هذه المعلومات ذات طبيعة عامة ولا يمكن اعتبارها نصيحة قانونية. نظراً لأن الظروف الفردية قد تختلف من شخص لآخر، يجب عليكم استشارة خبير مستقل إذا لزم الأمر.
يُعدّ نظام التقاعد الأسترالي، المعروف باسم Superannuation، من أكثر الأنظمة تطوراً في العالم، إذ يجمع بين الادخار الإجباري والحماية التأمينية لضمان أمن الأفراد المالي بعد التقاعد.
يقوم هذا النظام على مساهمة إلزامية يقدّمها صاحب العمل بنسبة لا تقل عن أحد عشر في المئة من راتب الموظف، تودَع في حساب تقاعد خاص يستثمر طوال سنوات العمل ليصبح مصدر دخل ثابت عند بلوغ سن التقاعد. غير أنّ ما يجهله كثيرون هو أن هذا النظام لا يقتصر على الادخار فحسب، بل يتضمّن أيضاً مزايا تأمينية مهمة توفّر دعماً في مواجهة ظروف الحياة الطارئة، ومن أبرزها تأمين الوفاة وتأمين العجز الكلي والدائم، إضافة إلى تأمين الدخل في حال المرض أو الإصابة.
استهلت المحامية المتخصصة في الإصابات الشخصية ديانا فرح مداخلتها القانونية ضمن برنامج "صباح الخير استراليا" بالإضاءة حول أهمية هذا التأمين الذي يشكّل في جوهره شبكة أمان مالية للأفراد في أكثر مراحل حياتهم هشاشة، موضحة أن:
"الغرض من هذا التأمين هو دعم الأشخاص الذين لم يعودوا قادرين على العمل بشكل دائم بسبب إصابة أو مرض خطير"،
إذا تم قبول الطلب، يحصل المستفيد على دفعة مالية واحدة تساعده على تغطية المصاريف الأساسية مثل العلاج، إعادة التأهيل، أو حتى سداد القروض والرهن العقاري
وتضيف فرح أن هذه الدفعة غالباً ما تكون كبيرة بما يكفي لتأمين نفقات سنوات عدّة، ما يمنح المستفيد استقراراً اقتصادياً في وقتٍ قد يتوقف فيه مصدر دخله تماماً. المدهش في الأمر أن كثيرين يمتلكون بالفعل هذا النوع من التأمين دون أن يدركوا وجوده. تقول فرح:
"في أغلب الأحيان، تُفعَّل تغطية TPD تلقائياً عند انضمامك إلى وظيفة جديدة وفتح حساب تقاعد باسمك. لكن في بعض الحالات، خصوصاً لدى العاملين بدوام جزئي أو الشباب، قد تتوقف التغطية إذا أصبح الحساب غير نشط أو الرصيد منخفضاً."
لهذا السبب، تنصح فرح كل شخص بأن يراجع كشف حسابه التقاعدي السنوي أو أن يتواصل مباشرة مع صندوق التقاعد لمعرفة ما إذا كانت تغطيته ما زالت فعالة. وتشير إلى أنّ بعض الأشخاص يملكون أكثر من صندوق تقاعد واحد، وقد تكون لديهم بالتالي عدة بوالص تأمين نشطة يمكن أن توفر لهم تعويضات متعددة في حال العجز الكلي.
أما من حيث الأهلية، فتوضح فرح أنّ شروط الحصول على تعويض TPD تختلف بين شركات التأمين لكنها تتشارك في الأساس نفسه، إذ يجب أن يثبت المتقدّم أنّه لم يعد قادراً على أداء أي عمل يتناسب مع مؤهلاته أو خبراته أو تدريبه، وليس فقط وظيفته السابقة. وتقول:
لكي يكون الشخص مؤهلاً، يجب أن يثبت أنه لم يعد قادراً على العمل في أي وظيفة تتناسب مع مؤهلاته أو خبراته أو تدريبه
هذا التعريف، بحسب فرح، يُعد صارماً للغاية لأنه لا يقتصر على العجز عن ممارسة المهنة السابقة، بل يمتد إلى أي وظيفة محتملة قد تكون مناسبة، وهو ما يجعل إثبات الأهلية تحدياً حقيقياً. وغالباً ما تشمل الحالات المقبولة إصابات جسدية كبيرة أو أمراضاً مزمنة أو اضطرابات نفسية خطيرة مثل الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة. وتلفت فرح إلى أن هذا التشدد في التعريف موجود لحماية صناديق التقاعد من الاستنزاف، لكنه في المقابل قد يجعل الطريق نحو الحصول على التعويض صعباً من دون دعم طبي وقانوني متخصص.
