احتفى العالم بالشوكولاتة في يومها العالمي بعدما صارت صناعة الشوكولاتة واحدة من أكبر القطاعات الاستهلاكية في العالم، ما جعل الاحتفال بها مناسبة اقتصادية وثقافية.
في ملبورن، المدينة التي لا تخفي عشقها للطعام، حيث المقاهي مثل القصائد، والحلوى مثل الحكايات، تحولت مصانع الشكولاتة الى مقاصد سياحية ولم تكن الشوكولاتة فيها مجرّد حلوى، بل أصبحت تعبيرا عن المشاعر، وقطعة واحدة منها تحمل في طيّاتها شيئا من الطمأنينة، شيئًا يشبه الذاكرة، يشبه الوطن. إنها فنّ، وحنين، وربما لغةُ حب خفيّة لا تُقال.
في قلب هذا المشهد، يقف عبد الرحيم أبو اللبن، صانع الحلويات السوري القادم من مدينة حمص، حاملاً معه ما هو أثمن من الحقائب. إنها مهنة الأجداد في صناعة الحلويات، ووعدا شخصيا بأن يترك على الطاولة الأسترالية شيئا من نكهة بلاده ووصفة للتجديد.
في حديثه لـ "أس بي أس عربي" قال عبد الرحيم ابو اللبن، "جئت إلى أستراليا خائفا من المجهول، لكن ملبورن المدينة المتنوعة ثقافيا فتحت لي بابا من الدفء... ومن الطمأنينة"، مستعيدا أيامه الأولى في مدينة تصالح فيها الشرقي بالغربي على مائدة واحدة.
ورث أبو اللبن صناعة الحلويات عن والده، لكنه لم يرضَ بالبقاء في حدود الوصفة التقليدية.
بلمسة من الشوكولاتة، بدأ يختبر ما لم يجرؤ كثيرون على فعله: أن تُغطّى الكنافة بالشوكولاتة، أن تتذوّق البقلاوة بطعم الكاكاو، وأن تنفتح الوصفة العربية القديمة على ذوق عالمي جديد.
من تراث الحلوى إلى مختبر الشوكولاتة .. التجريب حين يُبقي على الجذور
"البداية كانت مغامرة خاضها قبلنا جدي حين غمس البوظة العربية بالشوكولاتة" مفجّرا ما يشبه "الثورة الحلوة" في المطبخ الحمصي والسوري".
وتابع "جربنا إضافة الشوكولاتة على المعمول والبقلاوة والكنافة، والناس أحبوا الفكرة .. هكذا بدأ كل شيء".
وأضاف "وقتها عرفت أن الشوكولاتة ليست نكهة اضافية فقط بل هي شئ يغير التجربة بالكامل بأن نخلق توازن بين الطعم التقليدي الذي اعتاده الناس بالحلويات الشرقية وبين الذوق العصري الذي يحبه الناس في ملبورن اليوم".
وأدرك عبد الرحيم أبو اللبن منذ البداية أن ما يفعله قد يُقابل بالرفض، أو على الأقل بالريبة، لكنه لم يكن يهدف إلى إلغاء الهوية، بل إلى تطويرها بلغة الحاضر.
بين حمص وملبورن .. طعمٌ واحد بنبرتين والحلوى تتحدث بلغتين
ومضى الى القول "الإبداع لا يعني خيانة الأصل… بل هو تجديده بطريقة تحافظ فيها على الهوية باضافة عناصر جديدة".
واشار الى ان الناس في ملبورن لديهم ذائقة مميزة مفتوحة على التجربة وهذا ما تجده في مدينة متعددة الثقافات وهو ما جعلهم يقدرون الطعم الحقيقي.
وعن تجربة صنع"شوكولاتة دبي" ، لفت الى تخوفه في البداية من خوض تلك التجربة ولكنه اختار بعد ذلك ان يُعدل وصفاتها لتلائم الذوق المحلي في ملبورن، مستخدما الشوكولاتة الداكنة وموازنا بين النكهة الشرقية والحداثة الغربية.

الشوكولاتة كجرأة ناعمة لنكهة لا تمحو الأصل
وأكد ان "الشوكولاتة لغة يفهمها الجميع فلماذا لا نستخدمها لنعيد تقديم أنفسنا بنكهة مختلفة"؟
واشار الى ان الناس في ملبورن يعشقون الشوكولاتة والمدينة نفسها، بماركاتها العالمية ومصانع الشوكولاتة الشهيرة فيها والتي تحولت الى اماكن سياحية، فرضت نوعا من التحدي، لكنها أيضا فتحت الباب واسعا للابتكار.
وخلص الى القول "لمسة الشوكولاتة أضافت شيئا جديدا من دون ان تمس روح الحلوى الأصلية".
يمكنكم الاستماع للتقرير في التدوين الصوتي أعلاه.