هذه المعلومات ذات طبيعة عامة ولا يمكن اعتبارها نصيحة قانونية. نظراً لأن الظروف الفردية قد تختلف من شخص لآخر، يجب عليكم استشارة خبير مستقل إذا لزم الأمر.
إن أحد العوامل المساهمة في ارتفاع عدد المساجين في استراليا يعود الى تشديد قوانين الكفالة (Bail laws)، خاصةً تلك التي تطال الأحداث من مرتكبي الجرائم، وسط مخاوف من تأثيراتها السلبية على العدالة والمجتمعات الهشة.
الكفالة ما هي؟
استهلت المحامية المتخصصة في قضايا الحقوق والعدالة الجنائية ديانا فرح مداخلتها عبر برنامج "صباح الخير استراليا" بتعريف مفهوم الكفالة في القانون الأسترالي.
تشرح فرح قائلة:
"الكفالة هي إجراء قانوني يسمح للمتهم بالبقاء في المجتمع أثناء انتظار نتائج قضيته، وهي تعكس مبدأ قرينة البراءة الذي يقوم عليه نظامنا القضائي. لا ينبغي أن يُعاقب أي شخص أو يُسجن قبل إثبات إدانته في المحكمة."
ولا تقتصر أهمية الكفالة على حماية الحقوق الفردية فحسب، بل تلعب دورًا عمليًا في تخفيف الضغط على السجون، حيث تسمح للأفراد بالحفاظ على وظائفهم وعلاقاتهم الأسرية، والحصول على الدعم القانوني المناسب. وتشدد ديانا على أن الكفالة هي:
لضمان العدالة لا ينبغي أن نحرم أي شخص من حريته قبل أن تثبت عليه التهمة
"وأن يُحاسب فقط من قبل المحكمة وليس بشكل مسبق."
تشديد القوانين وأثرها على الشباب
في السنوات الأخيرة، شهدت أستراليا، وخاصة نيو ساوث ويلز، تعديلات كبيرة على قوانين الكفالة، جاء بعضها استجابة لحوادث أثارت اهتمام المجتمع.
تعتبر فرح أن تشديد القوانين دون تقديم بدائل فعالة لا يؤدي بالضرورة إلى تقليل معدلات الجريمة، بل قد يسهم في تفاقم التهميش وزيادة الضغط على نظام السجون موضحة:
"في أبريل 2024، تم إدخال مادة جديدة في قانون الكفالة تجعل من الصعب على الأطفال الذين ارتكبوا جرائم أثناء وجودهم على كفالة الحصول على كفالة جديدة."
ولفتت فرح إلى أن هذه التعديلات كان لها أثر واضح على أطفال السكان الأصليين، الذين يعانون بالفعل من تمثيل مفرط في النظام القضائي، مضيفة:
"رغم أن الكفالة ليست وسيلة للعقاب، إلا أن هذه القوانين أدت فعليًا إلى احتجاز المزيد من الشباب قبل المحاكمة."
وتشير إلى أن القرارات المتعلقة بالكفالة يجب أن تركز على تقييم المخاطر وليس فرض العقوبات مسبقًا.
بدائل للسجن: هل هي ممكنة وفعالة؟
تُبرز ديانا فرح أن الاعتماد على السجن كخيار وحيد يعاقب عليه قد يزيد من معدلات العودة للجريمة، خاصة في الجرائم البسيطة أو غير العنيفة.
"السجون كثيرًا ما تُعرّض الأشخاص لتأثيرات سلبية وتفصلهم عن الدعم المجتمعي الذي يمكن أن يقلل من تكرار الجريمة."
وتذكر أن هناك خيارات مجتمعية واعدة، مثل برامج الكفالة الخاضعة للإشراف، والمراقبة الإلكترونية، وإدارة الحالات المكثفة، خاصة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية نفسية أو إدمان، وكذلك برامج التدخل المبكر التي توفر الدعم اللازم.
