هذه المعلومات ذات طبيعة عامة ولا يمكن اعتبارها نصيحة قانونية. نظراً لأن الظروف الفردية قد تختلف من شخص لآخر، يجب عليكم استشارة خبير مستقل إذا لزم الأمر.
تمر أستراليا اليوم بلحظة فارقة ومسؤولية أخلاقية في تاريخها السياسي والقانوني، إذ تواجه ضرورة ملحّة لإنهاء أكثر من خمسين عامًا من غياب قانون فيدرالي شامل يحمي حقوق الإنسان.
فرغم مرور أكثر من سبعة عقود على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عقب الحرب العالمية الثانية، لا تزال أستراليا، وعلى خلاف دول ديمقراطية راسخة كالمملكة المتحدة ونيوزيلندا، تفتقر إلى تشريع وطني شامل يحمي تلك الحقوق بشكل صريح وواضح.
وكشف تقرير جديد صادر عن مركز قانون حقوق الإنسان بالتعاون مع معهد ويتلام، عن خمسين عامًا من المحاولات المتكررة والفرص الضائعة، في ظل دعم شعبي متزايد يقابله رفض سياسي وموجات من التضليل والمعلومات المغلوطة.
يوثّق هذا التقرير أكثر من خمسين عامًا من المحاولات المتكررة، والمبادرات السياسية، والجدالات الحادة، التي لم تنجح حتى الآن في تحويل هذا الحلم إلى واقع تشريعي. ومع أن الدعم الشعبي والحقوقي لهذا القانون لطالما كان قويًا، فإن الطريق إلى إقراره لا يزال مليئًا بالعقبات السياسية والجدالات الأيديولوجية وحملات التضليل.
استهلت المحامية ديانا فرح، المتخصصة في قضايا الحقوق والعدالة الجنائية، مداخلتها القانونية عبر برنامج "صباح الخير استراليا" بالاضاءة حول أهمية "إعلان الحقوق وحمايتها سلفًا، وليس انتظار الانتهاكات لتتحرك الدولة."
تقول فرح:
"خلال نصف قرن، لم تنجح أي محاولة لإقرار قانون وطني، رغم الدعم الشعبي الكبير، بسبب معوّقات سياسية وأيديولوجية وحملات خوف ومعلومات مضللة صوّرت حماية الحقوق وكأنها خطر"،
نكتشف أن المشكلة ليست في غياب الحاجة، بل في البيئة السياسية والقانونية التي تُحيط بالموضوع
توضح فرح أن ما يُقصد بقانون حقوق الإنسان في السياق الأسترالي هو "تشريع يُلزم الحكومة والمؤسسات العامة باحترام الحقوق الأساسية، ويوجه صانعي القرار إلى أخذ الأثر الحقوقي لقراراتهم بعين الاعتبار.
تشرح أن القانون لا يخلق حقوقًا جديدة، بل ينظّم حماية الحقوق القائمة ويوحّد آلياتها." ويُتبع هذا القانون غالبًا نموذجًا "حواريًا"، حيث لا تلغي المحاكم القوانين المخالفة، لكنها تشير إلى تعارضها ويكون القرار النهائي للبرلمان.
من الناحية القانونية والدستورية، تكمن الصعوبة في أن أستراليا لا تمتلك شرعة دستورية لحقوق الإنسان مثل بعض الدول الأخرى، والدستور الحالي يحوي حماية محدودة للغاية. علاوة على ذلك، يجب أن يُصاغ أي تشريع جديد بعناية فائقة لضمان توافقه مع مبدأ فصل السلطات والنظام الفدرالي، ما شكّل عائقًا كبيرًا في محاولات سابقة.
تضيف ديانا:
أستراليا تعتمد مقاربة تدريجية وحذرة، تستند إلى البرلمان والمحاكم أكثر من النصوص الدستورية، وهذا يجعل الحماية الحقوقية متفاوتة
إضافة إلى ذلك، يواجه المشروع حملات تضليل واسعة النطاق. تؤكد ديانا أن "هذه الحملات تصوّر القانون كما لو أنه يمنح المحاكم سلطة تفوق البرلمان أو يفتح الباب أمام سيل من الدعاوى القضائية، وهذا غير دقيق، وقد أعاق هذه الحملات النقاش العقلاني والموضوعي حول القانون."
على المستوى العملي، لم تفقد أستراليا الأمل، فبعض الولايات مثل فيكتوريا وكوينزلاند وإقليم العاصمة الأسترالية شرعت قوانين محلية لحقوق الإنسان. تظهر هذه التجارب أن النظام ممكن التطبيق، لكنها في الوقت نفسه تكشف عن تحديات التنسيق بين القوانين الولائية والفدرالية، ما يعقد الطريق نحو قانون موحد. من هنا، تبرز مجموعة من التحديات الدستورية والهيكلية: "مواءمة القانون مع فصل السلطات، تحديد آليات الشكاوى والرقابة، التنسيق بين القوانين الولائية والفدرالية، وضمان التمويل وبناء ثقافة حقوقية مجتمعية"، بحسب ديانا.
هذا وخلص التقرير إلى أن الأستراليين، أكثر من أي وقت مضى، يشعرون بالحاجة إلى أدوات قانونية تحمي حقوقهم الأساسية، لا إلى وعود ظرفية أو تعويل على نوايا السياسيين.
في خضم هذه التحديات، هل تواصل أستراليا انتظار الانتهاكات لتتحرك، أم تعلن حقوق الإنسان وتحميها بشكل استباقي؟
الإجابة في الملف الصوتيّ أعلاه.
هذه المعلومات ذات طبيعة عامة ولا يمكن اعتبارها نصيحة قانونية. نظراً لأن الظروف الفردية قد تختلف من شخص لآخر، يجب عليكم استشارة خبير مستقل إذا لزم الأمر.
استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.وعلى القناة 304 التلفزيونية.