تُظهر البيانات الرسمية أن الأستراليين يتجهون إلى الزواج في أعمارٍ أكبر مقارنةً بالعقود السابقة. ففي عام 2024 بلغ الوسيط لسن الزواج لدى الرجال 32.8 سنة ولدى النساء 31.2 سنة، وهو ارتفاع واضح عن معدلات بداية الألفية التي كانت تقارب 28 عامًا للرجال و26 عامًا للنساء.
هذا الارتفاع لا يأتي بمعزل عن واقعٍ اجتماعي واقتصادي يتسم بظروف المعيشة وارتفاع كلفة السكن والتعليم، إلى جانب ازدياد مشاركة المرأة في سوق العمل وتأخّر مرحلة الاستقرار المهني.
وقال أحد مستمعينا واسمه محمد أنوس في حواره مع برنامج صباح الخير:
الزواج مسؤولية كبيرة. عليك أن تلتزم بالمهام والمسؤوليات. عليك أن تكون جاهزاً مادياً ونفسياً.
حديث محمد يعكس شعور فئة واسعة من الشباب الذين يرون أن الاستعداد المادي والنفسي شرطٌ أساسي قبل التفكير بالزواج، وليس مجرد خطوة اجتماعية تقليدية.
وفي الاتجاه ذاته، يضيف طوني، وهو عريس حديث يبلغ 34 عامًا: "خطبنا لأربع سنوات، وانتظرنا حتى أنهت زوجتي دراستها وقمت بشراء بيت. شعرت عندها أنني جاهز فعلاً."
بين التجربة والتصور المثالي
لكن ليس الجميع يربط الزواج بالعمر. إقبال من ملبورن ترى أن النضج الفكري والتفاهم أهم من الأرقام: "الزواج المثالي لا علاقة له بالعمر، المهم التفاهم بين الشريكين. من تجربتي الخاصة، على الفتاة إنهاء تعليمها الجامعي كي تكون مثقفة."
في المقابل، عبّرت عايدة عن وجهة نظرٍ واقعية ممزوجة بتجربة شخصية قاسية:
بالنسبة للبنت فوق 25 والشاب فوق 30 بيكونوا فهموا الحياة وخلصوا الدراسة والشاب كوّن نفسه مادياً. أنا تزوجت بعمر 14 عاماً وأشعر أنني حُرمت من الدراسة.
شهادتها تُذكّر بأن الزواج المبكر كان يومًا نمطًا شائعًا، لكنه في الواقع حرمان من فرص النمو الشخصي والتعليم.
حين يؤثر العمر على الإنجاب
من منظور سكاني، يؤثر تأخر الزواج مباشرةً على معدلات الخصوبة. فبحسب مكتب الإحصاء الأسترالي، بلغ معدل الخصوبة الإجمالي في عام 2024 نحو 1.48 طفل لكل امرأة، وهو أدنى من مستوى الإحلال السكاني (2.1 طفل لكل امرأة).
كما ارتفع متوسط عمر الأم عند الولادة إلى 32.1 سنة، والأب إلى 33.9 سنة.
هذه الأرقام تعني أن الأزواج لا يتأخرون فقط في الزواج، بل أيضًا في الإنجاب، ما ينعكس على النمو الديموغرافي للبلاد على المدى الطويل.
ويُشير خبراء علم الاجتماع إلى أن هذه الاتجاهات ليست سلبية بالضرورة، لكنها تفرض على الحكومات تحديات تتعلق بالتوازن بين السياسات السكانية ودعم الأسر الشابة وتشجيع نماذج عمل مرنة للآباء الجدد.