"الهرم الرابع ": كيف تعيد مصر كتابة التاريخ مع هديتها للعالم، المتحف المصري الكبير؟

Media (4).jfif

المتحف الكبير، هدية مصر للعالم

فيما تكتب مصر التاريخ، وتقدّم للعالم "هديتها الكبرى" عبر المتحف المصري الكبير، أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، ستكون أستراليا البعيدة حاضرة في قلب الحدث من خلال رسالة مسجّلة ضمن حفل الافتتاح، تقديرًا لتعاونها مع مصر في مجال علم المصريات. كيف يواكب الفنان التشكيلي المصري عضو نقابة المهندسين في مصر، تادرس حنا هذه اللحظة التاريخية كمصري استرالي؟ كيف ينظر الى الابداع المعماري في الهرم الرابع؟


في لحظة تُعتبر من أهم لحظات التاريخ الثقافي والإنساني، يترقب المصريون ومعهم العالم العربي افتتاح المتحف المصري الكبير عند أقدام الأهرامات، كأكبر صرح مخصص لحضارة واحدة في العالم، ورسالة فخر وسلام من مصر إلى الإنسانية جمعاء.
تتجه أنظار العالم على حدث تاريخي يمثّل "هدية مصر للعالم" في حدث يشكّل احتفالية عالمية تؤكد ريادة مصر الثقافية وتضعها في صدارة الوجهات السياحية العالمية، حيث يلتقي الماضي العريق بالحاضر المتألق في سرد بصري ورحلة اسطورية عبر العصور في لوحة واحدة من الفخامة والمعرفة والإبداع، لتصبح مصر مرة أخرى قلب التاريخ والحضارة الفرعونية العريقة مع افتتاح المتحف الكبير في 1 تشرين الثاني/نوفمبر بحضور 60 شخصية عالمية وتغطية من قبل 500 قناة تلفزيونية، في حفل من المتوقع ان يكون الأكثر إبهاراً.

المتحف الذي استغرق بناؤه أكثر من 20 عامًا وباستثمار فاق المليار دولار، يأخذ زواره في رحلة ساحرة عبر الزمن، من قلب مصر القديمة إلى صخب القرن الحادي والعشرين، حيث يعيش التاريخ في كل زاوية وكل قطعة ليجمع بين العمارة الفريدة وتقنيات الواقع المختلط ليقدم تجربة تاريخية استثنائية في واجهة زجاجية مصممة بعناية تسمح لأشعة الشمس لتكون جزءًا من هذه الرحلة البصرية وكأن التاريخ نفسه يتجسد أمام أعين الزائرين.

Media (1).jfif
Tadros Hanna, an Australian-Egyptian visual artist & architect
المتحف المصري الكبير: رسالة سلام من مصر إلى العالم

يترقب الفنان والمهندس المعماري تادرس حنا، هذه اللحظة التاريخية وهو المتابع لمسيرة المشروع منذ انطلاق فكرته وبمشاعر الفخر قال:

"أرى بعدًا إنسانيًا كبيرًا جدًا في هذا المتحف، هو رسالة سلام للعالم لكي يتوحد من خلال الثقافة والتاريخ، فالتاريخ الإنساني لا يخص مصر وحدها بل يخص البشرية كلها".

ويضيف حنا:

مصر أم الدنيا، وهذه التسمية لم تأتِ من فراغ، بل من عبق التاريخ الممتد لآلاف السنين. والمتحف الكبير يجسد هذا الامتداد، فهو ثمرة جهد وتكاتف بين المصريين والعالم

من حلم على الورق إلى واقع مهيب

يعود حنا بذاكرته إلى البدايات، حين وُلدت فكرة المتحف على الورق عام 1992، في عهد الفنان فاروق حسني وزير الثقافة آنذاك، والذي واجه تساؤلات حول "المخازن المليئة بالآثار في متحف التحرير"، فردّ بفخر:

سنُشيّد أكبر متحف في العالم لحضارة واحدة
ويقول تادرس حنا:

"لم تكن هناك خطة جاهزة حينها، لكن من قلب انتمائه لمصر، خرج القرار. ومن هذه اللحظة تحوّل الحلم إلى تحدٍ وإرادة وطنية".


وبعد سنوات من الدراسات والتصميمات، أطلقت اليونسكو بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمعماريين مسابقة عالمية تقدّم إليها أكثر من 2200 مشروع من 83 دولة، ليُختار في النهاية التصميم الفائز من مكتب "هانغ أريتا" في دبلن – أيرلندا، الذي جسّد فلسفة تجمع بين النيل والصحراء، وبين عظمة الماضي ورؤية المستقبل.

عن فرادة التصميم يقول حنا:

التصميم بسيط وعميق في آنٍ واحد، فلا شيء يمكنه أن يتحدى الأهرامات، لذلك جاء المتحف كامتداد بصري لها… كأنه الهرم الرابع
رحلة بصرية عبر العصور

لا يعرض المتحف التاريخ فحسب، بل يجعلك تعيشه. الشمس نفسها جزء من العرض البصري، فيتحول الضوء إلى عنصر سردي داخل التجربة المتحفية.

