من دمشق إلى سيدني: رحلة الفسيفساء التي صنعت لفنانٍ سوري مهاجر اسماً في أستراليا

Mosaic art- Imad Maryood 1.JPG

من إبداعات المهندس عماد مريود

هذه حكاية عماد مريود المهندس الذي غادر الخرسانة والفولاذ، ليشيّد عالماً من الضوء واللون. فنان أسترالي ذو جذور سورية، حمل معه من دمشق عشق فن الفسيفساء "الموزاييك"، وسافر به عبر القارات حتى وجد له موطئ قدم جديد في سيدني.


للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

في عالم تتزاحم فيه الألوان وتتنافس الخامات، يطلّ فنّ الفسيفساء"الموزاييك" كجوهرةٍ ضائعة من زمن بعيد؛ فنّ يبدو بسيطاً لأول وهلة؛ قطع صغيرة من زجاج أو حجارة. لكنها حين تتجاور، وتتعانق، تتحول إلى لوحة نابضة، تشعّ بروح صانعها.

 حين تكشف الموهبة عن سرّها

لم يولد عماد فناناً. فقد تخرّج مهندساً مدنياً من جامعة دمشق، وسافر لاحقاً إلى الإمارات ثم قطر، حيث انغمس في مشاريع ضخمة ومسؤوليات لا تنتهي. غير أنّ صوتاً خافتاً ظلّ يتردّد في داخله؛ صوت الفنّ الذي رافقه منذ الطفولة، إنه فنّ الموزاييك، أو "الفُسيفساء" كما يسميه البعض.

عاد إلى سوريا لفترة قصيرة، وهناك حدث التحوّل. عمل مع شركة متخصّصة بالموزاييك، وبدأ يقدّم لوحات للكنائس والمساجد. وفي تلك اللحظة أدرك أن الأمر ليس هواية، بل قدرٌ يتكشف، وأن يديه تحملان ما يمكن أن يصنع الدهشة.
إلى أستراليا: بداية الطريق نحو الضوء

عام 2015، حطّ عماد رحاله في سيدني. عمل مديراً للمشاريع في شركة هندسية، لكن شغفه القديم ظلّ يطرق أبوابه بإصرار حتى فتحها أخيراً في نهاية عام 2018.

بدأ بخطوات صغيرة يصفها بقوله:
صنعت لوحات للأصدقاء، ومنشورات بسيطة على "فيسبوك، ثم مشاركة في معارض للجالية. كان الإعجاب يتزايد، والاسم أخذ يلمع شيئاً فشيئاً.
أحد منتجات الموزايييك من أعمال عماد مريود
أحد منتجات الموزايييك من أعمال عماد مريود Source: Supplied / supplied: عماد مريود
لاحظ عماد أن السوق الأسترالي مختلف؛ أكثر انفتاحاً، أكثر تقديراً للفنون اليدوية، وأكثر تشجيعاً لمن يريد أن يصنع مشروعه الخاص. فأسّس متجره الإلكتروني، وبدأ يبيع المواد الأولية بالجملة والمفرق، حتى أصبح اسمه مرجعاً لمحبي هذا الفن في أستراليا.

سرّ الموزاييك الروح التي لا تتغير

ما الذي يجعل الموزاييك فنّاً فريداً؟ يسأل الناس هذا السؤال كثيراً، لكن عماد يجيب ببساطة تُشبه الفن نفسه:
في لوحات صنعتها تحتوي 7000قطعة، وقد تحتاج سبعين ساعة عمل. ويؤكد عماد أن ما يميز الفسيفساء أو الموزاييك أنه لا يتغير مع الزمن، ويحمل بعضًا من روح الفنان، لأنه يضع كل حبّة بشغف وحب .

ففي كل قطعة صغيرة شعور، وفي كل لون نبرة، وفي كل لوحة حكاية طويلة تُروى بلا كلمات. المواد متنوعة: زجاج، سيراميك، رخام، حجر طبيعي، وحتى قطع معاد تدويرها. تُقصّ بدقة، تُرتّب واحدة بعد الأخرى، ثم تُملأ الفراغات بينها ليولد الشكل النهائي.
المهندس عماد مريود ضحى بالهندسة من أجل  فن الفسيفساء
المهندس عماد مريود يضحي بالهندسة في سبيل فن الفسيفساء Credit: عماد مريود
فن انتقل من الجدران إلى المسابح والمتاحف المنزلية

قد يظن البعض أن فن "الموزاييك" لوحات فنية فقط، لكن الحقيقة تقول غير ذلك. فهو مادة إكساء تُستخدم في المسابح، الحمّامات، الأرضيات، وحتى الواجهات الخارجية. وقد تتحول آلاف القطع الصغيرة إلى جدار مسبح كامل، أو أرضية تُشبه سجادة شرقية، أو مدخل منزل يترك انطباعاً لا يمحى.

ولأن الفن لا يكتمل إلا بمشاركة الآخرين، بدأ عماد بتعليم "الموزاييك" عبر ورش عمل جذبت كثيراً من الأستراليين والعرب، وفتح باب التعاون مع فنانين آخرين ليعيد لهذا الفن مكانته الواسعة. يقول:
التميّز بهذا الفن ليس مهارة يد فقط، بل هو رؤية، وصبر، وقدرة على تحويل فكرة إلى قصة عبر القطع الصغيرة.
لوحة تُشبه الرحلة

عماد مريود لا يرسم بالفرشاة، بل بالحجر والزجاج. ولا يمزج الألوان على لوحة، بل يجمعها من قطع صغيرة يحيك بينها قصة جديدة.

من دمشق إلى سيدني حمل شغفه معه، وبنى في المهجر بيتاً واسعاً للإبداع. إنها رحلة رجل رأى العالم من خلال تفاصيل صغيرة، جمعها بحبّ، ليصنع منها فناً كبيراً.

استمعوا لتفاصيل رحلة الإبداع مع المهندس عماد مريود بالضغط على زر الصوت في الأعلى.

أكملوا الحوار على حساباتنا على فيسبوك وانستغرام.

اشتركوا في قناة SBS Arabic على YouTube لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.

شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand