بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، أُطلقت مبادرة تعليمية جديدة تهدف إلى تقريب اللغة العربية من غير الناطقين بها.
ويقول مهند قصّار، صاحب مبادرة «رمضان الفهم»، إن المبادرة برنامج تعليمي أونلاين موجّه للبالغين، يركّز على تعليم قراءة الحروف والكلمات العربية وفهمها، تمهيدًا لشهر رمضان المبارك.
ويشرح قصّار أن فكرة المبادرة انطلقت من تجربة أكاديمية «كتابee»، التي تركّز أساسًا على تعليم الأطفال اللغة العربية كلغة ثانية أو ثالثة، لكن سرعان ما تبيّن أن شريحة واسعة من الأهالي أنفسهم — ولا سيما من أبناء الجيل الثاني — فقدوا قدرتهم على قراءة العربية أو فهمها مع مرور الوقت، رغم انتمائهم إلى أسر عربية. كما لاحظ القائمون على الأكاديمية اهتمام عدد متزايد من الأستراليين غير العرب بتعلّم أساسيات اللغة العربية والتعرّف إلى ثقافتها.
كسر حاجز الخوف من العربية
يؤكد قصّار أن الهدف من «رمضان الفهم» ليس إتقان اللغة العربية أو فهم القرآن الكريم فهمًا كاملًا خلال فترة قصيرة، بل كسر حاجز الخوف من اللغة، وتقديمها بطريقة مبسطة وقابلة للوصول. ويقول إن كثيرين يقرأون النصوص العربية — بما فيها القرآن — من دون فهم المعنى، وهو ما شكّل دافعًا شخصيًا ومجتمعيًا لإطلاق المبادرة.
ويضيف أن تعلّم العربية يشبه «الماراثون»، وليس سباقًا قصيرًا، معتبرًا أن البرنامج يقدّم الخطوات الأولى في هذا المسار، من خلال تمكين المتعلّم من قراءة الكلمات الأساسية، وبناء جمل بسيطة، وفهم مفردات شائعة يمكن تطويرها لاحقًا باستخدام القواميس أو أدوات الترجمة.
منهج مبسّط ومحتوى ثقافي
يرتكز البرنامج على ثلاثة محاور رئيسية:
تعليم القراءة والكتابة، وبناء رصيد من المفردات الأساسية، إلى جانب إدماج محتوى ثقافي يعرّف المتعلمين على جوانب من الثقافة العربية، مثل التحيات، ولغة الجسد، وأهمية العائلة، والكرم، ودلالات عبارات شائعة كـ«إن شاء الله» و«ما شاء الله».
ويشير قصّار إلى أن اللغة ليست مجرد كلمات، بل هوية وثقافة، ولذلك يسعى البرنامج إلى مساعدة المتعلّم على التواصل بثقة أكبر مع المجتمع العربي، سواء داخل أستراليا أو عند السفر إلى بلدان المنطقة.
خبرة طويلة في قالب مبسّط
ويرى مؤسس المبادرة أن ما يميّز «رمضان الفهم» هو أنه يختصر خبرة تمتد لأكثر من 15 عامًا في تعليم العربية كلغة ثانية، بما في ذلك العمل مع طلاب في سياقات أكاديمية ودبلوماسية، لكن ضمن قالب مبسّط وموجّه للبالغين، بعيدًا عن الأسلوب المدرسي التقليدي.
البرنامج يُقدَّم بالكامل باللغة الإنجليزية، وهو متاح أونلاين من أي مكان، مع جلسات دعم مباشرة قبل شهر رمضان تتيح للمشاركين طرح الأسئلة والتدرّب على النطق والتفاعل مع المدرسين.

صاحب المبادرة، مهند قصار. Source: Supplied
اللغة العربية والهوية
اختيار يوم 18 ديسمبر، اليوم العالمي للغة العربية، لإطلاق المبادرة لم يكن صدفة، بحسب قصّار، بل جاء تأكيدًا على رمزية اللغة العربية بوصفها إحدى اللغات الرسمية الست في الأمم المتحدة، ولغة يتحدث بها أكثر من 450 مليون شخص حول العالم.
ويحذّر من ظاهرة «استنزاف اللغة الأم» لدى أبناء المهاجرين، مشيرًا إلى دراسات تُظهر أن الجيل الثاني قد يفقد نسبة كبيرة من لغته الأصلية، فيما تكاد تختفي اللغة لدى الجيل الثالث. ومن هنا، تأتي المبادرة كمحاولة للحفاظ على اللغة العربية بوصفها جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافية.
التسجيل والمشاركة
يطمح القائمون على «رمضان الفهم» إلى الوصول إلى ألف مشارك قبل حلول شهر رمضان. ويمكن للمهتمين التسجيل عبر موقع الأكاديمية، كما يمكن إهداء الدورة للأصدقاء أو أفراد العائلة، سواء داخل أستراليا أو خارجها، في إطار مبادرة مجتمعية تهدف إلى نشر اللغة العربية وتعزيز حضورها.
ويختم قصّار بالقول إن العربية قد تكون لغة صعبة، لكنها ليست مستحيلة، وإن البداية الحقيقية تكمن في اتخاذ قرار التعلّم.