وحول آلية التقديم، توضّح فرح أنّها تبدأ عادة بالتحقق من وجود التغطية في حساب التقاعد، ثم إخطار الصندوق بنيّة رفع مطالبة، لتزويد المتقدّم بالاستمارات اللازمة التي يملؤها هو وأطباؤه وربما صاحب العمل. بعد ذلك تُجمع الأدلة الطبية المفصلة التي توضّح طبيعة المرض أو الإصابة وتأثيرها على القدرة على العمل، ثم يُقدَّم الملف إلى الصندوق الذي يحيله إلى شركة التأمين لدراسته. وغالباً ما يُطلب من المتقدّم الخضوع لفحص طبي مستقل لتقييم الحالة من وجهة نظر محايدة، وبعد مراجعة جميع الأدلة تصدر الشركة قرارها النهائي.
وفي حال قبول المطالبة، يُودع المبلغ عادة في حساب التقاعد، ويمكن للمستفيد بعد ذلك أن يطلب سحب الأموال لأسباب طبية. أما في حال الرفض، فتبقى أمام المتقدّم خيارات أخرى تشمل المراجعة الداخلية أو تقديم شكوى إلى هيئة الشكاوى المالية الأسترالية، وفي بعض الحالات اللجوء إلى القضاء ضمن مهَل زمنية محددة.
وحول ما إذا كان توكيل محامٍ ضرورياً، تجيب فرح بأن الاستعانة بخبير قانوني ليست إلزامية في جميع الحالات لكنها كثيراً ما تُحدث فرقاً جوهرياً في القضايا المعقدة أو المتعثرة. وتقول:
"الاستشارة القانونية قد تُحدث فارقاً كبيراً، خصوصاً إذا كان الطلب متعثرًا أو تم رفضه. المحامي المختص يستطيع تفسير شروط البوليصة، جمع الأدلة الطبية الصحيحة، والتعامل مباشرة مع شركات التأمين، ما يخفّف كثيراً من الضغط عن المتقدّم."
وتضيف:
"كلما بادرتَ بطلب المساعدة القانونية مبكراً، زادت فرصك بالحصول على نتيجة عادلة، لأن الإطارات الزمنية في هذه القضايا صارمة، وغالباً ما تضيع الحقوق بسبب التأخير أو نقص المستندات."
وفي ختام حديثها، توجه ديانا فرح نصيحة إلى جميع العاملين والمقيمين في أستراليا قائلة:
"لا تفترض أنك لا تمتلك تأمين TPD، لأن كثيرين يكتشفون وجوده صدفة. خصّص دقائق لتفحّص كشف حسابك التقاعدي أو اتصل بصندوقك مباشرة. هذه الخطوة البسيطة قد تؤمّن لك حماية مالية لا تقدّر بثمن."
إن تأمين العجز الكلي والدائم ليس مجرد بند هامشي في نظام التقاعد الأسترالي، بل هو صمام أمان حقيقي يحمي الأفراد حين تتعطل قدرتهم على العمل وتضيق بهم الخيارات. ففي وقتٍ قد يتوقف فيه الدخل فجأة، يمكن لدفعة مالية واحدة أن تغيّر مجرى حياة كاملة، وأن تمنح الأمان في لحظةٍ يغيب فيها اليقين. ومع ذلك، يبقى الوعي بهذا الحق ضعيفاً رغم أهميته الكبرى.
فكم من عاملٍ أو موظفٍ في أستراليا يدرك فعلاً أنه يمتلك هذا التأمين، وأن عليه فقط أن يتحقق منه ليؤمّن مستقبله ومستقبل عائلته؟
الإجابة في الملف الصوتيّ أعلاه.
هذه المعلومات ذات طبيعة عامة ولا يمكن اعتبارها نصيحة قانونية. نظراً لأن الظروف الفردية قد تختلف من شخص لآخر، يجب عليكم استشارة خبير مستقل إذا لزم الأمر.
استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.وعلى القناة 304 التلفزيونية.