الآثار السلبية للاحتجاز المسبق
توضح ديانا أن رفض الكفالة واحتجاز المتهمين "البريء حتى الإدانة" له تأثيرات سلبية كبيرة، منها اضطراب حياة الفرد من حيث السكن والعمل والتعليم.
"الأشخاص المحتجزون على ذمة المحاكمة قد يقضون فترات طويلة في الحبس، وإذا ثبتت براءتهم، فلا يوجد تعويض عادل عن الوقت الذي قضوه خلف القضبان."
وتؤكد بشكل خاص على أن الأطفال هم الأكثر تضررًا من هذا النظام، حيث إن الحبس المسبق يمكن أن يُسبب لهم أضرارًا نفسية وتنموية كبيرة، وتقول:
سجن الأطفال رهن المحاكمة غالبًا ما يكون أكثر ضررًا من نفعه
" للأسف، هذه التعديلات أثرت بشكل غير متناسب على أطفال السكان الأصليين."
معايير رفض الكفالة
تشير ديانا إلى أن الكفالة لا تُمنع تلقائيًا لأي جريمة بعينها، ولكن هناك معايير متعددة يأخذها القاضي في الاعتبار، منها خطورة الجريمة واحتمال تكرارها، واحتمال تأثير المتهم على الشهود أو سير العدالة، بالإضافة إلى السجل الجنائي.
وتلفت إلى أن التعديلات الحديثة زادت من الجرائم التي يُفترض فيها رفض الكفالة، مما يُحمل المتهم عبء إثبات ضرورة إطلاق سراحه، وهو أمر يصعب على البعض تحقيقه دون مساعدة قانونية أو استقرار سكني.
"بدون بدائل مدعومة جيدًا، يصبح السجن هو الخيار الاضعف، يمكن حماية السلامة المجتمعية بطرق أقل قسوة."
المستقبل: كيف يجب أن يكون إصلاح الكفالة؟
تؤكد ديانا على أهمية إصلاح شامل ومتوازن لقوانين الكفالة قائله:
"لا توجد أدلة تثبت أن قوانين الكفالة الصارمة تقلل الجريمة، لذلك يجب أن يكون الإصلاح مبنيًا على الأدلة، وعادلاً، ويحترم حقوق المتهمين."
وترى أن الإصلاح يجب أن يشمل:
- الحفاظ على مبدأ البراء حتى اثبات العكس.
- توفير بدائل مجتمعية فعالة مدعومة جيدًا ومتاحة في كل المناطق، بما في ذلك المناطق الريفية والنائية.
- مراعاة الاحتياجات الخاصة للأطفال والشباب لتجنب تفاقم أضرار الحبس.
- ضمان الشفافية وجمع البيانات لتقييم أثر القوانين الجديدة.
وفي ظل تزايد أعداد السجناء، يشكل تشديد قوانين الكفالة تحديًا للعدالة الاجتماعية في أستراليا.
كما تقول ديانا فرح:
"علينا أن نختار نظامًا قضائيًا يحمي المجتمع دون أن يظلم الأفراد، وبدون أن يؤدي إلى تفاقم المشاكل التي نحاول حلها."
هذه الدعوة تعكس الحاجة إلى إعادة التفكير في سياسات الكفالة لتكون أكثر إنصافًا وفعالية.
وتختم ديانا فرح قائلة:
يُفترض أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، لكن الواقع يفرض عقوبات عليه قبل المحاكمة
"الهدف ليس التساهل، فلا بد من معالجة الأسباب الجذرية، لا مجرد أعراضها".
ما هي الأسباب الرئيسية التي قد تؤدي إلى رفض الكفالة؟
الإجابة في الملف الصوتيّ أعلاه.
هذه المعلومات ذات طبيعة عامة ولا يمكن اعتبارها نصيحة قانونية. نظراً لأن الظروف الفردية قد تختلف من شخص لآخر، يجب عليكم استشارة خبير مستقل إذا لزم الأمر.