصية اطلعت من خلالها عن قرب على معاناة أشخاص مقربين منها عانوا من أمراض مستعصية.
وتقول ميرنا التي تعمل كمستشارة ثقافية في دائرة الخدمات الاجتماعية، أن اتخاذها لقرار قص شعرها بالكامل والتبرع به لأطفال مرضى لم يكن وليد اللحظة. وفي حديث لراديو أس بي أس عربي24 تطرقت لأثر والدها وطريقة تربيته على مجريات حياتها والقرارات التي اتخذتها بعد موته في عام 2010 بعد صراع مع مرض السرطان.
تقول ميرنا: "بدأت بتجميع مذكرات والدي. ترك لنا حقيبة مليئة بيومياته التي واظب على كتابتها لسنوات طوال." واستذكرت العادة التي دأب والدها عليها بالتبرع بالدم وزيارة المرضى بانتظام، ولكنها لم تكن تدرك في ذلك الوقت الأبعاد الإنسانية لهذه الأفعال.
أصيب والدها بمرض السرطان وتم تشخصيه بمرحلة متأخرة استعصت على العلاج. في هذه الفترة استشعرت ميرنا مدى حاجة المريض للمؤازرة المعنوية، مما دفعها للتطوع في هذا المجال والتخفيف عن المرضى من خلال قضاء الوقت معهم.

Source: Supplied
قرار قص الشعر
"لأنه عزيز وغالي، رافقني كل عمري" بهذه الكلمات وصفت ميرنا القيمة التي يمثلها شعرها بالنسبة إليها وهو ما دفعها للتبرع به. تقول ميرنا أنها رغبت بتقديم شيء عزيز على قلبها للتأكيد على تضامنها الفعلي مع المرضى وخصوصاً الأطفال ممن فقدوا شعرهم نتيجة إصابتهم بأمراض السرطان ونقص المناعة وأمراض مزمنة أخرى تؤدي إلى تساقط الشعر.
وتعتبر ميرنا أن التبرع المادي لا يكفي لوحده، لأن الوحدة التي يعاني منها المرضى أقسى وأشد وطأة لا سيما إذا ما فقدوا شعرهم مما يعمق من شعورهم بالغربة عن المجتمع لذا قررت بعد تفكير قص شعرها الذي بررته بالقول "قصصته لأمشي مع المرضى جنباً إلى جنب ولنشعر معاً أننا نحمل تيجان على رؤوسنا."
ونصحت ميرنا السيدات الراغبات باتخاذ خطوات مشابهة، بضرورة التفكير ملياً في قرارهم وأن يكن متعافيات جسدياً ونفسياً لأن اتخاذ القرار عن قناعة يمنح عطاءهن نكهة أكثر تميزاً وعمقاً.
كيفية التبرع بالشعر
تبرعت ميرنا بشعرها إلى جمعية Variety التي تعنى بالأطفال. حيث تبرع حتى الآن أكثر من 20 ألف شخص بشعرهم لرسم ابتسامة على وجه الأطفال الذين فقدوا شعرهم نتيجة إصابتهم بأمراض مزمنة. وتقول ميرنا أنه يتعين على المتبرع أو المتبرع أن يكون من أصحاب الشعر الصحي حتى يتمكن الأطفال المرضى من استخدامه في أنشطة حياتهم اليومية.
هل من رسالة وراء القرار؟
انتقدت ميرنا الطريقة التي يتبعها البعض بالتعامل مع الحزن والمواقف المؤلمة التي تعصف بنا، وشرحت في ضوء تجربتها الخاصة مع والدها الراحل، الأثر الايجابي لتقربها من مرضى السرطان لتفهم معاناتهم بصوة أفضل.
وأضافت: "التطوع بالوقت يعود بالفائدة على الطرفين، المريض من جهة وكذلك المتبرع الذي يعالج معاناته بصورة أو بأخرى."
استمعوا لقصة ميرنا الشعار باللغة العربية في التسجيل الصوتي المرفق بالصورة.



