هو الذي شكّل اختفاؤه في أغسطس 1978 إحدى أكثر القضايا غموضًا وإيلامًا في التاريخ اللبناني والعربي الحديث، ما زال ينبض في صوته الذي أراد مشروع الدولة والعدالة والعيش المشترك، والذي ترك جرح بغيابه فراغًا فكريًا ووطنيًا ما زال صداه يتردّد حتى اليوم، فيما يصدح صوت المحرومين!
الغائب الحاضر
تؤكد السيدة رباب الصدر شقيقة الامام المُغيّب موسى الصدر، أن الاختفاء الغامض للإمام في آب 1978 لا يقلل من حضوره في قلوب المؤمنين بنهجه، اذ تقول "غياب الإمام الصدر ليس غيابًا… نحن نراه يوميًا في أعمالنا" رغم تعثّر كل الجهود لكشف أي عطيات حول هذه الملف الشائك منذ اكر من أربعة عقود.
هي التي تغرس إرثه في نفوس الأجيال التي لم تعرفه الا فكرًا تقول "لم نجلس جانبًا يومًا… حضور الإمام يرافق كل عمل نقوم به."
تستذكر جهود المؤسسات التي تعمل منذ سنوات لتغيير الواقع الاجتماعي في الجنوب اللبناني: "خلال السنوات التي نعمل فيها، استطعنا أن نغيّر جو الجنوب بأكمله."
تنظر الى الجنوب اللبناني الذي شهد تحولات كبيرة رغم الجراح قائلة:
"التغيّر في الجنوب حقيقي… صار لدينا متعلمون، اختصاصيون، مؤمنون بلبنان".
هذه التغيرات لم تأتِ من فراغ، بل نتيجة سنوات من العمل المؤسساتي والتربوي الذي يواصل اليوم عبر الأجيال. تشرح رؤية مؤسسات الصدر التي تحرص على تعليم الأطفال منذ الصغر قيم العيش في مجتمع متنوع يحتفي بالتعددية الروحيّة قائلة:
"نحن نربي أبناءنا على أن المسيحيين إخوة، وأن لبنان للجميع بلا تفرقة."
تشير السيدة رباب الصدر إلى أن الفقر، الذي لطالما لاحق لبنان، ليس قدرًا محتمًا، بل نتيجة ظلم جماعي، ولعل هذا المبدأ يشكل العمود الفقري لعمل مؤسسات الإمام، التي تسعى لتأهيل الأفراد، وتعليمهم كيفية أن يكونوا فاعلين في المجتمع، مسؤولين عن حياتهم، ومساهمين في رفعة وطنهم.
لبنان الوحدة
تؤكد السيدة رباب الصدر أن التعليم والتربية هما الأدوات الأساسية لنقل فلسفة الإمام للأجيال القادمة: "نحن مؤتمنون على رسالة الإمام التي تشدد على الإنسان قيمةً عليا، والوطن بيتًا واحدًا للجميع قائلة:
"إن هذه الرؤية تتجسد في البرامج التربوية التي تعد الأجيال الجديدة لفهم التعايش واحترام الآخر، والعمل بروح المواطنة، ومواجهة الفقر بالعلم والجهد".
تحتفي الصدر بمشاركة جوقة مؤسسات الإمام الصدر في ثلاثية الرجاء التي شهدها لبنان مع زيارة البابا لاوون الرابع عشر، في اللقاء المسكونى الذي جمع ذوي الادارة الصاحة في حوار الأديان في لبنان الرسالة قائلة:
"هم يتعلمون منذ الصغر أننا والمسيحيون إخوة، نحن جميعًا مواطنون للبنان."
وعن وجه لبنان الذي أراده الامام الصدر تقول:
"لبنان الذي أراده الإمام موسى الصدر هو لبنان الوحدة، بعيدًا عن الانقسام والطائفية لعيش الأخوة والإنسانية"،
لبنان الواحد… لجميع اللبنانيين
لا سلاح الا المعرفة
في وقت تصاعدت فيه أزمات لبنان السياسية والاجتماعية، ترى رباب الصدر أن المقاومة الحقيقية ليست بالسلاح، بل بالقلم والفكر:
لبنان ليس بحاجة للسلاح بل للتسلّح بالفكر والمعرفة
"إذا أردنا أن نرجع للقيم الحقيقية، فلا بد من الفكر والعلم والقلم… لكل ما يعطي قيمة للإنسان، فالإنسان قيمته غالية جدًا." هذه الرؤية تجعل من العمل المدني والتعليم أداة قوة، تكمل غياب الإمام بحضور مستمر وفعال.
وبعد حوالي خمسة عقود طويلة من الانتظار، تعلّق رباب الصدر على الفشل المدوّي لكشف أي خيط في ملف تغييب الإمام الصد، مؤكدة أن كبار المسؤولين اتفقوا على عدم الكشف عن الحقيقة قائة:
"للأسف، كل المساعي المتعلقة بقضية الإمام الصدر لم تُسفر عن نتائج حتى اليوم، لأن هناك قرارًا دوليًا يحول دون كشف الحقيقة، والكبار المسؤولون عن غيابه اتفقوا على عدم إفشائها."
وتتابع مؤكدة على مواصلة المسيرة قائلة:
من غيّبوا الإمام هم كبار اتفقوا ألا يظهر شيء… لكننا نكمل الطريق مهما طال الانتظار
وعن لبنان الذي أراده الإمام، تقول: "الأكيد أنه أراد لبنان الوحدة، لبنان لجميع أبنائه".
تعانق الأخت رباب الصدر الغياب الحاضر لإمام المحرومين لتهمس له:
نحن في انتظارك… ونكمل طريقك بكل إخلاص
ويبقى السؤال معلّقًا في الذاكرة الجماعية على صليب الوطن، هل خذل لبنان الامام موسى الصدر؟
الإجابة مع السيدة رباب الصدر في الملف الصوتيّ أعلاه.
لقراءة محتوى التقرير الصّوتي، اضغط على خاصيّة Transcription في الصورة أعلاه.
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل و أندرويد وعلى SBS On Demand.








