المتمردة بداخلها كانت تسأل: لماذا التعليم حكر على الأغنياء؟

في عام 1871، أسقف أديلايد، بضغط من رجال دين محافظين، ألقى الحرم الكنسي على ماري بتهمة العصيان
شعارها كان: التعليم حق، وليس امتياز


ماري ماكيلوب.. قديسة أستراليا الأولى
المتمردة بداخلها كانت تسأل: لماذا التعليم حكر على الأغنياء؟

في عام 1871، أسقف أديلايد، بضغط من رجال دين محافظين، ألقى الحرم الكنسي على ماري بتهمة العصيان
شعارها كان: التعليم حق، وليس امتياز

spk_0
أهلا بكم في الداون أندر بلاد الفرص والأحلام والتنوع لا متناهي.
spk_0
من التاريخ إلى الجغرافيا، من السياسة إلى السياحة، سنفتح لكم الباب على كل ما هو أسترالي.
spk_0
أنا سيلفا مزهر، وهذا هو من أستراليا جاهزون فلن.
spk_0
أستراليا معروفة بمساحاتها الشاسعة بشواطئها الخلابة بالتعدد الثقافي الذي يعكس تنوع سكانها، لكن أستراليا قل ما تعرف بقديسيها أو بمعنى أصح قديساتها.
spk_0
لنعد بالزمن إلى منتصف القرن التاسع عشر. أستراليا مستعمرة بريطانية، الفقر فيها شائع. التعليم شبه معدوم على هذه الأرض في مدينة اسمها ملبورن، ستولد فتاة من أصول إسكتلندية كاثوليكية ستسمع نداء يدعوها لتكرس حياتها في خدمة الضعفاء.
spk_0
وككل قديس عبر التاريخ ستلبي النداء.
spk_0
نحن في الفاتيكان التاريخ السابع عشر من تشرين الأول أكتوبر عام ألفين وعشرة البابا بنيديكتوس السادس عشر يعلن قداسة توباوية من أستراليا.
spk_0
هذه الفقيرة الحالمة المتمردة المصلحة المعلمة ستصبح قديسة أستراليا الأولى، وهذه قصتها.
spk_1
دعونا نتحلى بالسكينة ونثق بالله بالسلام، فلنبذل قصارى جهدنا ونترك الباقي له إنه الأعلم بما هو خير لنا
spk_0
. كانت هذه ماري ماكلوب فلند بيتها المتواضع
spk_0
تعرف على والديها فلورا وألكسندر مهاجران اسكتلنديان رزقا ثمانية أولاد أكبرهم ماري التي أبصرت النور عام ألف وثمانمئة واثنين وأربعين في ضاحية فيتسروي شرق ملبورن عائلة.
spk_0
الفقيرة لم تعرف إلا المعاناة، فاضطرت الشقيقة الكبرى، وهي لم تتجاوز سن السادسة عشرة أن تعمل لتساعد إخوتها وأخواتها معلمة كاتبة مربية كانت تعمل بلا كلل.
spk_0
لكنها كانت أيضا تراقب المتمردة بداخلها. كانت تسأل لماذا التعليم حكر على الأغنياء؟ ويشاء القدر أن يضع في طريقها رجلا سيغير حياتها ويطلق دون أن يدري رحلتها نحو القداسة.
spk_2
أنا جوليان تنيس وودز كاهن، لكنهم يقولون أني ثائر أيضا. رأيت ماري أول مرة في بلدة بينولا الصغيرة جنوبي أستراليا. كانت تعمل مربية في مزرعة عمها. وجدت في ماري خميرة صالحة أخذتها تحت جناحي، ومعنا افتتحنا عام ألف وثمانمئة وستة وستين أول مدرسة.
spk_1
المدرسة كانت داخل إسطبل قديم، لكننا لم نهتم.
spk_1
المهم أنها كانت فكرة ثورية تعليم مجاني للأطفال الفقراء بدون شروط بدون رسوم بدون تمييز.
spk_0
في نفس العام دخلت ماري سلك الكهنوت وأصبحت تعرف بالأخت ميري أو كروس بشخصيتها القيادية كان لا بد أن يكون صوتها مسموعا وأن
spk_0
تكون بصمتها حاضرة. أطلقت ميري ماكيلوب جماعة راهبات القديس يوسف للقلب الأقدس المعروفة باسم اليوسفيات راهبات لسنا كغيرهن.
spk_0
ملابس بسيطة بدون مقتنيات، لا خضوع إلا لقوانين الرهبنة وليس لسلطة الأساقفة المحليين. استقلاليتهن أثارت غضب الكنيسة آنذاك.
spk_0
ماري ماكيلوب كانت تهدد نظاما تقليديا عمره مئات بل آلاف السنين، وكانت امرأة صاحبة رأي، وهذا لم يعجب بعض رجال الدين بعد خمس سنوات انفجر الصراع.
spk_0
في عام ألف وثمانمائة وواحد وسبعين أسقف أديلايد بضغط من رجال دين محافظين ألقى الحرم الكنسي على ميري والتهمة العصيان.
spk_0
لخمسة أشهر. لم يسمح لميري ماكيلوب بتلقي المناولة ولا بارتداء زي الراهبات ولا بالتدريس، لكنها لم تستسلم، لم تعتذر ولم تتراجع واكتفت بهذه الكلمات.
spk_1
إله أشكرك على كل شيء
spk_0
مع تزايد الغضب الشعبي تدخل الفاتيكان.
spk_0
الأسقف التي ألقى عليها الحرمان، سحب وهو على فراش الموت قرار حرمانها استعادت ميري مكانتها، لكنها لم تسلم من المضايقات. استمرت الضغوط والتدخلات في شؤون جماعتها، لكن ذلك زادها إصرارا على إكمال رسالتها.
spk_0
سافرت في أرجاء أستراليا ونيوزيلندا تؤسس المدارس والملاجئ ودور الأيتام، وتعلم الفقراء والفتيات خصوصا في المناطق النائية. شعارها كان التعليم حق وليس امتيازا، وكانت تقول لا تتجاهل أي محتاج إذا كان بيدك أن تفعل شيئا.
spk_0
وكما لكل بداية نهاية حتى للقديسين في سنواتها الأخيرة أصيبت ميري ماكيلوب بجلطة دماغية أقعدتها، لكنها ظلت تكتب تقود وتدافع عن رسالتها وعام ألف وتسعمائة وتسعة.
spk_0
عن عمر سبعة وستين عاما أغمضت عينيها للمرة الأخيرة، لكن قصتها لم تنته بعد أكثر من قرن فصولها تتوالى مع كل كتاب يفتحه طالب ليتلقى العلم في أكثر من مئة مدرسة أسستها في أستراليا ونيوزيلندا.
spk_0
وآلاف المعلمين والمعلمات الذين ألهمتهم فساروا على خطاها يوم اعلن البابا يوحنا بوس الثاني تطويبها عام الف وتسعمائة وخمسة وتسعين، وأعلن خليفته بديكتوس قداستها عام ألفين وعشرة. لم يكن ذلك تتويجا لمعجزاتها فقط.
spk_0
بل لأنها كرست حياتها في خدمة الآخرين، ووقفت مع الضعفاء ودافعت عنهم حتى النهاية. ماري ماكيب الأسترالية لم تطوب أول قديس لأستراليا لأنها كانت وديعة، بل لأنها كانت شجاعة.
spk_0
كنتم مع بودكاست من أستراليا بقلم ناصيف خوري وهندسة صوتية ديما القائد وإلى اللقاء في حلقة جديدة.