الشاي، تلك الورقة التي على الرغم من تواضعها أشعلت الثورات وألهمت الشعراء، وبالنسبة للكثيرين منا، لا يمكن أن يبدأ يومنا بدونها.
ولكن هل سبق أن تساءلتم من الذي يزرع وينتج لنا الشاي؟
الصين والهند تتصدران قائمة منتجي الشاي في العالم. وتشتهر الصين بتنوعها، حيث تنتج كل أنواع الشاي بدءًا من الشاي الأخضر وحتى الشاي الأسود. وتقول الحكايات إنه تم اكتشاف الشاي عندما سقطت بعض أوراقه في إناء من الماء المغلي كان يعود للإمبراطور الصيني شين هانج. ويقال إن هذا حدث منذ ما يقرب من 5000 عام.
تشتهر الهند أيضا بتنوع منتجاتها من الشاي حسب مناطقها الشهيرة مثل آسام ودارجيلنج، حيث تقدم كل منهما مشروبات بنكهة فريدة من نوعها.
ما يقرب من ثلثي سكان العالم يشربون الشاي مما يعني أن مليارات البشر الذين يشاركون في هذا الطقس اليومي. سواء كان ذلك بمثابة مشروب منعش في الصباح أو تقليد مهدئ قبل النوم، فإن الشاي له مكانة خاصة في العديد من الثقافات.
متوسط استهلاك الشاي للشخص الواحد عالميا أكثر من 35 لترا في العام وفي كل ثانية يتم شرب 25 ألف كوب شاي بما يعادل 2.1 مليار كوب من الشاي يوميا.
تركيا وأيرلندا والمملكة المتحدة هي الدول الأكثر استهلاكا للشاي. الأتراك، على وجه الخصوص، يتناولون في المتوسط حوالي 3 إلى 5 أكواب من الشاي يوميًا.
شرب الشاي ليس فقط مجرد عادة لذيذة ولكنها أيضًا عادة صحية.
الشاي مليء بمضادات الأكسدة، والتي يمكن أن تساعد في مكافحة الالتهاب وحماية خلايا الإنسان من التلف. تشير بعض الدراسات إلى أن شرب الشاي بانتظام قد يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب وحتى بعض أنواع السرطان.
وتشير دراسة حديثة إلى أن انتشار الشاي في إنجلترا في أواخر القرن الثامن عشر أنقذ العديد من الأرواح لأن غلي الماء لإعداد الشاي، في عصر لم يكن يفهم الناس فيه بعد أن الأمراض يمكن أن تنتقل عن طريق الماء، كان كافيا لإنقاذ الكثيرين من الموت المبكر.
وقد لعب الشاي دورا سياسيا أيضا.
فقد ارتبط تاريخ انتاج الشاي بتوسع الإمبراطوريات الأوروبية والتجربة الاستعمارية والثورة. ففي المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية، كانت أوراق الشاي رمزًا للضرائب، ووجدت المستعمرات التي تمردت على الحكم الأوروبي تدابير مبتكرة للتخلص من الشاي بدءا من المقاطعة وحتى تدمير المحاصيل.
للشاي أيضا مكانة خاصة في العالم العربي.
فذلك المشروب متعدد الألوان والنكهات يلعب دورًا محوريًا في الضيافة والحياة الاجتماعية العربية. في الثقافة العربية، لا يقتصر تقديم الشاي على إرواء العطش فحسب؛ يتعلق الأمر بإظهار الاحترام ومشاركة الوقت والاستمتاع بلحظات الحياة معًا.
بحسب الروايات التاريخية فإن الشاي قد وصل إلى العالم العربي في القرن السادس عشر من خلال التجارة مع الصين وبحلول القرن الثامن عشر أصبح الشاي جزءا رئيسيا من الثقافة.
يرتبط شرب الشاي في العديد من الدول العربية بالمقاهي الشعبية حيث تكون هناك طقوس خاصة باحتساء الشاي مثل قراءة الجريدة اليومية وسماع الأخبار عبر الإذاعة ولعب الدومينو وتبادل المزاح بين الزبائن والنادل.
وبالإضافة للشاي الأحمر التقليدي يشرب الناس في العالم العربي ألوانا متنوعة من الشاي تختلف في نكهاتها وطرق إعدادها والوجبات الخفيفة المقدمة معها. فمن الشاي الأخضر وشاي الكرك والشاي بالنعناع وحتى الشاي بالياسمين وشاي الخمسينة تتنوع النكهات ويظل الدفء والاستمتاع واحدا.