بينما كانت ألسنة النيران تلتهم آلاف الهكتارات وتدمر آلاف المنازل وتقضي على أرواح البشر وتبيد حيوانات ونباتات، كان الناس في أستراليا يراقبون ما يجري ويتفكرون بما يمكنهم فعله للتخفيف من وقع هذه الكارثة التي حلت بالبلاد.
وقد برزت مبادرات فردية وجماعية كثيرة هدفت للمساعدة وتخفيف أثر الخسائر على المجتمع بشكل عام، ولتقديم الدعم المعنوي والمادي لعناصر الإطفاء الذين وضعوا أرواحهم على أكفهم في مواجهة النيران التي لم تشهد لها أستراليا مثيلا من قبل.
وإن كان هناك من خيط نور بزغ من سواد الدخان فإنه هذا الخيط الذي ربط الأستراليين مع بعضهم البعض وأظهر الروح الوطنية في أبهى حللها حتى في أتون هذه الكارثة.
وقد تنوعت المبادرات وتوالت، وكان للجالية العربية منها حصة كبيرة منها أيضا.
ومن الجمعيات التي قدمت المساعدة العينية والمالية في هذه الكارثة الوطنية التي تشهدها البلاد، كانت جمعية New Port الإسلامية في ملبورن، والمركز الإسلامي الأسترالي.

Source: AIC
فلقد أطلقت هذه الجمعية بالتعاون مع هيئة الأعمال الخيرية حملة قام من خلالها متطوعون ومتطوعات بالذهاب إلى منطقتي Bairnsdale في شرق Gippsland التي أتت عليها الحرائق حيث حضروا شواء اللحم أو الباربكيو لعناصر الإطفاء المنهكين.
وقد لاقت هذه المبادرة ترحيبا واسعا محليا وعالميا.
ويقول الناطق الرسمي باسم الجمعية محمد الحولي "جمعنا تبرعات عينية ومالية خلال ثمان وأربعين ساعة، وبلغ حجم المساعدات العينية ما يساوي حمل خمس شاحنات وشملت الماء والمعلبات والخضراوات والفاكهة الطازجة، وحاجيات للنساء والأطفال".
وأضاف الحولي في مقابلة مع SBS Arabic24 قائلا "لقد قمنا بالذهاب إلى مناطق الحرائق مباشرة في شرقي ولاية فيكتوريا حيث توقفنا في ثلاث مناطق، وقمنا بتحضير الطعام لعناصر الإطفاء هناك، وكان شعورنا لا يوصف لكوننا استطعنا أن نقدم بعض الدعم لهم في هذه الأوقات الصعبة".
ولقد حفزت هذه الكارثة الآلاف من الأستراليين على تقديم ما بوسعهم. فمنهم من كان مستعدا لتقديم المال، ومنهم من تبرع بالثياب والطعام، ومنهم من شعر بضرورة الانضمام إلى صفوف خدمات الإطفاء.

Source: AIC
وشهدت هيئات الإطفاء المختلفة حول البلاد ارتفاعا بعدد المستفسرين عن كيفية الانضمام والتطوع في صفوفها.
وقد ارتفع عدد الذين عبروا عن رغبتهم في الانضمام إلى صفوف المتطوعين في هيئة الإطفاء الريفية في نيو ساوث ويلز بنسبة خمسة أضعاف عن المعدل السنوي المعتاد، منذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي.
وقالت الهيئة أنها تلقت أكثر من خمسة وعشرين ألف اتصال من أشخاص يرغبون بتقديم العون والمساعدة، وذلك مقارنة بحوالي أربعة آلاف متطوع فقط ينضمون إليها سنويا.
وتعتبر هيئة مكافحة الإطفاء الريفية في نيو ساوث ويلز الأكبر في العالم من حيث عدد المتطوعين إذ يفوق عددهم السبعين ألف عنصر يعملون ضمن حوالي ألفي فرقة محلية.
جاء هذا الارتفاع في عدد الراغبين بالتطوع بعد وفاة خمسة من الإطفائيين المتطوعين على الأقل في ولايتي فيكتوريا ونيو ساوث ويلز.
وسجل أيضا ارتفاع في ولايتي فيكتوريا وجنوب أستراليا.
وعلى الرغم من ترحيب الهيئات المختلفة بهذا الاهتمام إلا أنها لفتت إلى أن المتطوعين الجدد لن يكونوا جاهزين قريبا للمساهمة في إطفاء الحرائق نظرا لما يتطلبه ذلك من تدريب وتأهيل وتنسيق للجهود، غير أن المسؤولين فيها شجعوا على تقديم التبرعات لجهود مكافحة الحرائق.
وكان لافتا أيضا إنشاء مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك خاصة باستقطاب الحرفيين الراغبين في مساعدة الأشخاص المتضررين من حرائق الغابات، حيث وصل عدد أعضائها إلى ما يقرب من 10000 عضو.
وتراوحت المساعدة التي قدمها أعضاء المجموعة بين أطعمة للحيوانات المتضررة من الحرائق وأنظمة رش تبرعت بها إحدى الشركات وساعدت في تركيبها.
ويقول محمد الحولي من جمعية نيوبورت الإسلامية "إن ما رأيناه من هبة شعبية في أستراليا لهو دليل على فعالية المجتمع الأسترالي المتعدد الثقافات الذي يشبه العائلة الواحدة، التي يساعد أفرادها بعضهم البعض في الأوقات الصعبة، ولا بد أن يكون كذلك حتى تتقدم إلى الأمام.
استمعوا إلى اللقاء كاملا تحت الشريط الصوتي في أعلى الصفحة.