أكد رئيس مركز المواطنة والعولمة في جامعة ديكن الدكتور فتحي منصوري، ، أن إعلان أستراليا نيتها الاعتراف بدولة فلسطين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، يمثل خطوة إيجابية رغم تأخرها، وفيما اشار إلى أنها تعكس تحولات في المشهدين الداخلي الأسترالي والدولي، فأنه استبعد ان تتراجع الحكومة الاسترالية عن خطوتها هذه التي اتخذتها "بعد تمعن" حسب تعبيره
وجاء الإعلان الأسترالي مشروطاً بعدم وجود أي دور لحركة حماس في الدولة الفلسطينية المستقبلية، وهو شرط يتوافق مع مواقف دول كبرى مثل بريطانيا وفرنسا وكندا ، ما يفتح نقاشاً واسعاً حول مستقبل النظام السياسي الفلسطيني ومفهوم المواطنة تحت هذه الشروط. وفي ظل رفض إسرائيلي وتحفظ أميركي، تثار تساؤلات حول انعكاسات هذه الخطوة على التوازنات الإقليمية، وإمكانية ترجمتها إلى مكاسب ملموسة على الأرض.
فتحي منصوري : الاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة ايجابية قد تمهد لعضوية كاملة بالامم المتحدة
وأوضح منصوري أن قرار أستراليا الاعتراف بدولة فلسطين في هذا التوقيت هو " خطوة إيجابية، خطوة إيجابية ربما قد تأخرت نوعاً ما من أستراليا" ، وفيما اكد انه "جاء بعد تراكم مؤشرات داخلية وخارجية"، فأنه لفت الى أن "الوعي الشعبي الأسترالي بحقوق الفلسطينيين وحقهم في تقرير مصيرهم بات في تصاعد، خاصة مع المشاهد الإنسانية الكارثية في غزة، والانفجار الكبير في وتيرة الاستيطان بالضفة الغربية".
وأشار ايضا إلى أن وزيرة الخارجية الاسترالية بيني وونغ لخصت الموقف بقولها "إذا انتظرنا أكثر من هذا، فربما لن يبقى شيء من فلسطين لنعترف به"، مبينا أن "الاعتراف قد يُصنَّف رمزياً، لكنه يحمل دلالات سياسية واستراتيجية عميقة".
ومضى منصوري إلى القول إن أستراليا، مثل بريطانيا وفرنسا، وضعت شرطاً بعدم منح حماس المصنفة دوليا على انها حركة ارهابية أي دور في مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقبلية ، ورأى انه يتعين على المجتمع الفلسطيني أن "يمضي إلى هذه المرحلة بطريقة ربما أكثر مرونة".
وأوضح أن "السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس قبلت جملة من الشروط التي تتضمن نزع السلاح، وعدم مشاركة حماس في الحكم، والاعتراف بإسرائيل".
وبيّن أن هذه الشروط، رغم حدّها من شمولية التمثيل، قد تدفع نحو إعادة هيكلة النظام السياسي الفلسطيني، مشيراً إلى أن "المشهد الداخلي الفلسطيني قد يتغير بطبيعته تحت ضغط الحرب على غزة والتطورات الميدانية"، لكنه أكد أن "الشعب الفلسطيني سيبقى صاحب القرار النهائي في اختيار ممثليه".
منصوري : لا اعتقد ان أستراليا ستتراجع عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية
وفصّل منصوري في أثر الاعتراف على المشهد الدولي، موضحاً أن هذه الخطوات الإيجابية قد تمهّد لعضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، ما يمنحها حماية أوسع ويزيد من إلزامية القرارات الدولية لصالحها.
ولفت إلى أن "الولايات المتحدة بصفة عملية باتت معزولة نسبياً في موقفها من الملف الفلسطيني، إذ لم تعد غالبية الدول الغربية تتبنى الموقف الأميركي تجاه القضية الفلسطينية".
واستبعد الدكتور فتحي منصوري ان تدفع الضغوط السياسية الحكومة الاسترالية إلى التراجع عن قرارها المرتقب بالاعتراف بدولة فلسطين وقال "لا اعتقد ان الحكومة الاسترالية ستتراجع عن قرارها لاننا كنا ننتظر خطوة الحكومة منذ مدة لان جل التحركات والتلميحات الاسترالية كانت دائما تشير الى امكانية الاعتراف بدولة فلسطين وانها كانت تنتظر اتخاذ الخطوة في الوقت الذي تراه مناسبا" .
وفيما أكد أن "المسيرات الضخمة في سيدني وملبورن أسهمت في تعزيز هذا الموقف" فأنه أشار الى ان الحكومة الاسترالية اتخذت خطوتها هذه "بعد تمعن وهي تدرك جيدا أن هذا الموقف هو الوحيد الذي قد يساعد على حل المسألة الفلسطينية".
