تخوفَ خبراء اقتصاديون من أن تلتهم الحرائق بمفردها 0.5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي أو ما قدره عشرة مليارات دولار خلال النصف الأول من عام 2020، يُضاف إلى ذلك تراجع في النمو قد يصل إلى 0.2 بالمئة في الفترة نفسها بسبب تأثيرات فيروس كورونا.
ويقول السيد رولاند جبور الرئيس الوطني لغرفة الصناعة والتجارة الأسترالية العربية إن هذا التخوف في مكانه، وقال "طالما أن هذا الموضوع ما زال يتطور، ولم نزل في المرحلة الأولى منه، فمن الصعب أن نقيم مدى التأثير الذي لا شك بأنه سيكون سلبيا على الاقتصاد الأسترالي"
غير أنه تساءل عما إذا كان هذا التأثير سيصل إلى حالة من الركود تعكس النمو المستمر الذي تمتعت به أستراليا خلال 29 عاما بلا انقطاع.
وبدأت شركات السياحة والمبيع بالتجزئة باستشعار الضائقة المالية بسبب الحرائق والدخان الذي نتج عنها، ليأتي فيروس كورونا ويصاعد من الضغوط.
كما ووجد قطاع التعليم نفسه يئن تحت تداعيات فيروس كورونا.
ونبه أحد كبار الاقتصاديين في شركة AMP شاين اوليفر إلى أن تأثير فيروس كورونا سيطال قطاعات مثل شركات الطيران، والفنادق، وشركات السياحة، ومحلات بيع التجزئة والجامعات والمدارس.

Coronavirus travel ban sees Chinese students miss start of university, Australian tertiary education sector scrambling. Source: Unsplash / Fred Moon
وقال: " قد يتأثر قطاع البيع بالتجزئة أيضا إذا ما هزّ انتشار الفيروس ثقة الناس بحيث يقررون البقاء في المنزل لتجنب التعرض للفيروس".
وكشف استطلاع دولي خاص قامت به مؤسسة Roy Morgan أن ثقة المستهلكين الأستراليين تميل إلى التشاؤم، حيث وجد الاستطلاع أن 40 بالمئة من الأستراليين يتوقعون أن يكون عام 2020 أسوأ من عام 2019، وهذه النسبة هي الأكثر تشاؤما ضمن الاستطلاع الذي شمل سبعًا وأربعين دولة.
وقد تأثرت العديد من الشركات المدرجة في سوق الأسهم والمكشوفة على الصين بالفعل، ومن الأمثلة على ذلك: تراجع قيمة أسهم شركة Webject بنسبة 18.2 بالمئة هذا الأسبوع. وتراجعت أسهم شركة Star Entertainment الخاصة بأعمال الكازينوهات بنسبة 11 بالمئة، أما كوانتاس فتراجعت قيمة أسهما بنسبة 3.7 بالمئة، كما وخسرت مجموعة Fortescue Metals للتعدين 9 بالمئة.
وقد فسر اقتصاديون هذه النتائج بالقول إن الأضرار المادية الحقيقية بالإضافة إلى تراجع الإنفاق الناتج عن الحرائق شكلت خطرا حقيقيا على سجل أستراليا الذي خلا من الركود منذ تسعة وعشرين عاما.
ومن جهتها اعترفت الحكومة الفدرالية أن الحرائق كبدت ميزانية العام 2019 – 2020 مبلغ 500 مليون دولار خصصتها الحكومة لمساعدة المجتمعات المتأثرة بالحرائق.
كما وقد تجبر الحكومة الفدرالية على إنفاق المزيد من الأموال من الفائض لكي تدعم الاقتصاد إذا ما زادت أزمة انتشار الفيروس.
وقال السيد رولاند جبور "إذا نظرنا إلى الصين وما تمثله بالنسبة للتبادل التجاري الاسترالي، فإنها تشكل ربع حجم التبادل التجاري الاجمالي لأستراليا، أي ما يساوي حوالي 190 إلى 200 مليار دولار، ولا شك أن هناك العديد من القطاعات التي ستتأثر نتيجة لهذه الأزمة بشكل مباشر، منها القطاع السياحي والخدماتي، والذي بدأنا نرى التأثير المباشر عليه".
وهناك تخوف من تراجع عدد السياح الصينيين بسبب الحرائق والفيروس، علما بأن 1 فاصل 4 مليون صيني زاروا أستراليا العام الماضي، وأنفقوا قرابة 12 مليار دولار.

