"أنا واحد عايش بالأردن، مين بأستراليا بدو يفكّر يوظفني؟" هذا كان لسان حال ابراهيم عواد منذ أكثر من سنة عندما كان لا يزال في المراحل الأولى من تقديمه لطلب عمل لدى إحدى الشركات الأسترالية عبر منظمة "مواهب بلا حدود".
في ذلك الوقت كان ابراهيم، السوري الذي يحمل شهادة في الهندسة الميكانيكية من جامعة العلوم والتكنولوجيا، يعمل في اختصاصه ولكن بطريقة غير قانونية. فإثر موجة النزوح التي شهدها الأردن إثر اندلاع الحرب في سوريا، شدّدت الحكومة من القوانين المتعلّقة بعمل السوريين فبات ممنوع على الشركات توظيف هؤلاء.
غير أن مجرى حياة ابراهيم تغيّر بعد أن حضر ندوة نظمتها "مواهب بلا حدود" حيث تعرّف على الخدمات التي تقدمها فتوجّه إلى الانترنت ليرسل سيرته الذاتية ويحكي قصته للمنظمة. وأتى الرد بعد فترة زمنية غير طويلة، إذ تمّ إبلاغ ابراهيم بأن هناك شركة في أستراليا مهتمة بتوظيفه.
مواهب بلا حدود هي منظمة غير ربحية تعمل على شق طريق جديد قانوني وآمن لمساعدة اللاجئين والأفراد النازحين من اوطانهم في العثور على عمل والاعتماد على انفسهم عبر ايجاد فرص عمل في دول آمنة ومستقرة حيث تكون هناك حاجة لمهارتهم. ففي وقت تعاني الكثير من الشركات من صعوبة باستقدام عمال وموظفين من أصحاب الاختصاص والخبرة، هناك مئات الآلاف أو حتى الملايين من الأشخاص في العالم الذين يملكون هذه الخبرات ولكن ليس لديهم سبيل للتقدم على وظائف لأن ظروفهم كلاجئين تمنعهم من ذلك.

Source: Supplied
ستيفاني كوسينس من المنظمة شرحت لأس بي أس عربي 24 عن الحواجز والعوائق التي تواجه اللاجئين المهرة: "منها ما يتعلّق بشروط التقديم مثل مستوى اللغة الإنجليزية المطلوب والمستندات الرسمية التي يجب تقديمها والتي لا تكون متوفرة دائماً بسبب فقدانها أثناء الهروب من البلد الأم. و نحن نتواصل مع الحكومات المختلفة لمحاولة تجاوز هذه العقبات. أما من ناحية العقبات المادية والمالية التي تحول دون تقديم الكثير من اللاجئين على طلبات الهجرة فتحاول المنظمة أن تقنع الشركات والمؤسسات التي تسعى إلى توظيف اللاجئين بأن تتكفل بجزء من هذه الأعباء".
لم يجد ابراهيم صعوبة في عمليّة التقديم وصولا إلى قدومه إلى أستراليا، والتي استغرقت نحو السنة وذلك بفضل الدعم الذي تلقّاه من "مواهب بلا حدود: "تقوم المنظمة بتحضيرك لكل الخطوات الضرورية لاجتياز كل المراحل، فقد وجهوني إلى الطرقة الأفضل لكتابة السيرة الذاتية كما أعطوني نصائح هامة جداً قبل مقابلات العمل التي أجريتها حول طريقة الكلام والملابس التي يجب ارتداؤها وغيرها من التفاصيل ..."
في ختام العام الماضي أصدرت المنظمة تقريرها السنوي الذي بيّن أن هناك نحو مليون لاجئ حول العالم يمكنهم أن ينتقلوا إلى بلدان آمنة من خلال فرص التوظيف الدولي خلال العشر سنوات القادمة. ولكن ستيفاني تشير أن "بغية تحقيق هذا الهدف، هناك حاجة للحكومات أن تتعاون ليستطيع اللاجئون المهرة تخطي كل الحواجز، هناك أيضاً حاجة لأن تتشجع الشركات والمؤسسات على توظيف اللاجئين الذين يملكون مهارات عالية وأخيراً هناك حاجة لمزيد من الجمعيات التي تعمل في هذا الإطار".
وتتحدث كوسينس عن تعاون بين المنظمة والحكومة الأسترالية في هذا الإطار: "أستراليا لديها تاريخ طويل من استقدام المهاجرين المهرة إلى البلاد وهي متعاونة جداً مع منظمة مواهب بلا حدود إذ أنها تعي القيمة الإضافية من استقدام لاجئين لديهم مهارات يمكن لأستراليا الإستفادة منها. وفكرة التعاون ليست بانشاء برنامج خاص للاجئين المهرة بل بتسهيل بعض الشروط المتطلبة من المهاجرين المهرة والتي لا يستطيع تأمينها اللاجئون بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة".
هذا وأثنت المتحدثة باسم المنظمة على الجهود والحماس الذي تبديه الشركات الأسترالية لمساعدة اللاجئين من ذوي المهارات والإستفادة من خبراتهم في الوقت نفسه. والدليل على ذلك هو الإستقبال الحار الذي تلقاه ابراهيم عند وصوله إلى مطار ملبورن: "كان هناك أكثر من 15 شخصاً بانتظاري...صدمت من محبة الناس واهتمامهم بي..."
ويريد ابراهيم أن يستطيع غيره من اللاجئين المهرة الحصول على نفس الفرصة التي توفّرت له: "هناك كثير من اللاجئين لديهم مهارات وشهادات عليا والمشكلة الكبيرة التي تواجههم هي عدم تمكنهم من العمل بهذه المهارات في البلاد التي لجؤوا إليها...أتمنى أن يستطيعوا الاستفادة من خدمات مواهب بلا حدود لأن هناك الكثير من الدول مثل أستراليا بحاجة لهذه المهارات."