إذا نظرت إلى خط حياتك من بعيد، ستشعر بالضيق حتماً إذا رادوك شعور مباغت بأنك تنطلق مسرعاً باتجاه النهاية. لن تفكر بالأمر كثيراً وأنت لا تزال في العشرينيات والثلاثينيات، فمتاعب العمل والاعتناء بالعائلة تشغل وقتك بالكامل ولكن بمجرد أن تبدأ حياتك بالاستقرار على الصعيد العائلي والعملي وأنت في مطلع الأربعين، ستبدأ بالتفكير في نفسك أولاً وفي كل "الإهمال" الذي ألحقته بذاتك.
ما قرأته منذ لحظات محاولة لوصف ما يُعرف بـ "أزمة منتصف العمر" علماً بأن نقطة المنتصف تتفاوت بين الدول اعتماداً على متوسط الأعمار. يصل في أستراليا متوسط العمر إلى 82.5 عام حسب أرقام البنك الدولي في إحصائية صدرت عام 2016 وانتشر مؤخراً مصطلح جديد "أزمة ثلاثة أرباع العمر" أي أن الأعراض التي غالباً ما تتضمن سلوكيات قد يصفها البعض بـ "الصبيانية" قد تبدأ بالظهور بعد الخمسين!
في استطلاع رأي شمل 5000 أسترالي فوق الخمسين، اعترف 32% منهم بالمرور في هذه المرحلة و46% قالوا أنهم يعرفون أشخاصاً مروا بها.
الأديب الفرنسي فيكتور هوغو له رأي أيضاً في المسألة فحسب رأيه فإن سن الأربعين شيخوخة الشباب والخمسين شباب الشيخوخة لذا فإنه من المنطقي أن تصطبغ المرحلة الانتقالية بين هاتين المرحلتين بشيء من التقلب و "المطبات الهوائية" في مزاج من نظر إلى الخلف فلم يجد ما يسره ونظر إلى الأمام فشعر أنه "لم يتبقى في العمر كما مضى".
ولكن ماذا عن الشريك؟ كيف عليه أن يتصرف إذا باغتت أزمة منتصف العمر شريكه أو شريكته؟ يشرح خبراء علم النفس أن هذه الأزمة طبيعية والتصرفات فيها لا إرادية فيبدو الرجل أقل سعادة وأكثير ميلاً لتغيير الأشخاص والعادات التي كانت جزءً من حياته اليومية. وينتاب البعض شعور بالغضب تجاه الشريكة التي لا تلبي سقف طموحاتهم بل وقد يذهب البعض أبعد من ذلك بلوم الزوجة على تقييد حرياتهم لفترة طويلة.
أحد المتصلين ببرنامج "صباح الخير أستراليا" واسمه محمد كنجو تحدث عن اختلاط الغيرة بالأنانية في خلال المرحلة العمرية التي يكون فيها الأشخاص أكثر عرضة لأزمة العمر. واستنكر محمد "الكيل بمكيالين" حول حق الرجل والمرأة في الظهور بأفضل مظهر ممكن: "الرجل لو اشترى ملابس جديدة تبدأ الشكوك تحوم حوله. زوجتي قالت لي أنت جهلان فأجبتها بالقول أنه علينا دائماً المحافظة على مظهرنا داخل المنزل وخارجه."

Source: Pixabay
أما النساء اللواتي يختبرن هذه المرحلة فيصبحن مبالغات في التجمل والاهتمام بالذات وارتداء الملابس الخاصة بفئة عمرية أصغر ومحاولة تجميل شكل العلاقة مع الزوج والتقاط الصور بشكل مبالغ فيه. كل هذه التصرفات وفق خبراء النفس تشير بشكل أو بآخر إلى "جفاف عاطفي" على الرجل التنبه إليه مبكراً ومحاولة احتوائه من خلال تطمين الزوجة بأنها لا تزال جذابة ولكن بطريقة مختلفة عن تلك التي كانت عليها في مقتبل العمر.
متصل آخر اسمه هشام القبيسي وهو في منتصف الأربعينيات من العمر، اعترف أنه يمر بأزمة منتصف العمر ولكنه وصف نفسه بالمحظوظ نظراً للعلاقة الطيبة التي تجمعه بزوجته التي ارتبط بها بعد قصة حب لا زالا يعيشان تفاصيلها حتى اليوم. كانت طريقة تعامل هشام مع "الأزمة" مبتكرة فبمجرد ما لاحظ أن الملل بدأ يتسلل إلى حياته مع زوجته، قاما بإدخال تغييرات جذرية: " شعرنا أن أزمة منتصف العمر تعصف بنا لذا قمنا بتغيير نمط حياتنا. زوجتي تحب السفر فأصبحت تسافر أكثر. شكلنا الخارجي تغير وملابسنا كذلك. عندما يكبر الأبناء ويصبح لديك متسع من الوقت لنفسك تدرك أنه لم يتبقى الكثير في عمرك."
استمعوا إلى عينة من آراء أفراد من الجالية العربية حول الموضوع في الـ podcast المرفق بالصورة.