للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي. لمى الأخرس، هي مترجمة سورية الأصل وخريجة جامعة دمشق كلية التجارة والاقتصاد، قدمت إلى أستراليا عام ٢٠٠٠. اعتمدتها الهيئة الوطنية للاعتراف بالمترجمين والمترجمين الفوريين – NAATI – في عام ٢٠١٠، وبدأت رحلتها بشغف في مجال الترجمة الشفوية. على مدى السنوات، أتمت بنجاح العديد من الدورات التي ساهمت بتطوير مهاراتها، وفي عام ٢٠٢٥ نجحت بامتياز في مادة الترجمة القانونية من جامعة موناش، وهي الآن بانتظار نتيجة امتحان الـ NAATI لتصبح أول مترجمة معتمدة متخصصة بالترجمة القانونية للغة العربية.
لقد تم ترشيح لمى في عام ٢٠٢٥ لجائزة الامتياز AUSIT، المعهد الأسترالي للمترجمين الشفاهيين والتحريريّين، ولجائزة امرأة العام لسنة ٢٠٢٦ في ولاية NSW تقديرًا لإخلاصها في عملها في مجال الترجمة.
وفي بلد متعدد الثقافات مثل أستراليا، تلعب الترجمة دورًا أساسيًا في بناء جسور التواصل بين الناس وضمان وصول الجميع إلى الخدمات بعدالة ومساواة. وهنا تتجلّى أهمية NAATI، التي تضع معايير دقيقة لاعتماد المترجمين وتقييمهم بشكل دوري لضمان جودة الأداء، والالتزام بالمعايير الأخلاقية والمهنية.
الاعتماد من NAATI… ضمان للمهنية والجودة
تحدثت المترجمة المعتمدة لمى الأخرس عن أهمية الاعتماد من NAATI وواقع الترجمة في ظل التطور التقني وانتشار العمل عن بُعد، إضافة إلى أبرز التحديات التي يواجهها المترجمون في أستراليا.
تبدأ لمى حديثها قائلة:
كثيرون يتحدثون أكثر من لغة، لكن التمكن اللغوي وحده لا يكفي. فالمترجم المعتمد من NAATI يتميز بامتلاكه مهارات ومعارف تتجاوز المفردات، وتشمل الالتزام بقواعد وأخلاقيات المهنة مثل الحياد، الدقة، والسرية.
وتوضح أن الحصول على الاعتماد يتطلب اجتياز اختبار دقيق متعدد المستويات يقيّم كفاءة المترجم في مواقف عملية، ويُعاد تجديد هذا الاعتماد كل ثلاث سنوات لضمان استمرار التطور المهني والمهارات العملية.
التقييم الدوري… مواكبة للتغيرات المتسارعة
وعن سبب هذا التقييم المنتظم، تقول لمى:
العالم يتغير بسرعة — من التكنولوجيا إلى القوانين وحتى المفردات اليومية. إعادة الاعتماد كل ثلاث سنوات تضمن أن المترجم يواصل التعلم، ويطوّر مهاراته، ويحافظ على مستوى عالٍ من الكفاءة
الترجمة عن بُعد… تحدٍ تقني وإنساني
حول الترجمة عن بُعد، توضح لمى أن هذه الممارسة أصبحت أساسية في أستراليا، لكنها تتطلب انضباطًا ومهارة تقنية:
المهنية لا تتعلق بالمكان، بل بكيفية الأداء. المترجم عن بُعد يحتاج إلى بيئة هادئة، إنترنت قوي، وسماعات جيدة. لكن التحدي الحقيقي هو غياب لغة الجسد، خصوصًا في المكالمات الهاتفية، ما يجعل التواصل أحيانًا أكثر صعوبة.
وتضيف أن بعض الفئات المستضعفة، مثل ضحايا العنف الأسري، اللاجئين الجدد، وأفراد LGBTQ+، يحتاجون إلى حساسية خاصة في التعامل معهم، لأنهم قد يواجهون حالات خوف أو قلق تتطلب انتباهًا وتعاطفًا محسوبًا من المترجم.
التحديات والأخطاء الشائعة
تؤكد لمى أن من أبرز التحديات في العمل عن بُعد هي ضعف جودة الاتصال، أو طول الجلسات دون توقف، مما يرهق المترجم ذهنيًا.
أما الأخطاء الشائعة بين المترجمين الجدد، فتقول:
أهمها عدم الالتزام التام بأخلاقيات المهنة. الحياد صعب، لكنه جوهر عمل المترجم. كما أن الدقة لا تعني فقط ترجمة الكلمات، بل أيضًا نقل نبرة الصوت والمشاعر والمعنى الكامل للرسالة.
نصيحة للمترجمين الجدد
وفي ختام اللقاء، توجه لمى نصيحتها لكل من يرغب بدخول هذا المجال:
اقرأوا كثيرًا، واطلعوا على الثقافة الأسترالية، وشاركوا في الحياة اليومية للمجتمع. لا تتوقفوا عن التدريب، استمعوا إلى مقاطع بالإنجليزية، حاولوا ترجمتها، وسجلوا أداءكم لتطوير أنفسكم. الترجمة مهنة تتطلب شغفًا وتعلّمًا مستمرًا.
وتختتم حديثها بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي بدأ يؤثر على الترجمة الكتابية، لكنه لا يمكن أن يحل محل المترجم البشري في الترجمة الشفوية، خاصة في المجالات التي تتطلب حسًّا إنسانيًا وفهمًا ثقافيًا عميقًا.
كلمة أخيرة
تُظهر تجربة لمى الأخرس أن الترجمة ليست مجرد نقل كلمات من لغة إلى أخرى، بل هي فن ومسؤولية مهنية تتطلب دقة، ثقافة، ومهارة تواصل عالية. وهي بذلك تمثل أحد أهم جسور الفهم والاحترام المتبادل في المجتمع الأسترالي متعدد الثقافات، مع الأخذ بعين الاعتبار كافة الفئات، بما فيها الأكثر حاجة للحماية والحساسية.
للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط الت