في دراسة هي الأولى من نوعها في أستراليا تنظر في مسألة قيام النساء بتعنيف شركائهن أو أبنائهن، أجرتها جامعة ملبورن بالتعاون مع جامعة كرتن، ظهر أن استخدام النساء للعنف جاء بالإجمال من أجل تأكيد استقلاليتهن، أو ردًّا لكرامة مفقودة.
وكشفت الدراسة أن معظم النساء اللواتي يسئن معاملة شركائهن وأطفالهن هُن أيضا ضحايا للعنف الأسري والمنزلي. ووجدت الدراسة أن النساء قد لجأن إلى استخدام القوة كوسيلة للحصول على الاستقلالية من شركائهن وليس بالضرورة كمحاولة للسيطرة عليهم. وأن النساء هن أكثر ميلا من الرجال للاعتراف بالمسؤولية والكشف عن تلك التصرفات.
وقد قام الباحثون باستطلاع 278 شخصا يعملون مع نساء عنيفات وضحاياهن في مختلف أنحاء أستراليا، ووجدوا أن "استخدام النساء للعنف كان بالإجمال في مواقف معينة، وأحيانا في مواقف عنف متبادل، وليس بالضرورة كوسيلة لفرض القوة والتسلط".
وكشفت الدراسة الجديدة أن معظم أشكال العنف المبلّغ عنها والتي استخدمتها النساء كانت كما يلي:
- العنف اللفظي 86.3 بالمئة
- العنف العاطفي 73%
- الدفاع عن النفس أو الآخرين 67.3 بالمئة
- والعنف الجسدي 65.5 بالمئة.
وتكشف إحصائيات مكتب الإحصاء الأسترالي لعام 2016، أن واحدة من كل أربع نساء تعرضت لعنف من قبل شريك لها منذ سن الخامسة عشرة، مقارنة مع رجل من كل 13 رجلا.
فما هي الظروف التي تؤدي بالمرأة لاستخدام العنف؟
تقول الأخصائية النفسية، ومسؤولة الدعم العائلي في مركز غرب سيدني للخدمات الاجتماعية السيدة هانيا مسعود في حديث مع SBS Arabic24 إن هذه الدراسة جيدة غير أنها لم تتطرق إلى مجالات أخرى: "فالمرأة التي تستخدم العنف يمكن أن تكون ضحية عنف ويمكن أن تكون معتدية أيضا".

Source: Hania Masoud
المرأة الضحية
وتقول السيدة هانيا مسعود إنه في حال كانت المرأة الضحية فذلك قد يكون نابعا من الأسباب التالية:
- أنها تقاوم إحساسا بالظلم، أو
- أن تصرفها ردة فعل نتيجة كبت لمدة طويلة في العقل اللاواعي، ويطفو على السطح نتيجة للضغط، أو
- أنه دفاع عن النفس نتيجة تعرضها للعنف بأنواعه كالجسدي، أو النفسي، أو الجنسي، أو
- أنه نتيجة أسلوب عائلي متوارث عبر الأجيال وهذا ما تعلمته منذ نشأتها، فيكون نمطا عائليا، أو
- أن ليس لديها وعي كاف في أساليب التربية.
المرأة المعتدية
وتقول السيدة هانيا مسعود إن الدراسة لم تتطرق إلى أنه يمكن أن تكون الزوجة معتدية وفي هذه الحالة يمكن أن تكون أسباب ذلك عديدة ومنها: خلل نفسي مثل اضطراب الشخصية النرجسية، أو عسر المزاج المتقلب، أو أمراض نفسية أخرى، وفي هذه الحالات يجب استشارة الطبيب المختص ومراجعة الأخصائيين النفسيين.
كيف نكسر هذا النمط من التعامل والسلوك
تقول أخصائية العلاج النفسي السيدة هانيا مسعود إن هناك طرقا عديدة لكسر هذا السلوك ودائرة العنف ومنها:
- زيادة الوعي والإدراك من خلال الدعم النفسي الكامل لدى أخصائيين نفسيين، وتثقيف الأهل والأم بكيفية تنشئة وتربية الأبناء.
- حضور جلسات تعليمية واكتساب مهارات تربية جديدة وهذا يحصل بسرية تامة ومن غير الحكم على الآخر.
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
وتشير السيدة هانيا مسعود، وهي أيضا مسؤولة برنامج دعم الأسرة في مركز غرب سيدني للخدمات الاجتماعية في ضاحية أوبرن، إلى أن لدى المركز دورات جديدة لمساعدة الأم والأهل على أساليب التربية الحديثة. وتقول وهذا مهم جدا لأنه وكما قال الشاعر حافظ إبراهيم: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
العنف وتحديات الاستقرار في بلاد جديدة
وتقول السيدة هانيا مسعود أيضا إن ضغوط الحياة كثيرة خاصة بالنسبة للمهاجرين الذين يفتقدون إلى وجود الدعم النفسي والاجتماعي من المجتمع القريب والمحيط بهم، وتربط بين هذا النقص العاطفي واحتمالية استخدام العنف.
"الغربة وبلاد المهجر للأسف تسبب العنف الاسري، فعدم وجود أصدقاء وأفراد العائلة والأهل يولد حزن عميق، فيولد لدى الذين عانوا من مشاكل في الطفولة حزنا معقدا وشعورا بالفقدان العميق.
من التحديات التي تبرزها الهجرة كذلك، برأي السيدة هانيا مسعود، أنها تؤدي إلى عدم الثقة بالنفس لدى كثير من الأشخاص، فقد لا يكون بإمكانهم تكلم اللغة الإنجليزية أو إيجاد عمل، كما وأن ضغوط الحياة المادية تولد حالة من الإحباط والتوجه نحو العنف، لأنهم في هذه الحالة يكونون رافضين للواقع الذين هم فيه وغاضبين لأنهم يشعرون أنهم معلقون فلا هم قادرون على التأقلم بشكل كامل ولا هم قادرون على العودة إلى بلادهم.
وتنصح السيدة هانيا مسعود بضرورة طلب المشورة المختصة والمساعدات من خدمات الدعم الاجتماعي أو الشرطة.
رقم هاتف خدمات الطوارئ - الشرطة 000
رقم هاتف خدمات العنف العائلي 1800737732
وقالت المسؤولة الأولى عن البحث مارغريت Kertesz من جامعة ملبورن لأخبار SBS إن "معظم النساء اللواتي قابلناهن خلال البحث، كان لديهن تاريخ من العنف العائلي أو تعرضن لسوء المعاملة والصدمات خلال الطفولة... وكن يحاولن استخدام العنف لاسترجاع الكرامة أو الدفاع عن أنفسهن أو أولادهن".
ويأمل الباحثون أن تؤدي نتائج البحث إلى إيجاد مزيد من الخدمات الملائمة للأشخاص المتأثرين بهذا النوع من العنف.
استمعوا إلى اللقاء مع السيدة هانيا مسعود كاملا في المدونة الصوتية في أعلى الصفحة