في عام 2015، تلقى السوري عبد الرحمن كرم مكالمة هاتفية غيرت حياته للأبد: "وجدت شخص على التليفون يخبرني أنه جائتني فرصة الهجرة إلى أستراليا ويسألني إن كنت أرغب في الذهاب."
كان كرم مستعدا للغاية لهذه الرحلة، حتى أنه اعتقد في البداية أن الأمر مزحة، ولكن مع التأكد من جدية المسألة حزم حقائبه ووصل إلى مدينة نيوكاسل شمالي سيدني في سبتمبر أيلول من نفس العام.
وقال عبد الرحمن "أمضينا ثلاثة أشهر في نيوكاسل، وبدأنا نتعرف على البلد والقوانين واللغة، وبعدها جاء أصدقائي من سيدني وقالوا لي لما لا تذهب إلى هناك."
الفكرة كانت أن سيدني بها جالية عربية كبيرة، وفرص عمل أكثر، لكن أسرة كرم لم تمضي فيها أكثر من عام، قبل أن تعود إلى نيوكاسل.
وقال "حاولت أن ابحث عن عمل هناك، لكني وجدت أن كل فرص العمل هناك لمصالح متعبة، مثل البناء والحدائق، وأنا لا أحسن هذا الشغل."

عائلة عبد الرحمن كرم Source: Abdelrahman Karam
وأضاف "توجهنا للعمل في إعداد الطعام، فزوجتي لديها مهارات جيدة في الطهي، وبدأنا في توريد الأكل الشامي لأحد المطاعم السورية في سيدني."
نجاح الزوجين في هذا المجال لم يكن كافيا لبقائهم في سيدني "نيوكاسل مدينة صغيرة وليست مزدحمة، فسيدني طرقاتها طويلة والمسافات بين الأماكن بعيدة."
كرم البالغ من العمر 42 عاما بدأ في العمل في توصيل الطعام بنيوكاسل لكن حلمه كان افتتاح مطعمه الخاص.
وقال "الفكرة كانت لدي في شبابي عندما شاهدت فيلم همام في أمستردام، والذي يعرض شاب مصري فقير يسافر إلى أمستردام في هولندا، وأسس هناك مطعم متجول، ثم بدأ يجتهد في العمل حتى أسس سلسلة مطاعم."
وأضاف أن الفيلم الذي قدمه النجم محمد هنيدي مثل الحلم الذي كان يراوده لسنين طويلة.
ظلت علاقة الأسرة بإعداد الطعام موجودة، حيث كان يورد الطعام للجيران الأستراليين أو للطلاب الخليجيين في جامعة نيوكاسل، وكان الجميع يشجعه على فتح مطعم.
وقال "اتصل بي صديق لي وأخبرني عن جمعية بين عدد من السوريين يمكن أن أن أحصل منها على 12 ألف دولار خلال سنة."
كان ترتيبه الرابع في استلام المبلغ، وكانت تلك هي الدفعة التي يحتاجها لينفذ حلمه: "بدأت في البحث عن حافلة طعام مجهزة، واتفقت مع أحد المصانع التي يعدها مطابقة للمواصفات."
قرر عبد الرحمن أن يجعل حافلته ثابتة ليصبح من السهل العثور عليه من قبل الزبائن، وبدأ قبل شهرين وهو واثق من النجاح.
وقال "زوجتي تساعدني في تحضير الطعام، وعندما أذهب للبيع تساعدني ابنتي."
ورغم أن مهنته في سوريا كانت خياطة وتركيب الستائر إلا أنه طالما تمنى أن يعمل في مجال المطاعم: "كان عمي لديه مطعم وكنت أذهب إليه وارى طريقة تعامله مع الزبائن، وأحببت هذا العمل، كيف يأتيك الزبون ويخرج من عندك سعيد بالضيافة."

ابنة عبد الرحمن تساعده في البيع Source: Abdelrahman Karam
يعتبر عبد الرحمن كرم أن إعجاب الزبائن بالكرم والضيافة أهم من الأكل والمكسب. كما يحافظ على التقليد السوري بمنح عينات مجانية من الطعام لكل من يأتي لاستشكاف ما يقدمه.
لاقى مطعمه نجاحا كبيرا حتى الآن، وكتب عن جودة ما يقدمه مراجعات مليئة بالمدح والثناء.
وقال كرم "أنا ارسم مستقبل لي ولأولادي، وان شاء الله نستمر حتى يصبح لدينا سلسلة من المطاعم."