ونبّه إلى أن الحكومة الأسترالية تدرك أن الاعتراف بدولة فلسطين قد يشكل وسيلة ضغط على إسرائيل لتغيير نهجها التصعيدي في غزة والضفة الغربية.
منصوري : الدبلوماسية الشعبية لعبت دورا حاسما في تسريع خطوات الاعتراف بدولة فلسطين
وشرح منصوري أن ما يسمى "الدبلوماسية الشعبية" ودور الشارع استراليا وعالميا هو الذي سلط الضوء ولعب دوراً حاسماً في تسريع خطوات الاعتراف، لافتاً إلى أن "الفئة الديمغرافية الاكثر تحركا هي الفئة الشبابية في أستراليا، كما هي في الشارع الفرنسي والشارع الاميركي، هي الأكثر نشاطاً في دعم القضية الفلسطينية، ما يجبر الساسة على أخذ مواقفهم بجدية".
وقال "نحن نعرف أن الفئة الشبابية هي الفئة التي يسلط عليها السياسيون الكثير من التركيز فيما يخص الاستقطاب والتأثير، وهذا مؤشر إيجابي ".
وأكد أن هذا الحراك عكس وعياً متزايداً بضرورة تمكين الفلسطينيين من حق تقرير المصير والعيش بكرامة وأمان مثل شعوب العالم .
وحول إمكانية ترجمة الاعتراف دون إنهاء الامر الواقع والحصار المفروض، قال "كل هذه التطورات ستزيد الضغط على الموقف الاميركيالمتصلب تجاه القضية الفلسطينية" .
وأوضح منصوري أن "الأثر المباشر والايجابي قد لا يظهر خلال أسابيع أو أشهر"، لكنه رأى أن الاعتراف الدولي الواسع، الذي قد يصل إلى نحو 80% من دول الأمم المتحدة، يمثل مكسباً ايجابيا سياسياً وقانونياً يعزز فرص حل الدولتين.
منصوري : عملية السلام ستكسب نفسا جديدا وسينظر اليها بطريقة جديدة
وقال "عملية السلام ستكسب نفسا جديدا وسينظر اليها بطريقة جديدة باعتبار ان دولة اسرائيل موجودة ، ما يتعين وجود دولة فلسطين ليتحقق ما يقوله المجتمع الدولي بحل الدولتين" ، لافتا الى ان بالطبع سيكون وفق جدول زمني ووفق شروط.
منصوري : السلطة الفلسطينية مطالبة خطوات وإصلاحات هيكلية في الضفة وغزة
وختم مؤكداً أن السلطة الفلسطينية مطالبة بخطوات وإصلاحات هيكلية سواء في الضفة الغربية أو غزة، تشمل تطوير منظومة الحكم ومنظومة الامن والتعليم العمل الاجتماعي الداخلي والخدمات العامة، وإعادة إعمار غزة، مبيناً أن الضغوط الخارجية تشبه سلاحا بحدين وقد تتحول إلى فرصة لتحسين الأداء الداخلي وتعزيز مؤسسات الدولة وتطوير العمل الداخلي داخل السلطة الفلسطينية سياسياً واجتماعياً وحتى اقتصادياً.
ورحبت منظمة "أصدقاء فلسطين" العمالية بهذه الخطوة، لكنها حثت الحكومة الفيدرالية أيضاً على المضي قدماً في فرض العقوبات وحظر الأسلحة، مشيرةً إلى "موجة عارمة" من دعم الأعضاء.
وأكدت الحكومة الفيدرالية أن أستراليا لا تُصدّر أسلحة إلى إسرائيل، ولكن قامت باخضاع مساهمة الشركات الأسترالية في سلسلة توريد الطائرات المقاتلة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي للتدقيق.
في حين اعتبر السفير الإسرائيلي في كانبرا أمير ميمون أن اعلان استراليا نيتها الاعتراف "لن يغيّر الواقع على الأرض".
ووضع القرار أستراليا في صف دول مثل فرنسا والمملكة المتحدة وكندا، لكنه أثار انتقادات المعارضة التي حذرت من تداعياته على العلاقات مع الولايات المتحدة.
وقالت المتحدثة باسم الشؤون الخارجية في الائتلاف، ميكايليا كاش، إن قرار حكومة العمال يُخاطر "بتسليم حماس أحد أهدافها الاستراتيجية ويضع أستراليا في خلاف مع أهم حلفائها في الولايات المتحدة.
وكان رئيس الوزراء انتوني ألبانيزي أكد أن الاعتراف الرسمي جزء من جهد عالمي منسق. ، مبينا ان "حل الدولتين هو أفضل أمل للبشرية لكسر دائرة العنف في الشرق الأوسط، وإنهاء الصراع والمعاناة والجوع في غزة".
وقال ألبانيزي إن الاعتراف سيحتاج إلى ضمان عدم لعب حركة حماس والتي تحكم غزة بحكم الأمر الواقع، أي دور في حكومتها المستقبلية.
يمكنكم الاستماع للتقرير في التدوين الصوتي أعلاه.