عن تجربة الزائر داخل المتحف، يقول حنا إن الرحلة تبدأ من المسلة العملاقة في الساحة الخارجية، مرورًا بتمثال رمسيس الثاني الذي يستقبل الزوار بارتفاع مهيب يتجاوز أحد عشر مترًا، وصولًا إلى الدرج العظيم الذي يقود الزائر في رحلة بصرية عبر عصور مصر المختلفة من عصور ما قبل الأسرات، إلى الأسرات الملكية، وصولًا إلى المشهد الخالد للأهرامات الثلاثة.

يشير المهندس تادرس حنا إلى أن المشروع الضخم لم يكن مجرد مبنى أثري، بل مشروع تنموي يغيّر وجه المنطقة بأكملها:

"حتى المطار في 2016 أنشئ ليساعد على خدمة هذا الصرح. كل مشروع ضخم هو رسالة أمل وتطوير، يشجع الناس على تقديم الأفضل".

ويؤكد أن الإرادة السياسية كانت حاسمة في استكمال المشروع رغم التحديات:

"الرئيس عبد الفتاح السيسي كان لديه رؤية واضحة، والإرادة السياسية التي جعلت الحلم يستمر رغم كل الظروف. فالمشروعات العملاقة دائمًا تجد التمويل حين تكون هناك قيادة مؤمنة بها".

افتتاح أسطوري ورسالة إلى العالم

يتوقع حنا أن يشهد حفل الافتتاح حضورًا غير مسبوق:

"أكثر من ستين رئيسًا وملكًا وأميرًا وقيادات من مختلف دول العالم سيحضرون الحدث، ليكون المتحف المصري الكبير أكبر رسالة سلام من مصر إلى العالم".

ويكشف عن مفاجأة ستتخلل الافتتاح:

ستكون لأستراليا مشاركة مميزة في الفيلم التسجيلي ضمن الاحتفال، لأنها من بين ست دول تتعاون مع مصر في مجال علم المصريات

مصر… تبني المستقبل على أرض التاريخ

المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع هندسي، بل حكاية وطنٍ بنى الحلم بالحجر والضوء، وفتح نوافذ التاريخ على المستقبل. هو رسالة أمل، وفخر، وسلام من قلب الأهرامات إلى قلب العالم.

 سيعرض المتحف المصري الكبير مقتنيات توت عنخ آمون كاملة للمرة الأولى منذ اكتشافه، ليجتمع كنز الملك توت عنخ آمون الكامل في مكان واحد، محاطًا بأكثر من 5 آلاف قطعة أثرية تعكس روعة الحضارة الفرعونية بكل تفاصيلها الباهرة. من التابوت الذهبي الأسطوري إلى "القلادة النباتية النادرة" وأروع التحف، بالإضافة إلى نحو 500 قطعة أثرية للفرعون الذهبي تُعرض للمرة الأولى. ويصف خبراء المتحف هذا الصرح بأنه مؤسسة ثقافية وتعليمية عالمية تحظى باهتمام الجميع حول العالم.

يضم المتحف قاعات عرض أثرية متنوعة تنقل الزائر في رحلة عبر مختلف عصور مصر التاريخية، وتُعد قاعة توت عنخ آمون أبرز هذه القاعات، حيث ستشهد لأول مرة عرض المجموعة الكاملة للفرعون الذهبي منذ اكتشاف مقبرته في وادي الملوك بالأقصر عام 1922، ما يجعل المتحف الكبير بمثابة "بيت توت".

هذا وأعرب رئيس الوزراء المصري مدبولي عن فخره في لحظة "ستعكس حجم ومكانة مصر وريادتها في العديد من المجالات التنموية والثقافية، وأضاف أن "افتتاح المتحف المصري الكبير بما يحوي من كنوز وآثار، سيسهم في جذب المزيد من الحركة السياحية لمصر، للاستمتاع والتعرف على تاريخ هذه الدولة العظيمة".

في ختام حديثه، شدّد تادرس حنا على أن المتحف المصري الكبير ليس فقط صرحًا معماريًا، بل دعوة لاستعادة الوعي والهوية الحضارية:

"أكبر فخر لمصر وللعرب وللعالم أن نحافظ على تراثنا، وأن نقول بصوت واحد: آن الأوان أن تعود آثارنا إلى موطنها الأصلي. مصر تستحق أن تُعرض آثارها فيها، لا في متاحف العالم".

ماذا سيحمل حفل الافتتاح؟

الإجابة في الملف الصوتيّ أعلاه.

للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل و أندرويد  وعلى SBS On Demand.

 أكملوا الحوار على حساباتنا على فيسبوك وانستغرام.

 

شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand