تحلّ الذكرى الثانية لأحداث السابع من أكتوبر 2023، ذلك اليوم الذي فتح أبواب الجحيم في المنطقة، معلنًا بداية واحدة من أكثر الحروب دموية وتعقيدًا في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ومع دخول الحرب عامها الثالث، يترقّب العالم تطورات المشهد السياسي والأمني، في ظل استمرار المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل، والتي لم تُفضِ بعد إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار.
ورغم الزخم الدبلوماسي والوساطات الإقليمية والدولية، خاصة المصرية والأميركية، لم تُحقق المباحثات حتى اللحظة خرقًا فعليًا على الأرض، باستثناء مؤشرات محدودة على تقدّم جزئي، دون أن يُترجم ذلك إلى تهدئة ملموسة.
الرجل الذي يروّج لنفسه كصانع سلام، يزعم أن المرحلة الأولى من الاتفاق قد تُنجز "خلال هذا الأسبوع"، دون أن يوضح طبيعة هذا الاتفاق أو آفاقه الحقيقية.
"طوفان الأقصى"
السابع من أكتوبر لم يكن مجرد حدث سياسي أو أمني، بل لحظة مظلمة غيّرت مسار حياة آلاف العائلات.في مثل هذا اليوم قبل عامين، أطلقت حركة حماس عملية "طوفان الأقصى"، في واحدة من أكبر العمليات العسكرية التي واجهتها إسرائيل منذ عقود، مخترقة "القبة الحديدية" وشاهرةً سيف المواجهة الشاملة. تلك اللحظة لم تكن مجرّد حدث أمني، بل نقطة تحوّل أعادت تشكيل حياة آلاف العائلات، وغيّرت قواعد اللعبة السياسية والعسكرية في المنطقة.
حماس: هزيمة أم إعادة تموضع؟
المفاوضات الحالية الجارية في شرم الشيخ، برعاية مصرية وأميركية، تركز أولاً على الملفات الفنية: تبادل الأسرى، وقف إطلاق النار، وانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من غزة. في المقابل، تطالب حماس بضمانات واضحة لالتزام إسرائيل بالانسحاب بعد إطلاق الأسرى.
لكن الميدان لا ينتظر، فالقصف الإسرائيلي لا يزال مستمرًا في قطاع غزة، وقد أودى خلال الساعات الأخيرة بحياة ما لا يقل عن 19 فلسطينيًا، ما يلقي بظلال ثقيلة على فرص نجاح المفاوضات.
مصير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبدو اليوم معلقًا بنتائج هذه الحرب. فالبعض يرى أن نهايته السياسية ستكون مع انتهاء العمليات العسكرية، في حين يعتبر آخرون أن نتنياهو لا يسعى فعلاً لإنهاء الحرب، بل لتحقيق أهداف مرحلية، أبرزها إطلاق الرهائن، ثم مواصلة مسار الحرب تحت شعار "القضاء على حماس".
في المقابل، تبدو حماس في موقع تفاوضي صعب. فهل فقدت كل أوراقها فعلاً؟ أم أنها تعيد تموضعها ضمن معادلة إقليمية جديدة؟
تجدر الإشارة الى أن الهجوم الذي شنّته حركة حماس في 7 أكتوبر 2023 كان الشرارة التي فجّرت التصعيد الحالي في الصراع بين إسرائيل وغزة. هذا الهجوم أسفر عن مقتل نحو 1,200 إسرائيلي وأسر حوالي 250 آخرين، ولا يزال نحو 50 شخصًا في عداد المفقودين، ويُعتقد أن حوالي 20 منهم لا يزالون على قيد الحياة.
هذا ويؤكد تقرير الأمم المتحدة أن نحو 60% من البنية التحتية في غزة تضررت أو دُمرت، وأن أكثر من 95% من المستشفيات تعمل بشكل محدود بسبب نقص الوقود والأدوية، مما يزيد من معاناة المدنيين في ظل القصف المستمر والحصار.
التجارب السابقة تُثبت أن "الشيطان يكمن في التفاصيل"، فهل تنجح الضغوط الأميركية هذه المرة في دفع الطرفين نحو تسوية حقيقية، أم أننا أمام جولة جديدة من التفاوض العبثي الذي ينتهي غالبًا إلى لا شيء؟ ما الذي أنجزه الطرفان خلال عامين من الحرب؟ هل هي خسائر متبادلة، أم مكاسب مؤجلة؟
استمعوا الى عينة من آراء الجالية العربية حول هذا الطرح، في حوار غني وملهم في الملف الصوتي المرفق بالصورة أعلاه.
الإجابة في الملف الصوتيّ أعلاه.