النقاط الرئيسية:
- في أستراليا إذا لم يتمكن الزوجان من تقرير كيفية تقسيم الثروة والممتلكات بعد الطلاق فإن الأمر متروك لمحكمة الأسرة لاتخاذ القرار
- لا يزال البعض داخل المجتمع العربي يستخدم الدين للوم المرأة التي تسعى للحصول على نصيب من الثروة الزوجية بعد الطلاق
- يعتقد بعض الرجال العرب أن ما يصلح للمجتمع الأسترالي الأوسع لا يصلح بالضرورة للجالية العربية حيث يختلف تقسيم الأدوار والمسؤوليات داخل الأسرة
سناء (اسم مستعار) حصلت على الطلاق منذ اثني عشر عامًا ، لكن خلال معظم تلك السنوات كان أطفالها الأربعة يعيشون مع زوجها السابق.
تقول سناء: "كان الأمر صعباً ، لكن لم يكن لدي القدرة المالية على تحمل النفقات".
"كان علي أن أحصل على وظيفة وأستقر ماديا أولا."
في وقت الطلاق كان لدى سناء طفلان تحت سن الخامسة.
وعلى الرغم من افتقارها إلى الاستقرار المالي اختارت سناء التي تعيش في سيدني عدم السعي لاقتسام الثروة الزوجية مع طليقها.
تقول سناء: ""القرف" هي الكلمة التي تصف ما شعرت به. شعرت بالقرف من فكرة أنني بحاجة إلى المال من شخص ما."
"لم أكن أريد أن يأتي زوجي السابق لي يومًا ما ويقول إنك أخذت أمواله. أفضل أن أكون مظلومة على أن أكون ظالمة".
في أستراليا إذا لم يتمكن الزوجان من تقرير كيفية تقسيم الثروة والممتلكات بعد الطلاق فإن الأمر متروك لمحكمة الأسرة لاتخاذ القرار.
لكن بعض النساء العربيات يشعرن بعدم الارتياح حيال أخذ نصيب من الثروة التي تكونت أثناء الزواج.
الأسباب هي مزيج من الثقافة والدين.
رأي الدين في تقسيم الثروة بعد الطلاق
وفقًا للبحث The Concept of Matrimonial Property: Conditions and Regulations فإن تقاسم الثروة بين الزوجين موضوع مثيرًا للجدل بين المسلمين على وجه الخصوص.
وتشير الدراسة إلى أن العديد من علماء الدين الإسلامي يعتقدون أن اقتسام المال بعد الطلاق "يخالف ما نصت عليه الشريعة من وجود ذمة مالية مستقلة لكل من الزوجين".
أصدر مجلس مجمع الفقه الإسلامي العالمي (IIFA) فتوى في عام 2018 تنص على أن "ممتلكات الزوجين سواء كانت ناتجة عن عقد الزواج أو لأسباب أخرى تعتبر ملكية شخصية لصاحبها".
وتضيف الفتوى أنه "لا يوجد مانع شرعي إذا وافق الزوجان على تقاسم ممتلكاتهما بناءً على الموافقة والاختيار الشخصي".
ومع ذلك ، فإن رأي المجلس يخرج قليلاً عن الموقف التقليدي من خلال توضيح أنه عند الطلاق يحق للزوجة اللجوء إلى المحكمة للمطالبة بالتعويض عن "الخسائر التي أثرت عليها" أثناء الزواج.
لدى الدكتور إبراهيم أبو محمد مفتي أستراليا رأي مشابه.
يقول الدكتور إبراهيم: "الزوجة التي ساهمت في زيادة ثروة الأسرة لها الحق في طلب نصيب منها عند الطلاق".
ومع ذلك لا يزال البعض داخل المجتمع العربي يستخدم الدين للوم المرأة التي تسعى للحصول على نصيب من الثروة الزوجية بعد الطلاق.
تقول سناء: "حتى لو دعمها عدد قليل من الناس فإن بقية المجتمع سيتهمونها بظلم زوجها السابق."
"بالتأكيد يتم استخدام الأعذار الدينية ضد النساء في هذه الحالة".
يوضح المحامي هاشم الحسيني أن القانون الأسترالي لا يفرق بين الرجل والمرأة.
"التوزيع لا يحابي النساء على الرجال كما يعتقد البعض أحيانًا".
وأضاف: "كل هذا يتوقف على مساهمة كل شريك في الثروة ، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة".
ولأن النساء العربيات وخاصة في الأجيال الأكبر سنًا هن في الغالب من يتخلون عن العمل خارج المنزل لرعاية الأسرة ، فإنهن ، وفقًا لهاشم يُنظر إليهن على أنهن "غير مستحقات" لحصة من الثروة المشتركة.
يقول هاشم: "لقد نشأنا في ثقافة لا يقدر فيها الرجال الأعمال المنزلية ولا يرونها مساوية للعمل خارج المنزل. هذا الشكل من العمل ينظر إليه على أنه عمل مجاني ".