Vivid Sydney’s festival of light, music and ideas returns to illuminate Sydney with mesmerising new light art and projections. Source: Tourism Australia
وكان رئيس الحكومة سكوت موريسون أعلن بداية الاسبوع عن تنفيذ حظر على دخول الأجانب الذين تركوا الصين أو مروا عبرها، إلى أستراليا على أن يستمر هذا الحظر لفترة اسبوعين على الأقل، في محاولة لاحتواء انتشار الفيروس.
جاء هذا بعد وصول عدد حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس في أستراليا إلى 12 حالة، كان آخرها زوج وزوجة صينيين، في جنوب أستراليا.
وقال موريسون إن "التداعيات الاقتصادية الأشمل لهذا القرار، ليست على رأس الأمور التي تقلق الحكومة الآن، لكنها على علم بها".
وتصل نسبة الطلاب الدوليين الصينيين في بعض جامعات أستراليا الأهم إلى 20 بالمئة من عدد الطلاب.
وقالت جامعة سيدني "إن الطلاب المتأثرين بهذا القرار الذين لا يستطيعون السفر للبدء بالدراسة لديهم خيار إما أن يؤجلوا أو أن يستعيدوا الرسوم التي دفعوها".
وقال السيد رولاند جبور "قطاع التعليم الدولي الذي يشكل أيضا جزءا أساسيا من الصادرات الأسترالية، أو ما يعادل 16 مليار دولار، وهو ثاني أكبر مصدر صادرات للاقتصاد الأسترالي، وهناك حوالي 200 ألف طالب دولي من الصين كان من المتوقع أن يبدؤوا الدراسة في الموسم الحالي، وهذا القطاع سيتأثر بشكل مباشر"
وأضاف "كذلك ستتأثر المواد الأولية نتيجة إغلاق العديد من المصانع والمؤسسات الانتاجية في الصين، بالإضافة إلى الواردات الصينية التي تنعكس على أكثر من قطاع أسترالي".
وعبر السيد جبور عن اعتقاده بأنه "يمكن للحكومة الأسترالية أن تتخذ إجراءات، وهي إجراءات معروفة بهذه الحالة، مثل أن تقوم بضخ إضافي لتمويل بعض البنى التحتية، ولدينا مساحة في الاقتصاد الأسترالي مقارنة مع بقية الدول، دول العالم النامية، مما يؤهل أستراليا لأن تضخ سيولة إضافية في الاقتصاد في محاولة لتعويض جزء من هذا التراجع الناتج عن هذه الأزمة التي سببها الفيروس".

A fille photo of the Henty mine in Tasmania. Source: AAP
أما المحاضر في الاقتصاد في جامعة غرب أستراليا جاكوب مادسن فيعتقد أن تأثير الحرائق على الاقتصاد ستكون على المدى القصير حيث سيتأثر الناتج المحلي الاجمالي في الأشهر المقبلة قبل أن تبدأ عمليات إعمار المناطق المتضررة بتعزيز النمو في النصف الثاني من السنة.
لكنه نبه إلى أن قطاع السياحة سوف يتأثر لفترة أطول نظرا للتغطية العالمية لسياسات الحكومة المتعلقة بالمناخ والتي تم تسليط الضوء عليها خلال التغطية العالمية للحرائق.
وقال "بدت أستراليا غير آبهة للاحتباس الحراري العالمي، فالسياحة هي أمر سياسي، وهذا ينطبق أيضا على خدمات التعليم وتصدير السلع أيضا."
استمعوا إلى اللقاء مع السيد رولاند جبور في المدونة الصوتية في أعلى الصفحة.