السؤال عن المال ليس صدفة، بل يشير إلى معضلة حقيقية لم تكن في الحسبان: انتفاء الإرادة الدولية لإطلاق عملية البناء في المرحلة الراهنة.
هذا ما يُفهم من وثيقة سرية للأمم المتحدة سُرِّبت إلى وسائل إعلام روسية. الوثيقة التي نُشرت اليوم عبارة عن توجيه من صفحتين عمّمته الأمم المتحدة على وكالاتها كافة وتشدّد فيه على ضرورة حصول تغيير في السلطة قبل أن تساهم في إعادة إعمار سوريا.
وممّا جاء في الوثيقة الأممية السرية أنه "فقط عندما يكون هناك انتقال سياسي حقيقي وشامل تناقشه الأطراف المعنية، تكون الأمم المتحدة مستعدة لتسهيل البناء". وسائل الإعلام الروسية اعتبرت أن هذا الموقف ينمّ عن نية دولية لإطاحة الرئيس بشار الأسد.
وتسهيل عملية البناء مَهمةٌ ضخمة بحدّ ذاتها، إذْ تستوجب حشد دعم دولي هائل لها، عن طريق إنشاء نادٍ للدول المانحة برعاية الأمم المتحدة. وتقدر حجم الأضرار في سوريا بـ 400 مليار دولار.
وجاء أيضاً في الوثيقة الدولية السرية الخاصة بسوريا أن "الأمم المتحدة لن تشجع عودة اللاجئين والنازحين، لكنها ستدعم العائدين لضمان عودة سالمة وكريمة لهم...". بعض المراقبين يرى في هذا الموقف إشارةً أخرى إلى انتفاء النية الدولية لحل أزمة اللاجئين قبل حصول انتقال للسلطة في سوريا.
في أيّ حال، وبغضّ النظر عن المواقف الدولية من مساعدة سوريا على العودة إلى زمن أفضل، انطلقت مبادرات فردية من قبل مواطنين سوريين نحو الخارج لتشجيع مواطنيهم المغتربين على المساهمة في إعادة إعمار بلادهم. من أصحاب مثل هذه المبادرات الكاتبة والمهندسة المعمارية مروة الصابوني التي زارت أستراليا الأسبوع الماضي ضمن حملة لتشجيع المغتربين على الانخراط في عملية إعادة الإعمار.
وقدّمت مروة الصابوني ندوة حول كتابها "المعركة من أجل الوطن: مذكرات معمارية سورية" (The Battle for Home: Memoir of a Syrian Architect)، وذلك ضمن فعاليات مهرجان Antidote الذي استضافته دار الأوبرا في سيدني خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي. واختارت الكاتبة البقاء في سوريا طوال الحرب، وتحديداً في مدينتها حمص، ثالث أكبر المدن السورية، مع زوجها وطفليهما، على رغم تعرض 60% من أبنيتها للدمار.
سنعود لاحقاً إلى حديث أجرته منال العاني مع الكاتبة مروة الصابوني خلال وجودها في أستراليا. أما الآن فنناقش الوثيقة الدولية السرية مع الصحافي والكاتب جوني عبو.