وأضاف: "من يبقى في المنزل ويعتني بالمنزل والأطفال يمكّن الآخر من العمل بالخارج والارتقاء بحياته المهنية".

Credit: Unsplash
"إذا كان الزوج قد وظف شخصًا للقيام بكل هذه الأعمال المنزلية طوال تلك السنوات لكان قد دفع له ثروة طائلة".
ومع ذلك يعتقد بعض الرجال العرب أن ما يصلح للمجتمع الأسترالي الأوسع لا يصلح بالضرورة للجالية العربية حيث يختلف تقسيم الأدوار والمسؤوليات داخل الأسرة.
يقول محمد حمدي: "الرجل العربي هو المعيل ، ووفقا للدين والتقاليد والثقافة فهو المسؤول بالكامل عن إعالة الأسرة مالياً."
"حتى لو كانت الزوجة تعمل فإن مساهمتها المالية اختيارية ومحدودة".
وأضاف: "ليس الأمر كما هو الحال مع الأزواج الغربيين حيث يتم تقسيم النفقات العائلية بين الشريكين بالتساوي".
تحدث كمال موسى الذي يصنع مقاطع فيديو على YouTube لمساعدة المشاهدين الناطقين بالعربية في الهجرة إلى أستراليا ايضا عن الخصوصية الثقافية.
"زوجتي تعمل لكن دخلها يستخدم في نفقاتها الشخصية."
"إنها تساهم في مصروفات الأسرة من وقت لآخر لأن الحياة في أستراليا تحتاج إلى تعاون لكن مساهمتها لن تكون أبدًا بنسبة 50 في المائة".
لذلك يعتقد كل من حمدي وموسى أنه من "الظلم" للزوج أن يتنازل عن نصيبه من ثروته لزوجته السابقة بعد إنفاق الكثير من المال أثناء الزواج.
يقول محمد: "قد تكون الزوجة هي الأغنى عند الطلاق بسبب عدم تحملها مسؤوليات مالية".
هناك تصور شائع داخل المجتمع العربي بأن الثروة تقسم بالمناصفة في حالة الطلاق.
لكن هاشم يوضح أن الأمر ليس بهذه البساطة نظرًا لتنوع الظروف.
يقول هاشم: "وفقًا للقانون لا توجد نسبة ثابتة للتسوية المالية بعد الطلاق في أستراليا".
"الأمر يختلف من حالة إلى أخرى."
وعندما يصبح الدين أيضا جزءا من المعادلة يصبح الطلاق بين الأزواج المسلمين في أستراليا أكثر تعقيدًا.
تقليديا لا تعترف الشريعة الإسلامية بمفهوم الثروة الزوجية.
غير أن الشريعة الإسلامية تمنح المرأة استحقاقات مالية محددة عند الطلاق مثل المؤخر ونفقة المتعة.
لذلك فبالإضافة إلى اتباع قانون الطلاق الأسترالي قد يحتاج الزوجان أيضًا إلى تحديد كيفية تطبيق الشريعة الإسلامية في حالتهما.
تصف فتوى معهد الفقه الإسلامي (IIFA) اللجوء إلى المحكمة بأنه "استخدام معاصر" للاستحقاقات المالية التي حددتها الشريعة الإسلامية.
يقول كمال إنه إذا مر بتجربة طلاق في يوم من الأيام فإن الشريعة الإسلامية ستكون مرجعيته.
ويوضح قائلاً: "يمكن للزوجين عمل اتفاق غير رسمي بناءً على الشريعة".

Credit: Unsplash
"لقد كان مبلغًا صغيرًا من المال لذلك مررت بصعوبات مالية".
يقول الدكتور أبو محمد إنه بعد 20 عامًا من الزواج ، على سبيل المثال ، سيكون المبلغ المالي المحدد في عقد الزواج ضئيلًا على الأرجح.
"في بعض حالات الوساطة التي شاركت فيها كان المبلغ الذي يدين به الزوج للزوجة بموجب عقد الزواج أقل من 100 دولار".
وأضاف "يجب أن يتم حساب المبلغ مقابل مرجع ثابت كالذهب مثلا".
ربا (اسم مستعار) أم لثلاثة أطفال حصلت على الطلاق قبل ستة أعوام ولكنها فشلت في الحصول على نصيب من الثروة الزوجية لأن زوجها السابق أخفى ممتلكاته في وطنه.
قالت بأسف: "لم يكن لدي أي وثائق تثبت ذلك".
ولكنها سعيدة لأنها ظلت تعمل طوال الوقت مما أنقذها من الوقوع في ضائقة مالية عند الطلاق.
تعتقد ربا أن المشكلة تكمن في أن بعض الأزواج المسلمين يتعاملون مع الطلاق بمنطق انتقائي.
تشرح قائلة: "يريد الناس استخدام مزيج من القانون الأسترالي والشريعة الإسلامية لصالحهم".
"يجب أن يلتزموا بواحد منهما."
يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر هذا الرابط أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.