بدأت رحلة آيتن قبل سنوات قليلة حين كانت تتشارك وصديقتها في تنفيذ بعض التصاميم البسيطة، ومتابعة التحديات الفنية المنتشرة في العالم العربي. لكن شيئًا ما كان مختلفًا؛ كان هناك دافع أعمق من مجرد الشغف: "أردنا أن نترك بصمة، ووجدنا أن التطريز الفلسطيني هو طريقنا"، كما تقول.
لكن التطريز بالنسبة لآيتن لم يكن هواية عابرة، بل وسيلة للتعبير عن انتماء راسخ وهويّة تعتز بها.
"كنّا نبحث عن طريقة نوصل فيها صوتنا ورسالتنا. وجدت في التطريز لغة يفهمها الجميع دون أن نتكلم".
رحلة تعلم ذاتية وإحياء للذاكرة
ورغم عدم توفر تعليم تقليدي في هذا المجال، خاضت آيتن رحلة تعلم ذاتي بدأت بالكتب والفيديوهات التعليمية. وتصف هذه التجربة قائلة: "كل غرزة كنت أتعلمها جعلتني أشعر بالانتماء أكثر، وكأنني أكتب قصة جديدة بخيط وإبرة".
ولم تكتفِ آيتن بتعلم الغرز، بل بحثت في خلفيات النقوش ورمزية كل تصميم:
عندما أقرأ عن تاريخ التطريز الفلسطيني، وأرى ارتباطه بكل قرية وكل قصة، أشعر أنني لا أنسج قماشاً فقط، بل أحافظ على ذاكرة أجيال.

نموذج من تطريز آيتن محفوظ
مع مرور الوقت، اتسعت دائرة إبداع آيتن لتشمل الفنون العربية والإسلامية الأخرى، بما في ذلك التصاميم الهندسية والفن الإسلامي. "بدأنا نعمل على تحديات مرتبطة بالفن الإسلامي والمشاركات الجيومترية. مع كل تصميم نتعلم شيئاً جديداً"، تقول، في إشارة إلى التطور الفني الذي عايشته.
الفن كلغة عالمية
المفارقة التي عاشتها آيتن أن التطريز لم يكن فقط جزءاً من حياتها الفنية، بل دخل حتى في تفاصيل حياتها اليومية. ففي أحد الأيام، أثناء مرافقتها لأحد أقربائها في المستشفى، لفتت تطريزاتها أنظار الناس الذين بدأوا يسألون عنها باهتمام. "شعرت حينها أن الفن لغة عالمية، تفتح باب الحديث مع أي شخص، مهما كانت خلفيته"، تروي آيتن.
ومن هذا الشغف، قررت آيتن أن تنقل تجربتها للآخرين، فأعلنت عن تقديم أول ورشة عمل عامة في 9تشرين الأول /أكتوبر من الساعة 10:30 صباحًا وحتى 12:30 ظهرًا. الورشة موجهة لكل من يرغب في التعرف على فن التطريز وخباياه، والتسجيل متاح للجميع.
توضح آيتن أن الهدف من الورشة لا يقتصر على تعليم الغرز فقط، بل يتعدى ذلك ليكون دعوة للتأمل والتواصل مع الذات والجذور.
"التطريز ليس مجرد مهارة يدوية، بل وسيلة للتأمل والسلام الداخلي. حتى لو لم يكن تطريزًا، يكفي أن يكون لديك شغف يربطك بعالمك الداخلي"، تضيف بابتسامة هادئة.
خيط يصل الماضي بالحاضر
تؤمن آيتن أن كل غرزة هي خيط يصل بين الماضي والحاضر، وأن كل قطعة فنية تحمل في طياتها حكاية وهوية. "أؤمن أن كل خيط ننسجه يربطنا بتاريخنا ويعطينا معنى أعمق للحياة. وهذا ما أريد أن أشاركه مع الناس"، تقول بنبرة واثقة.استمعوا لتفاصيل أكثر بالضغط على زر الصوت في الأعلى.
استمعوا لتفاصيل أكثر عن التطريز و رحلة الشغف بالضغط على زر الصوت في الأعلى.