هاجر رجل الأعمال الأسترالي لبناني الأصل سركيس ناصيف إلى أستراليا من لبنان في عام 1987 حيث كان الحرب الأهلية لا تزال مشتعلة. وصل بحقيبة فارغة سوى من أحلامه الكبيرة وتمكن من تأسيس شركة تطوير عقاري باتت اليوم من أكبر الشركات الأسترالية العاملة في هذا المجال ولذلك استحق عن جدارة الوصول إلى قائمة المرشحين النهائية في جوائز الأعمال الإثنية لهذا العام.
وبنبرة متواضعة تحمل في طياتها حكمة استقاها من سنوات الخبرة الطويلة في العمل الجاد، قال ناصيف لأس بي أس عربي24 أنه لم يكن ليحقق هذا الإنجاز لولا الجهود التي يواصل بذلها فريق عمل الشركة التي تضم الآلاف من المهندسين والعاملين في مشاريع تمتد على مساحات شاسعة من مدينة سيدني بقيمة تصل إلى مئات الملايين من الدولارات.
وعن البدايات المتواضعة وسر اختياره لمجال الإنشاءات والتطوير العقاري، قال ناصيف إنه لطالما حرص على العمل خلال فترة العطلة الصيفية في لبنان في مواقع البناء مع والده وأخواله. ولدى وصوله إلى أستراليا في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي باشر العمل في نفس المجال: " وصلت إلى أستراليا وأنا لا أتقن اللغة الانجليزية (..) أذكر أنني وصلت يوم الخميس وانطلقت إلى العمل يوم الاثنين الذي يليه."
وبدا ناصيف فخوراً بمسيرته التي بدأت على نحو متواضع حيث كان يعمل طوال النهار ولسبعة أيام في الأسبوع في بعض الأحيان ويواصل دراسة اللغة الانجليزية وتعليمه الأكاديمي خلال فترة المساء.

Source: Supplied
وبعد ما يقرب الثلاثين عاماً في أستراليا، لا يزال ناصيف شغوفاً بأصوله اللبنانية ومعتزاً بما جلبه المهاجرون من حضارة أصيلة وثقافة غنية مبنية على الصدق في التعامل والعمل الدؤوب وتقديس الرباط العائلي. وفي ذات الوقت بدا ممتناً لأستراليا لما منحته من فرص سمحت له بتوظيف طاقاته لتجاوز عنان السماء: "أعطتنا استراليا كل الفرص والحقوق لنساهم في بناء هذا الوطن ولنؤمن مستقبلاً أفضل لأبنائنا ونشارك في بناء الاقتصاد."
ويترأس ناصيف مجلس إدارة شركة هولدمارك إلى جانب أبنائه وأفراد من عائلته الممتدة وحاز على مدى السنوات الماضية على العديد من الجوائز المرموقة لتقدير الدور الذي اضطلعت فيه الشركة في تطوير المرافق العقارية في سيدني والتي تضمن آلاف الوحدات السكنية والمراكز التجارية.
وقدم ناصيف من خلاصة تجربته نصيحة للمهاجرين الجدد بضرورة اقتناص الفرص وعدم الخوف من المغامرة: " أتمنى على كل مهاجر جديد أن يباشر بالعمل وألا يخاف من الخسارة (..) إذا نجح المشروع بإمكانه التقدم والاستمرار في نفس الاتجاه واذا لم تسير الأمور كما كان يأمل سيتعلم درساً لكي لا يكرر الخطأ مستقبلاً. (..) لا بد أن نفكر بإيجابية لنتمكن من اتخاذ القرار الصحيح."
وضرب مثالاً من بداياته في أستراليا، حيث كان عائداً إلى المنزل ذات يوم في ضاحية كونكورد ويست ليتنبه إلى وكيل عقارات يحضر أحد المنازل للبيع في مزاد علني في اليوم التالي. اقترب من الوكيل وفاوض على السعر ووقع العقد فوراً ليصبح المنزل من نصيبه قبل طرحه للمزاد.

Source: Supplied
وأشاد ناصيف بالبيئة الاستثمارية المستقرة في أستراليا والتي تتيح لأصحاب المشاريع استكمال خططهم على المدى الطويل دون تخوف من تقلبات مفاجئة: " في دولة كأستراليا لا تتغير الخطط التجارية طويلة الأمد بتغير الحكومة (..) اذا قمت بدراسة جدوى لمشروع ستعرف بالضبط أين تقف على صعيد الكلفة والكلفة المادية حتى قبل انطلاق المشروع على الأرض."
وتعليقاً على وسائل الإعلام التي تركز على القصص السلبية في المجتمعات المهاجرة، تحدث ناصيف عن ضرورة الإضاءة على منجزات المجتمعات الاثنية وإسهاماتها الفعالة في النمو الاقتصادي وقصص النجاح التي تبرهن للجميع أن المهاجر قادر على العطاء والمشاركة في مسيرة البناء واستحداث فرص العمل وترك أثر ايجابي في وطنه الجديد.
استمعوا إلى المقابلة مع سركيس ناصيف في التدوين الصوتي.





