"داعش خلفنا والبحر أمامنا": كيف هربت هذه العائلة السورية من قبضة الموت على قارب هجرة غير شرعية

Syrian mother.png

كان الخامس عشر من اكتوبر تشرين الاول في العام 2012 يوما فاصلا في حياة السيدة نيران طبيعي وعائلتها ستختلف من بعده شكل حياتهم وتتبدل مصائرهم الى الابد.


النقاط الرئيسية:
  • كان الخوف من الموت ملازما لكل دقيقة وثانية مرت على نيران وهي على ظهر المركب
  • من لبنان جالت العائلة دول المنطقة بحثا عن الامان وانتهى بها المطاف في بالي الاندونسية لتطرق نيران وزوجها ابواب السفارات
  • كان الوصول الى جزيرة كريسماس بداية فصل جديد في حيان نيران وعائلتها
كان الخامس عشر من اكتوبر تشرين الاول في العام 2012 يوما فاصلا في حياة السيدة نيران طبيعي وعائلتها ستختلف من بعده شكل حياتهم وتتبدل مصائرهم الى الابد...فهو اليوم الذي قررت فيه ان تركب قاربا سيحملها مع زوجها وطفلتها الى استراليا بشكل غير قانوني.

كان الخوف من الموت ملازما لكل دقيقة وثانية مرت على نيران وهي على ظهر المركب، وبدأ عقلها يضع سياريوهات الموت والرحيل "كنت اقول لنفسي ان البحر بالتأكيد حافل باسماك القرش، فإذا مت اتمنى ان تتمكن ابنتى من احضار بقية أخوتها"

ولكن كيف وصلت نيران لهذا القارب؟ كيف انضمت الى جموع اليائسين الباحثين عن الحياة وسط امواج قد تلقي بهم للموت في اي لحظة...فلنعد الى سوريا موطن العائلة الاصلي في العام 2011 لنعرف الاجابة "كانت التفجيرات قد بدأت في سوريا ورأينا الدم وفقدنا الكثير من اهلي واصدقائي، انا احب وطنى ولكني اردت الامان لاطفالي الثلاثة".
من لبنان جالت العائلة دول المنطقة بحثا عن الامان وانتهى بها المطاف في بالي الاندونسية لتطرق نيران وزوجها ابواب السفارات التي أُغلقت في وجوههم. حتى الامم المتحدة لم تستسمع لاستغاثة العائلة، فرائحة الموت في سوريا لم تكن بعد قد وصلت الى اروقة المنظمة العالمية.

ومن سخرية القدر ان فكرة الهجرة غير الشرعية ولدت امام ابواب المنظمة الدولية اذ بدأ تجار المعاناة ومرتزقة الموت من مهربي البشر بالترويج لبضاعتهم للتعساء الجدد "رأوني حزينة ومضطربة فسألوني: هل تريدون الذهاب الى استراليا بالزورق؟"

كانت الاموال المتاحة للعائلة تسمح بدفع كلفة نقل ثلاثة افراد فقط من العائلة، فاتخذت العائلة القرار الذي حاولت نيران تجنبه بكل السبل، انقسمت العائلة وعاد الصبية الثلاث الى ايران موطن والدهم الاصلي وبدأت نيران وزوجها وطفلتهما الصغيرة رحلة السفر بالقارب من اندونيسيا الى استراليا عبر المحيط الهاديء.

هل كان القبول بعرض المهرب سهلا؟ ما الذي دفع الام نيران لاتخاذ خطوة قد تنتهي بموت عائلتها؟ عن هذا التساؤل تقول نيران "كانت داعش ورائي والبحر امامي وكان يجب ان اجتازه لاصل لحياة افضل لابنائي"

وبعد رحلة شاقة كان فيها القارب ومن علية تحت رحمة امواج المحيط واسماكه، وصل القارب الى جزيرة كريسماس ايلاند ...لحظة تصفها نيران بأنها كالهروب من قبضة الموت الى حضن الحياة مجددا.
كان الوصول الى جزيرة كريسماس بداية فصل جديد في حيان نيران وعائلتها..فتلك السيدة السورية التي تخلت عن كل ما تعرفه في هذه الحياة  قد وجدت نفسها امام تحد لم تمر به من قبل، فبعد ان صارعت الموت لتصل الى استراليا كان عليها ان تصارع قيود الاحتجاز لتبني كيانها من الصفر "كان هدفي ان اثبت للاستراليين اني منتجة وفاعلة، فعملت بالخيم كمترجمة وطاهية".

احد عشر عاما مرت منذ ان وطأت اقدام نيران وعائلتها الاراضي الاستراليا...اصبحت فيها نيران طاهية ومدربة وناشطة اجتماعية...اسست نيران حياة بدلا من تلك التي فقدتها في سوريا، ولكن ما تركته اثناء ركوبها القارب في ذلك اليوم ما زال جرحا يدمي قلبها وينزف في صمت "صار لي 11 سنة ما شايفة الاولاد، كبر الشباب ودخلوا الجامعة، وقلبي يحترق كلما احضر لهم كيكة عيد ميلادهم دون ان يكونوا معي"

احد عشر عاما مرت على نيران وهي بعيدة عن ابنائها الثلاث الذي تركتهم صبية في ايران ليصبحوا اليوم شبابا في مقتبل العمر، تفتقد ضحكاتهم، شجاراتهم واللحظات السعيدة التي كانت تجمعهم كعائلة واحدة

كيف تستطيع ام ان تصبر نفسها على فراق ابنائها كل هذه السنوات؟ كيف يمكن لعقلها ان يقنع قلبها بالتمسك بحلم اللقاء رغم قسوة القوانين وتزمتها؟ "كيف تصبر نفسها على الفراق؟

وأخذت نيران عهدا بأن تحتفظ لنفسها بلحظات الضعف حين يتغلب قلب الام على عقلها لتبكي اياما تعيشها دون ابنائها تسعى لجعل حزنها قوة خلاقة تدفعها نحو الافضل.

واندفعت نيران بكل ما تملك من قوة في الدراسة والعمل والتطوع لتثبت نفسها في الارض التي شعرت من الوهلة الاولى انها الوطن الذي ستحيا فيه من جديد من ولا تحلم بشئ الا ان ينضم اليها من تصفهم بوردات حياتها "عندما وطأت قدماي تراب كريماس ورأيت العلم الاسترالي قررت ان هذا اخر مطاف الترحال، كنت كالشجرة التي انبتت في هذه الارض ولكني انتظر ان تزهر الشجرة، وابنائي هم وردات حياتي"

بعد مرور كل هذه السنوات، هل تحققت الاحلام التي حملتها معها في الخامس عشر من اكتوبر تشرين الاول 2012 ؟ هل وجدت في استراليا ما كانت تتخيله وهل ندمت يوما على قرارها ترك ابنائها؟ "لم اصل حتى هذه اللحظة لهدفي وهو ان اصل بأبنائي للامان وان يرتقوا بأنفسهم، ولكني لا اشعر نفسي انا بالامان بعد كل هذه السنوات"

أضغطوا على الرابط اعلاه للاستماع لحلقة هذا الاسبوع من بودكاست "لحظة في العمر"

أكملوا الحوار عبر حساباتنا على فيسبوك وتويتر وانستغرام.

توجهوا الآن إلى موقعنا الالكتروني للاطلاع على آخر الأخبار الأسترالية والمواضيع التي تهمكم.

يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر هذا الرابط أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.


شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand