يتحرك مصرف الاحتياط الاسترالي لإنهاء الرسوم الإضافية لبطاقات الخصم والائتمان والحد الأقصى للرسوم للشركات في وقت يئنّ فيه المستهلكون من غلاء الأسعار، ويشكو أصحاب المحلات من هوامش ربح تتآكل .
ووجد مصرف الاحتياط أنه سيكون من المصلحة العامة إزالة الرسوم الزائدة على معاملات نقاط البيع الإلكترونية (EFTPOS) وماستركارد وفيزا ، والحد الأقصى لرسوم التبادل التي تدفعها الشركات في خطة وصفها بالـ"طموحة" ويقول انها ستوفر للمستهلكين 1.2 مليار دولار كل عام مع تقليص كُلفة الدفع على المتاجر الصغيرة.
من المقرر أن تدخل التغييرات حيز التنفيذ اعتبارا من تموز يوليو 2026 ، بعد فترة من التشاور ، وستدخل حيز التنفيذ دون الحاجة إلى تشريع حيث ستخضع التغييرات للصلاحيات الحالية لمصرف الاحتياط الاسترالي .
وجدت مراجعة مصرف الاحتياط الأسترالي أن النظام الحالي قديم ولم يعد يحقق هدفه المتمثل في توجيه المستهلكين نحو طرق دفع أكثر كفاءة مع انخفاض الاستخدام النقدي.
أصحاب متاجر يحذرون من انعكاسات إلغاء الرسوم على الأسعار وهوامش الربح
وأعرب مشغلو الأعمال الصغيرة، بما في ذلك أصحاب المقاهي والمتاجر ومحلات البقالة، سابقا عن قلقهم بشأن حظر الرسوم الإضافية، محذرين من أن ينتهي بهم الأمر إلى دفع الفاتورة وان تلك الخطوة ستدفعهم لرفع الأسعار على نطاق أوسع لتغطية تكاليف الدفع ، فيما تثار الاسئلة حول ما اذا كان هذا الإصلاح المالي سيُخفّف العبء فعلا .. أم سينقله من جيب المستهلك إلى كتف التاجر؟وهل هو تمهيد لمجتمع "بلا نقد" يتحكّم فيه مزودو الدفع بلا سقف؟
حامد الحمدي، صاحب محلات "الفرات" في ملبورن، تحدث لـ"أس بي أس عربي" عن آثار هذا التحرك على الاسواق قائلا إن التاجر الصغير اليوم يشعر بأنه يدفع ثمن كل إصلاح .. حتى قبل أن يستفيد منه المستهلك .
واضاف ان "إلغاء الرسوم الإضافية خطوة مرحب بها لكن السؤال على حساب من؟ نحن نشتري بعض السلع ونبيعها دون أرباح تُذكر ، ولو دفع الزبون بالبطاقة، سنخسر حتى هذا الهامش."
وأشار الى ان "الزبون لو اشترى خبزا بدولار ونصف وهو سعر التكلفة، فأن البنك سيخصم 20 سنت اضافيا ، وأحيانا نخسر في العملية نفسها، فضلا عن تكاليف الكهرباء والضرائب والأجور وهذه معاناة كبيرة".
ورأى الحمدي، ان تلك الخطوة قد لا تخفّف العبء، بل تحوّله من المستهلك إلى التاجر، مشيرا الى ان البنك صار شريكا غير معلنا .
ومضى الى القول "أنا أبيع اللبن بأقل من هامش ربح، فقط لجذب الزبون فإذا دفع بالبطاقة، فأن أرباحنا تتآكل، وفي النهاية اما رفع الأسعار أو أُغلاق المحلات وهذه هي المعادلة غير عادلة."
لكن التحدي الأكبر في رأيه ليس في الأرقام فقط، بل في التحول الصامت نحو مجتمع رقمي ولفت الى ان "الزبائن، خصوصا كبار السن، غير مستعدين لهذا التحول كثيرون يفضلون الدفع نقدا، ويرفضون أجهزة الدفع وهذه مشكلة حقيقية ".
وختم الحمدي مؤكدا انه "يتعين الحكومة تحمل المسؤولية وعلى البنوك مراجعة الرسوم على المعاملات الصغيرة ، بهذه الطريقة نخفف العبأ عن كاهل المستهلك".
فيما قال مهدي قمبر وهو موزع في شركة علاء الدين للمواد الغذائية ان "البنوك تأخذ السهم الأكبر .. ولا تقدم شيئا".
من زاوية أخرى، رأى مهدي قنبر أن الخطة قد تكون مفيدة، لكن بشروط.
وقال انه "إذا طُبّق القرار بطريقة شفافة، فسينفع الجميع لكن المشكلة في التفاصيل ، البنوك اليوم تأخذ نسبا تصل إلى 2 بالمائة وكأنها شريك صامت في البزنس… دون مجهود."
ويكشف قمبر عن عن رقم وصفه بالـ"صادم" مشيرا الى ان هناك متاجر يجهزها بالمواد الغذائية تدفع بين 6000 و7000 دولار شهريا كرسوم حق eftpos على أجهزة الدفع" موضحا بان "هذا نزيف مالي آخر فالبنك لا يقول سوى باستلام الاموال واعادتها لنا، مقابل المرور فقط".

مهدي قمبر موزع مواد غذائية
واكد أن تحرك مصرف الاحتياط لا يكفي وحده، بل "يحتاج إلى تشريعات تضمن عدم رفع التكاليف على التاجر و رقابة على شركات الدفع وتخفيض النسبة المفروضة على العمليات الصغيرة".
واضاف ان "الجالية العربية تدير آلاف المشاريع الصغيرة، من مطاعم وبقالات إلى صالونات ومقاهي ولا يمكنها تحمّل هذه الرسوم وحدها وستضطر لرفع الاسعار ، وهي بالطبع ليست مثل شركات التجزئة الكبيرة مثل كوستكو وكولز وول ورث" ماضيا الى القول "نحن لا نملك الرفاهية التي تلمكها تلك الشركات".
وقال مصرف الاحتياط الأسترالي إن "التخفيضات المقترحة على الحدود القصوى للتبادل ستفيد الشركات الصغيرة أكثر من غيرها لأنها تميل إلى دفع رسوم أقرب إلى الحدود القصوى الحالية" .
يذكر انه في أواخر العام الماضي ، اقترحت الحكومة حظر الرسوم الإضافية على بطاقات الخصم اعتبارا من يناير 2026 ، فيما اقترح مصرف الاحتياط الأسترالي زيادة الشفافية حول الرسوم من خلال مطالبة شبكات البطاقات ومقدمي الدفع بنشر رسوم البيع الخاصة بهم.
يمكنكم الاستماع للتقرير في التدوين الصوتي أعلاه.