المايسترو لبنان البعلبكي: من التي أخذ سماء عينيها، الى من باتت نورعينيه، وبوح في موسيقى الصمت مع من اسمه وطن

ARB 100925 Petra YT THUMBNAIL with text.jpg

Born in 1981, the youngest appointed permanent conductor of the Lebanese Philharmonic Orchestra Lubnan Baalbaki unveils the secret story of his beginnings, his journey with music mastery in orchestral conducting, the awe of standing at the most prominent stages before iconic artists in this mesmerising talk to Petra Taok delving into life, love, fatherhood and separation and embraces his rootedness in a family of artists.

هو الشاب الجنوبيّ اللبناني الذي وقف على أكبر المسارح وبجانب الكبار، أصغر قائد دائم مُعيّن للأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية، يسابق الزمن اليوم ليترك أثرًا لمن ستناديهم الموسيقى بعده. على توقيت بيروت التقيته فكانت هي الأزمنة وكان هو لبنان، الوطن الذي يبحث عنه لبنان بعلبكي. وهو الذي يدير ظهره الى الجمهور كيف يعانقه في ذلك الذي لا يُرى؟ ما الذي يعريه أكثر التصفيق ام الصمت؟ وكيف يعيش فراغ ما بعد الامتلاء بعد ان تطفئ كل الانوار ولا يبقى الا نور ذاك الداخل؟ وكيف تكون قيادة الروح قبل الآلة؟


للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

التقينا في رحاب الصوت والصمت، فعصا القيادة ونفَس الموسيقى في عالم نختاره سماءً لنا في هذا الجحيم "على توقيت بيروت".



اسمه وطن وعائلته مدينة الشمس وعشقها وهو الذي كان يستيقظ على رائحة قمح الالوان والريشة، قبل الرغيف. نادته الموسيقى ليكون الانضباط في نداء الحرية. يبتعد ليقترب، يترك مسافة عقل بينه وبين من يقودهم ليصلوا الى تلك الوحدة المنشودة في آلة جامدة تنتظر روحًا.

على توقيت بيروت

يرتبط ارتباطًا وثيقًا ببيروته التي احتضنت طفولته، تلك المدينة المتنوعة الزاخرة وإن كانت ممزقة، منغلقة وغريبة عن ذاتها في جدار بِرلينها الخاص، ليمشي في اروقتها دون أن يترك مكانه، ليقول:

"بيروت التي تربّيت فيها كانت مفعمة بالحياة حتى في عزّ أزماتها، في ملء تناقضاتها والألوان المختلفة فيها الى أن عادت الى لحمتها وانفتحت على بعضها".

اكتشف لبنان في قلب مدينته المشاكسة والشاهدة على الزمن والمتمردة عليه، عوالم في العالم الواحد. يحتفي بعصريتها حتى في ستينيات القرن الماضي ويحتضن اصالتها في آن، في عشوائية مبهرة لم تسرق منها ملامحها اذ يقول:
 

" أقمت 14 سنة في أوروبا النمطية على عكس بيروت التي تعبق بالتنوع والتناقضات، في هوية جمالية لا تشبه إلا بيروت".


أديبة، سماء أرضه

يعود في أربعينه الى سمائه الاولى، هي التي رحلت عنه دون أن ترحل منه. يلتقط صورتها وهي تحتضنه طفلًا رضيعًا ويستحضر ملامح طهرِ شكلّت انسانه ليقول:

" الأم هي فكرة روحية مشتركة عند جميع البشر، هي بداية الحياة وملجأ اللحظات الحلوة والصعبة. فارقتنا باكرًا الا أنها تركت الأثر الكبير ونحيا غيابها بكثير من السلام الداخلي".

 
" هي الحاضرة في أعماقنا كعائلة، ترافقنا اليوم كما رافقتنا بحياتها".

وعمّا يموت بداخل الانسان مع موت الأم يقول:

هناك حالة من الفقد المستمر الذي لا يتحول الى ماضٍ واعتقد أن هذه التجربة صعبة مهما كانت بعيدة
لا يبحث عن وجهها اليوم لأنها كما يقول:

" موجودة في داخلي، في روحي حتى في ملامحي".

Media (8).jpg
Lubnan Baalbaki's late mother Adiba carring him as a newborn with his late father thinker, poet, and art critic, as well as a figurative painter Abdel-Hamid Baalbaki

عبد الحميد البعلبكي

يحمل لبنان البعلبكي صورة والده الفنان التشكيلي عبد الحميد بعلبكي، كمن يقرأ تاريخه الخاص في ملامحٍِ من حضور، ليتحدث عن خصوبة طبعت حياته، من خصوبة الحب الى الورق فالكلمة مع مكتبة احتضنت آلاف الكتب الى خصوبة الريشة والألوان.

 
Media (7).jpg

هو الذي أحب الكتب كأبنائه، ترك بيروت وضجيجها بعد أن حصد بيادر التدريس في باريس ولبنان، واختار أن يكلّل خريف أيامه، بربيع الألوان ليحول منزل العائلة في أوائل التسعينيات الى محترف للريشة والكلمة، هناك في مسقط رأسه بلدة العديّسة الجنوبية.
 

"البيت المحترف" الذي احتوى على عصارة تجربة البعلبكي والذي يشهد على العناق الأبدي لأديبة وعبد الحميد، ذاك السلامي حتى الابداع، أدركته همجية الحرب الإسرائيلية وسقط هاويًا بصمت كي لا يتفوّه بما لا يشبهه.

 
Media (10).jpg

يتوقف لبنان عند ذاك الغائب الحاضر الذي طبع حياته بحب الجمال وخلق زمنًا خاصًّا في كنف البيت المحترف، ليقول فيه:
 

" ارتباطي بوالدي لا يقتصر على كونه الأب، بل ايضًا يتجذر في علاقته مع والدتي وبشخصه كفنان شغوف بالفن وبالقراءة وبالشعر"،

 " كانت رائحة الألوان توقظنا في البيت الذي كان يضج بالجو الثقافي خارج إطار الأحداث وكأنه خلق لنا نظرة خاصة للحياة".

 
ينظر الى بيت بني من طين القلب ليقول:

 
اعتدنا على احضان ذكرياتنا وهذا محزن. كيف تتحول الأماكن الى ذكريات؟ ولكننا محكومون بالأمل وعلينا أن نكمل رسالتنا

ظهره للجمهور وقلبه للموسيقى

هو الذي دخل الى سرّ المسرح في عمر السادسة عشرة مع شقيقته الفنانة سميّة البعلبكي، اكتشف هناك مع "توأمه الموسيقي" بتاء التأنيث، على تلك الخشبة الخلاصيّة، نداء الموسيقى فبدأ في مسيرة حجّه الطويل مع دراسة الموسيقى اذ يقول:

"كانت سميّة نافذتي الى عالم الموسيقى ومعها أعيش حالة من التوأمة الموسيقية".
Media (11).jpg
Soumaya & Lubnan Baalbaki in a 2025 concert in Lebanon

يقف خارج الحواس، يعانق اللا منظور فيما ظهره يواجه الجمهور وقلبه يعانق من بهم تنطق وتتنفّس الآلة الجامدة. وعن تلك الحالة الموسيقية يقول:

"في قيادة الأوركسترا أقف مواجهًا للموسيقيين ومنفصلًا عن الجمهور الا انني في ذلك، اشكّل صلة الوصل بين الجمهور والاوركسترا فيبدأ السمع من خلال النظر الى حركة قائد الأوركسترا".

والبعيد عن العين، أقرب للقلب:

قد يكون الإحساس بالجمهور أقوى، فعندما نغمض أعيننا يصبح الإحساس أعمق

وعن تلك الآلة القاحلة الميتة التي تنتظر نفَس الموسيقي، لتكون الموسيقى يقول البعلبكي:

الآلة الموسيقية هي كجسد بلا روح، والعازف هو الروح وكل ما التقى العازف بروحه، انعكس ذلك على تذوق الفن

وهو الذي دخل سرّ الموسيقى، يدخل بخفر وحكمة الى سرّ الموسيقي ليحدد المسافة الفاصلة بينه وبينهم كي تتنفّس الآلة حياة.


تتحوّل معه الأوركسترا إلى آلة واحدة وذلك يتطلّب الدخول إلى عمق أسرارها ومكنوناتها، لذا اختار لبنان البعلبكي ان يتوّج دراساته الموسيقية في علم نفس قيادة الأوركسترا التي كانت محور بحثه في أطروحة الدكتوراه.

يرى أن للفن رسالة خلاصيّة تخلق "هوية لا بل كرامة وطنية" اذ يقول:

" يعكس الفن الفخر الاجتماعي اذ لا نقول اننا نفخر بسياسيي أي بلد نزوره، بل بفنّانيه" ،

"ومن هنا يبقى هاجسي الأكبر فيما سأتركه للأجيال القادمة".

 
Media (9).jpg
Permanent conductor of the Lebanese Philharmonic Orchestra Lubnan Baalbaki

فراغ ما بعد الامتلاء

لا يخشى الصّمت الذي يعرّيه أكثر من التصفيق في ترحال الموسيقى، ذاك الصمت الناطق الذي يشكّل البداية والنهاية في كل عمل موسيقي. من ذلك الصمت ينطلق واليه يعود قائلًا:

"رحلة الموسيقى تشبه الحياة وأتأمل كيف أعود بعد الصخب الى حيث انطلقت، الى ذلك المكان الذي فيه أعزل نفسي"،

"انها دورة الانتقال من الصمت الى الصوت فالصمت كدورة الوجود".

هو الذي اختبر الترحال الطويل خارج رحم الوطن، للاغتراب اللبناني في استراليا يقول:

" أوجّه تحية لكل من ترك وطنه وارضه وأهله ليؤمن حياة أفضل لذويه في لبنان وهذا عمل مقاوم"،

أرفع القبّعة لكل من استقل باخرة ام طائرة ليغيب عن بلاده بحثًا عن مستقبل أفضل

وختم قائلًا:

" أدعو الجالية اللبنانية في استراليا لتكون صورة جميلة عن حقيقة مجتمعاتها، أن تتّسم بالتسامح والكرم ورقي القيم. أدعوهم لحمل هذه الرسالة أينما وجدوا ورفع شعار الحوار مع الحضارات والتغلغل في الإنسانية الجديدة ".

 

هو الذي يتذوق الصمت، يرى أن في الانضباط نداء الحرية، وفي ذلك النداء يدنو من سرّ المرأة "القديسة" التي يمضي منه واليها ليقف أمام سرّها سرّه. من هي المرأة في عيني لبنان البعلبكي؟ ما الذي كشفه عن ابنته نور التي ما ان ذكر اسمها، حتى ضحكت عيناه؟
 
الإجابة مع المايسترو لبنان البعلبكي في الملّف الصوتيّ أعلاه.


هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.

أكملوا الحوار على حساباتنا على فيسبوك وتويتر وانستغرام.

 

شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand
المايسترو لبنان البعلبكي: من التي أخذ سماء عينيها، الى من باتت نورعينيه، وبوح في موسيقى الصمت مع من اسمه وطن | SBS Arabic