حادثة مقتل جورج فلويد وما تبعها من احتجاجات شابتها أعمال شغب وفلتانٍ أمني، أدت إلى مواجهاتٍ عنيفة بين عناصر الشرطة والمتظاهرين. ويبدو أن فوران الأحداث في الولايات المتحدة، سارع من تدفقها إلى أستراليا حيث انطلقت موجة احتجاجات في بعض المدن الأسترالية تضامناً مع حركة Blacklivesmatter#
وفي توقيتٍ لا يمكن وصفه إلا بغير الموفق، تداول عددٌ كبير من الأستراليين على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو أظهر شرطياً من شرطة نيو ساوث ويلز وهو يطرح مراهقاً من السكان الأصليين أرضاً في ساري هيلز بسيدني.
المناخ العام الناجم عن الأحداث الأمريكية سلط الضوء على قضية عنصرية الشرطة واستخدامها للقوة المفرطة، وواقعة ساري هيلز وضعت الشرطة الأسترالية تحت المجهر، كما استدعت تحقيقاً من قبل "قيادة المعايير المهنية" في الشرطة واعتذاراً من مفوض شرطة نيو ساوث ويلز.
تحدثت الأس بي أس عربي24 مع اللواء المتقاعد ونائب أول مفوضية شرطة نيو ساوث ويلز سابقاً نيك كالداس الذي أدلى بدلوه في القضية.
أستراليا ليست الولايات المتحدة ولا توجد مقارنة
فبحسب كالداس لا يوجد رابط بين الشأن الأمريكي وحادثة ساري هيلز، كما أكد على أن المقارنة بين الاثنين غير عادلة. حيث يعتقد كالداس أن الظروف المؤدية للتظاهرات العنيفة في أمريكا عديدة وغير متوفرة في أستراليا. وذكر منها الفقر والمشاكل الإجتماعية والسياسية والتاريخ الحافل بالشكاوى ضد الشرطة الأمريكية.
وقال كالداس إن إضافة جائحة الكورونا في الأشهر القليلة الماضية إلى معطيات المعادلة الأمريكية، شكلت أرضاً خصبة لتفجير الموقف كما نراه اليوم.

Peaceful protests in George Floyd's hometown of Houston. Source: AP
عناصر الشرطة بشرٌ يصيب ويخطئ
ولم يتردد كالداس في الدفاع عن عناصر الشرطة، قائلاً إنهم في النهاية بشر من رجال ونساء لهم مشاعر ويغضبون ويثورون أيضاً عند سبهم أو مهاجمتهم. كما أكد على أهمية فحص القضية من منظورٍ أوسع وألا تصدر الأحكام السريعة على مهنية ضباط الشرطة بسبب واقعة واحدة. فقد يخطئ الشرطي في موقفٍ مرةً واحدةً، حتى وإن لم يرتكب خطأً طوال مشواره المهني قط.
كثيراً ما يضطر عناصر الشرطة إلى التصرف في أقل من ثانية، فلا يتوفر لهم الوقت الكافي لاتخاذ القرار الصحيح في كل مرة.
ومع هذا يقول كالداس إنه في حال وقوع هذه الأخطاء "وهي تحدث كثيراً"، هناك العديد من السبل لتصحيحها وتحقيق العدالة. وخص بالذكر "مفوضية سلوك عناصر الشرطة" المختصة بالتحقيق في جميع الشكاوى المقدمة ضد الشرطة. كما تحدث عن وحدة "الشؤون الداخلية" بالشرطة والتي تحقق في قضايا عناصر الشرطة الفاسدين.
بالتأكيد هناك عنصرية في الشرطة
عندما سئل كالداس عن تفشي التمييز العنصري في صفوف شرطة نيو ساوث ويلز، أجاب: "بالتأكيد! ومن يقولون إنها غير موجودة، يوارون أعينهم أو يحجبون أنظارهم عمداً". وشرح أن مشاكل المجتمع تنعكس في الشرطة وأي مؤسسة أخرى.
"إذا كانت نسبة العنصرية في أستراليا 5% على سبيل المثال، فغالباً ما ستكون متطابقة مع نسبة العنصرية في الشرطة الأسترالية."
ولكن بالرغم من ذلك، يؤمن كالداس بأن المجال مفتوح في أستراليا لتقديم الشكاوى والتحقيق في كل من أساء. كما أكد على أن الديمقراطية الأسترالية تضمن ذلك الحق للجميع.
كيف تتم المصالحة بين الشرطة والجاليات؟
يقول كالداس إن السبيل الوحيد لضمان المصالحة والمضي قدماً، يعتمد على مدى قوة العلاقة بين رؤساء الشرطة وقيادات الجاليات المتظلمة.
واستدل كالداس بمظاهرات العام 2012 في هايد بارك بسيدنى والتي شهدت أعمال شغب وتخريب، أدت إلى مواجهات مع الشرطة. كان اللواء يعمل آنذاك كنائب مفوض شرطة نيو ساوث ويلز. وبعد تطور أعمال العنف، قام بالاتصال بالمفتي وقيادات الجالية الاسلامية في أستراليا، لتنسيق مؤتمرٍ صحفي.
"عندما استمع الشباب إلى قادتهم الروحيين وهم يشجبون أعمال العنف ويقولون إنها لا تمثلهم، انفضت التظاهرات سريعاً وبدون أن يتحول الوضع إلى الأسوأ."

A group of protestors demonstrating against an anti-Islam video in Sydney on Saturday, Sept. 15, 2012. Source: AAP
السر يمكن في رعاية علاقات لخلق روح التعاون والتسامح بين الشرطة والجاليات قبل وقوع المشاكل، للاستناد عليها لاحقاً. بدونها من الصعب تخطي هذه الأزمات.