في المقاهي، وفي زوايا البيوت، وفي جيوب كبار السن والشباب على حدٍّ سواء، ترافق المسبحة صاحبها كأنها جزء من هويته.
فهي ليست مجرد أداة للذكر أو التسبيح، بل رمز يجمع بين الروحانية والجمال والهوية الثقافية، يمتد عبر الأجيال والبلدان.
يقول عمر الحموي، المقيم في ملبورن من أصل لبناني، إن المسبحة بالنسبة له أكثر من مجرد تقليد ديني:
«المسبحة لها أهمية دينية كبيرة، لكنها أيضًا تحمل دلالة جمالية. في لبنان نقول المسبحة كنز الرجال، لأنها تعكس شخصية صاحبها، من حيث هدوءه أو قلقه، وحتى ذوقه في اختيار اللون والحجر.»

عمر حموي (يمين) يحمل المسبحة Source: Supplied
ويضيف الحموي أن بعض الرجال يفضلون المسابح المصنوعة من الكهرمان أو العقيق أو خشب الزيتون لما تحمله من رمزية روحية، بينما يختار آخرون المسابح الكريستالية لما تضيفه من أناقة ولمسة فخامة على المظهر اليومي.
أما رافد إلياس، صاحب متجر لبيع المسابح في سيدني، فيقول إن الإقبال بين أبناء الجالية العربية في أستراليا يزداد عامًا بعد عام:
«هناك إقبال كبير على شراء المسابح، لأنها تجمع بين القيمة الروحية والجمالية. كثير من الزبائن يعتبرونها جزءًا من أناقتهم اليومية وتكمل المظهر الرجالي.»
ويضيف إلياس أن الشباب والشابات من أبناء الجالية باتوا أيضًا يحبّون اقتناء المسابح، ليس فقط لأغراض دينية، بل لأنها أصبحت جزءًا من الذوق العصري والهوية الثقافية.

السيد رافد الياس Source: Supplied
«أنا شخصيًا أهتم باقتناء الأنواع النادرة والثمينة من المسابح، خصوصًا تلك المصنوعة من الكهرمان الطبيعي أو الفيروز، وأحتفظ بها في مكان خاص للحفاظ عليها. فلكل مسبحة حكاية وتاريخ مختلف.»

أنواع مختلفة من المسابح Source: Supplied
«النساء يشترين المسابح لأغراض دينية للتسبيح والصلاة، ولكن أيضًا لأغراض جمالية. فالمسبحة يمكن أن تُبرز ذوق المرأة، وقدرتها المالية، وحالتها الاجتماعية.»
وتشير الخفاجي إلى أن بعض النساء ينسّقن المسبحة مع مجوهراتهن أو أزيائهن، لتصبح قطعة فنية تعبّر عن الشخصية والذوق.
وهكذا تبقى المسبحة — بحباتها الصغيرة ولمعانها الهادئ — رمزًا يربط الروح بالجمال، والماضي بالحاضر، والوطن بالاغتراب.
وفي أيدي المغتربين في أستراليا، تواصل هذه الحبات الصغيرة حكايتها القديمة… حكاية السكينة والانتماء والحنين.