قرار تجميد الفائدة يهز التوقعات.. وأنظار المقترضين تتجه إلى أغسطس

YOUSIF MURTADA NEW.jpg

الخبير العقاري والمالي يوسف مرتضى

أثار قرار مصرف الاحتياطي الأسترالي بتثبيت سعر الفائدة، رغم انقسام أعضاء مجلس إدارته، ردود فعل واسعة في الأوساط الاقتصادية، وتسبب بارتباك في سوق العقارات وتحرك مفاجئ في سعر صرف الدولار الأسترالي. كما خيّب القرار آمال ملايين الأستراليين من أصحاب القروض، الذين كانوا ينتظرون خفضا يخفف عنهم الأعباء المعيشية.


للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

في خطوة فاجأت الأسواق وأربكت التوقعات، قرر بنك الاحتياطي الأسترالي الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير عند 3.85% خلال اجتماع تموز يوليو، رغم تراجع معدلات التضخم إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من ثلاث سنوات.

هذا القرار، الذي انقسم بشأنه مجلس إدارة البنك، أثار موجة من ردود الفعل المتباينة بين الخبراء والجهات الاقتصادية، وأحدث اضطرابا في السوق العقارية وسعر صرف الدولار الأسترالي، كما عمّق شعور الخيبة لدى ملايين الأستراليين، لا سيما من أصحاب القروض العقارية، الذين كانوا ينتظرون بارقة أمل لتخفيف الأعباء المعيشية.

الخبير المالي والعقاري يوسف مرتضى، وفي حديث لــ" أس بي أس عربي" رأى أن قرار تثبيت الفائدة "جاء بمثابة مفاجأة" بعد أن رجّحت أغلب التوقعات اتجاه البنك نحو خفض الفائدة تدريجيا، خاصة بعد تراجع التضخم إلى 2.4% في مايو، وهو ما يقترب كثيرا من الهدف الرسمي البالغ 2.5%.

ومع ذلك، يقول مرتضى "اختار البنك نهج الحذر، مفضلا انتظار المزيد من البيانات التي تؤكد استدامة هذا الاتجاه، بدلاً من التسرع بخطوة قد يُنظر إليها على أنها تهور في ظل عدم يقين اقتصادي عالمي.".

وأشار مرتضى إلى أن "دوافع مصرف الاحتياط الأسترالي لتأجيل الخفض تتمثل في ثلاثة عوامل رئيسية ، وهي استمرار بعض مؤشرات التضخم عند مستويات أعلى من المتوقع، ووجود حالة من عدم الاستقرار في المشهد الاقتصادي الدولي، وأخيرا، صلابة سوق العمل الأسترالي الذي ظل معدل البطالة فيه ثابتا عند 4.1% ".

واضاف ان "هذه المعطيات مجتمعة دفعت ستة من أصل تسعة أعضاء في المجلس إلى تفضيل تثبيت الفائدة، مقابل ثلاثة أعضاء فقط رأوا أن الوقت حان لبدء مسار التيسير النقدي".

 
ورغم أن "هذا القرار شكّل خيبة أمل كبيرة للعديد من المقترضين، خصوصًا من أصحاب القروض العقارية، الذين كانوا ينتظرون خفضا ينعكس على أقساطهم الشهرية".

ورأى مرتضى أن هذه "الفرصة الضائعة" ليست إلا مؤجلة، وليست مهدورة تماما. فمع استمرار تباطؤ التضخم، تبقى احتمالات الخفض قائمة خلال الأشهر المقبلة، وعلى رأسها اجتماع أغسطس المرتقب، الذي تشير التوقعات إلى وجود احتمال كبير يتراوح بين 85 إلى 88% لخفض ربع نقطة، بشرط أن تؤكد بيانات الربع الثاني استمرار التراجع في الأسعار.

وأكد ان احتفاظ البنك بسعر الفائدة الحالي يعني أن تكاليف الاقتراض ستظل مرتفعة على المستهلكين لفترة إضافية، مما يؤخر أي تخفيف في أقساط القروض العقارية الشهريّة" مبينا ان كثير من المقترضين كانوا يأملون في خفض الفائدة لزيادة قدرتهم الشرائية.

ومضى الى القول أن "إمكانية الخفض ستبقى قائمة مستقبلاً. ولذلك، يُنظر إلى هذه الفرصة بأنها موؤودة مؤقتًا؛ والانتظار قد يكون أعطى البنك الوقت لتأكيد مسار التضخم قبل اتخاذ قرار يخفف الفائدة بشكل مستدام".
بقاء الفائدة مرتفعة سيبقي الإقبال على التمويل العقاري محدودا
أما فيما يخص سوق العقارات، فقد أوضح مرتضى أنه "لا يزال في حالة من التباطؤ النسبي، فرغم أن بعض المدن شهدت ارتفاعًا في الأسعار، إلا أن حجم المبيعات بقي أقل من مستوياته التاريخية، بينما أظهرت بيانات تصاريح البناء في حزيران مايو زيادة متواضعة بنسبة 3.2%، ما يدل على حذر مستمر لدى المطوّرين".

وأكد أن "بقاء الفائدة مرتفعة سيبقي الإقبال على التمويل العقاري محدودا، ما يعني أن السوق لن يشهد انتعاشا قويا قبل أن تتضح توجهات السياسة النقدية".

من جهة أخرى، فسّر مرتضى رد فعل السوق السريع بعد إعلان القرار، حيث ارتفع الدولار الأسترالي بنسبة 0.8%، بأنه "تحرك مؤقت ناتج عن مفاجأة الأسواق التي كانت تترقب خفضا". لكنه رأى أن "هذا الصعود لن يستمر طويلا".

واضاف أن "التحركات المقبلة للعملة المحلية ستتوقف على طبيعة البيانات الاقتصادية المنتظرة خلال الأشهر القادمة".
وفي تحذير لافت، أشار مرتضى إلى أن "تأخير خفض الفائدة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط على الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري فقد نما الاقتصاد الأسترالي بنسبة 0.2% فقط في الربع الأول من العام الحالي، وهو ما يشير إلى تهدئة واضحة في النشاط الاقتصادي، قد تتعزز إذا ظلت السياسة النقدية مشددة لفترة أطول من اللازم".
التروي في التوقيت والاستثمار على أسس اقتصادية صحيحة هما أفضل الخيارات في ظل حالة عدم اليقين الحالية
ونصح مرتضى المستثمرين العقاريين والمشترين المحتملين بالتحلّي بالمرونة والحذر في هذه المرحلة. وقال "على المدى القصير، تكلفة الاقتراض لا تزال مرتفعة، وبالتالي يجب تقدير المخاطر بعناية وعدم الاعتماد على افتراض انخفاض فوري في الفائدة" مبينا انه بالمقابل، "يؤكد البنك المركزي أن الاتجاه هابط على المدى المتوسط لكن بحذر".

واشار الى اهمية "اتخاذ قرارات مبنية على أسس اقتصادية صحيحة ومدروسة، وليس على افتراضات غير مؤكدة بخفض قريب في ظل عدم اليقين الحالي ".

وختم مرتضى مؤكدا "من يتحلّى بالصبر، ويستثمر في التوقيت الصحيح، سيجني ثمار القرار لاحقا وانه يتعين على المشترين الجدد مراعاة قدرة تحمّلهم المالي للفوائد حال بقائها مرتفعة في الوقت الراهن".

وكان مصرف الاحتياطي الأسترالي قد أشار في بيانه الرسمي إلى أن قرار التثبيت يهدف إلى منح المزيد من الوقت لمراقبة بيانات التضخم والتحقق من استدامة تراجعه نحو الهدف البالغ 2.5%.

كما أكد أن أي خطوات قادمة بشأن السياسة النقدية ستعتمد على ما ستكشفه البيانات الاقتصادية للربع الثاني من العام، خاصة تلك المتعلقة بالتضخم وسوق العمل.

يمكنكم الاستماع للمقابلة في التدوين الصوتي أعلاه.

هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "أستراليا اليوم" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة الثالثة بعد الظهر إلى السادسة مساءً بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق Radio SBS المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.

أكملوا الحوار على حساباتنا على فيسبوك وتويتر وانستغرام.

للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.


شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand