عاد موضوع حق التظاهر في أستراليا إلى الواجهة إثر تظاهرات Black Lives Matter التي جرى تنظيمها في مدن استرالية عدة خلافاً للنصائح الطبية التي أوصت بتأجيل التحركات حفاظاً على قواعد التباعد الاجتماعي.
حتى أن التظاهرة في ولاية نيو ساوث ويلز لم يتم الموافقة عليها إلا خلال الساعات الأخيرة. فمتى تكون المظاهرة قانونية ومتى لا تكون كذلك؟
أكّد الخبير القانوني المحامي سيمون دياب أن موضوع التظاهر هو عامل أساسي مرتبط بضمان حقوق الإنسان من قبل السلطات، "من حيث حرية إبداء الرأي، حريّة التجمّع وحق التظاهر"، مشدّدًا على دور الحكومات في إظهار قيادة حكيمة في هذا الخصوص بدل لجوئها إلى قرار المنع غير المبرر. وقال دياب: "إجمالًا، ليس من حقّ أي حكومة، أكانت حكومة ولاية أو أي حكومة من نوع آخر أن تمنع التظاهر، لأنّها بالتالي تمنع المواطن من ممارسة إحدى حقوقه الأساسية، أيًا تكن الأسباب. وأذكّر هنا بالتظاهرات الكبيرة التي حصلت مؤخرًا في مختلف البلدان، بالإضافة إلى التظاهرات التي حصلت في وقتٍ سابقٍ خلال الربيع العربي، في مصر وغيرها من العواصم العربية، او التظاهرات الأخيرة التي تحصل في لبنان".
وإذ شدد الخبير القانوني على أن الحكومات في الدول الديمقراطية هي أشبه بعاجزة عن منع الشعب أو المواطنين من التظاهر، حتّى ولو كانت الحجّة تتعلّق بعامل الوقت أو غيره من الحجج، أشار إلى أن "حكومة ولاية نيو ساوث ويلز حاولت توقيف التظاهرة التي دعت إليها مجموعات معترضة على التمييز العنصري يوم الأحد الماضي، من خلال إحالة الطلب إلى المحكمة العليا، واعتبار هذه الخطوة غير قانونية، فوافق حينها القاضي في تلك المحكمة على طلب حكومة الولاية وأخذ قرارًا بمنع التظاهر".

People hold up placards at a Black Lives Matter protest in Adelaide Source: Getty
وأضاف: "لكنّ المتظاهرين الذين استأنفوا هذا القرار القضائي يوم السبت الماضي، دفعوا بأعضاء المحكمة إلى الإجتماع الفوري، حيث نقضت هيئة الإستئناف فيها قرار القاضي الأول، وبالتالي سمحت بإقامة التظاهرة يوم الأحد. إذًا، فالحكومة كانت أمام إختبار جدّي لتبرهن عن قيادة سياسية حكيمة لتقنع مواطني الولاية بأنّ وقت التظاهر المحدّد غير مناسب، ولكن أن تلجأ إلى قرار الرفض ومنع المعترضين من إبداء رأيهم في موضوع ما، فأنا شخصيًا أعتبر هذا الأمر سخيف، بالإضافة لكونه غير قانوني وغير دستوري".
وعن إحتمال إستمرار المنظمين بإقامة التظاهرة حتّى ولو لم تتراجع المحكمة عن قرارها، قال دياب: "هناك قوانين مستحدثة تتعلّق بمحاربة فيروس الكورونا، كتلك التي تمنع التجمّعات لأكثر من خمسين شخصًا في هذه المرحلة، فلو لم تتراجع المحكمة العليا عن قرار القاضي الأول وأبقت على قرارها بمنع التظاهرة، واستمرّ المعترضون بتحرّكهم يوم الأحد متجاهلين هذا القرار، لكان من حقّ رجال الشرطة تسطير محاضر مخالفة وتغريم المتظاهرين، حيث قد تصل الإجراءات الأمنية إلى القضاء أو حتى السجن".
وأثنى دياب على قرار شرطة فكتوريا "الحكيم"، والذين قاموا بتغريم المنظمين فقط ولم يلجأوا إلى أي وسائل عنفية أو قمعية مع المتظاهرين، بعد قرار السلطات بمنع التظاهر هناك، معتبرًا أن شرطة نيو ساوث ويلز كانت ستقوم بالأمر نفسه لو واجهت هذا الموقف.