قدّم الدكتور فالح فرنسيس، اختصاصي الطب الرياضي وجراحة الاصابات الرياضية، محاضرة فكرية حملت عنوان "أنا أربح وأنت تربح"، ضمن ندوة نظمها ملتقى الاربعاء الحواري في مدينة ملبورن ، وناقش فرنسيس وهو عضو المنتدى العراقي الاسترالي مفهوم الربح المشترك بوصفه استراتيجية إنسانية وعملية لإدارة الخلافات وتحويل الصراع إلى تفاهم.
وأوضح فرنسيس وهو عضو المنتدى العراقي الاسترالي أن هذا النموذج لا يقتصر على قاعات الاجتماعات أو طاولات التفاوض، بل يمتد إلى تفاصيل الحياة اليومية من بيئة العمل إلى الأسرة، ومن الشراكات المهنية إلى العلاقات الاجتماعية.
واستعرض المحاضر أبعاد هذه النظرية من خلال تحليل أنماط الشخصية وتأثير البيئة على السلوك التفاوضي كما سلط الضوء على إمكانية تحقيق حلول عادلة يربح فيها الجميع دون إقصاء أو تنازلات قسرية.

فالح فرنسيس: استراتيجية "أنا أربح وأنت تربح" تحول الصراع إلى تفاهم دون خاسر
وأشار إلى أن "هذه الاستراتيجية لا تنحصر في غرف التفاوض أو ساحات العمل، بل تمتد إلى الحياة اليومية، من العائلة والصداقة إلى المجتمع والاندماج الثقافي"، مؤكداً أن "الفوز المشترك" يتطلب شخصية متزنة وواعية، قادرة على رؤية الآخر كشريك لا خصم.
وأوضح فرنسيس في حديث لـ"أس بي أس عربي" أن نموذج "أنا أربح وأنت تربح" يُعبّر عن نمط سلوكي مفضل، يجمع بين المثالية والواقعية، وينبع من شخصية تميل إلى الحب والتفاهم، لا السيطرة والإقصاء وجسدها برمز البومة الحكيمة مبينا ان شعار هذا النمط هو "التكامل".
وأضاف أن هذا النمط يتقاطع مع أنماط أخرى مثل الشخصية الأنانية أو المساومة الماكرة أو الحقود، والتي جسّدها برموز حيوانية مثل القرش والسلحفاة والثعلب.
واستعرض المحاضر خمس شخصيات رمزية تعكس أنماطاً تفاوضية مختلفة ، وهي القرش الذي يربح على حساب الآخرين، والدب الذي يضحي بالذات من أجل الآخر، والسلحفاة التي تنكفئ في لحظة الصراع، والثعلب الذي يساوم بخبث ليعطي نصفاً ويأخذ نصفاً بطريقة ماكرة، بالاضافة الى البومة الحكيمة الشخصية المحبة التي تسعى لفوز مشترك دون تنازلات خادعة.
فالح فرنسيس : الإنسان قادر على تغيير سلوكه بحسب الموقف والبيئة
وأكد د. فالح فرنسيس أن "الإنسان قادر على تغيير سلوكه بحسب الموقف والبيئة"، موضحاً أن "المحب قد يتحول إلى قرش إذا شعر أن حقه مهدور، والعكس ممكن أيضاً"، ما يعكس مرونة الشخصية الإنسانية واستجابتها للمتغيرات.
وتناول المحاضر تأثير البيئة والمحيط على تشكيل الشخصية، مشيراً إلى أن "السياق الاجتماعي والثقافي، بدءاً من العائلة الصغيرة وصولاً إلى المجتمع الكبير، يلعب دوراً محورياً في إبراز نمط معين أو كبحه". كما أشار إلى دور العوامل الوراثية والجينات في بناء السمات الفردية.
وفي تحليله لهيكلية الشخصية، استعان د. فالح فرنسيس بنموذج "جبل الجليد" الذي يُظهر فقط جزءاً بسيطا من مكونات الشخصية، فيما تبقى الأجزاء الأعمق مثل الغرائز، الضمير، والاخلاق مخفية تحت السطح.
فالح فرنسيس : تجاهل اعماق الشخصية يقود الى علاقات هشة
واعتبر أن "تجاهل هذه الأعماق يقود إلى علاقات هشة، لأن التركيز على الظاهر يترك جذور النزاع دون معالجة".
ورداً على سؤال حول الهجرة وتأثيرها على الأنماط السلوكية، شبّه فرنسيس تجربة الانتقال إلى مجتمع جديد برياضي يتأقلم مع بيئة جديدة، مؤكداً أن "الانفتاح، والمرونة، والدعم الاجتماعي" تساعد في بناء شخصية متوازنة قادرة على التأقلم دون الذوبان أو الانغلاق.
فالح فرنسيس : اللاعب يبحث عن الأهداف بينما الحكم يبحث عن الأخطاء
وأشار إلى أن "الإنسان مرآة لمحيطه"، لكنه في الوقت ذاته قادر على كسر التأثير السلبي للمجتمع إذا امتلك الوعي والدافع مؤكدا ان "وجود أصدقاء جدد ومجتمع إيجابي يساعد على حياة أفضل" ودعا إلى "التركيز على الأهداف لا على أخطاء الآخرين"، مستشهداً بمقولة اختارها لاختتام محاضرته وهي ان "اللاعب يبحث عن الأهداف بينما الحكم يبحث عن الأخطاء."
وختم اللقاء بالقول إن التجربة الرياضية التي خاضها كلاعب كرة طائرة دولي علمته الكثير عن العمل الجماعي، والتوازن، وتحقيق الهدف المشترك، وهي ذات القيم التي حاول ترسيخها في محاضرته حول استراتيجية "أنا أربح وأنت تربح".
يمكنكم الاستماع للتقرير في التدوين الصوتي أعلاه.