قُتل خمسة جنود أتراك يوم أمس الاثنين جراء قصف سوري على موقع عسكري تركي قرب الحدود ، وقامت القوات التركية بالرد وأعلنت عن "تحييد" 101 جنود سوريين وتدمير آليات سورية. يأتي هذا بعد مقتل سبعة جنود أتراك ومدني في قصف سوري الأسبوع الماضي.
وعلى الصعيد الإنساني، قالت الأمم المتحدة إن نحو 700 ألف مدني نزحوا بسبب تجدد هجوم القوات السورية، المدعومة من روسيا، على المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في إدلب، منذ أوائل ديسمبر/كانون الأول. وأن من بين هذا العدد، حوالي 100ألف شخص نزحوا خلال الأسبوع الأخير فقط.
وإذ حذرت منظمات إنسانية دولية من «كارثة إنسانية» جراء موجة النزوح الضخمة، بات مصير النازحين مجهولاً، خاصة مع البرد القارس، ولجوء القسم الأكبر منهم إلى مناطق مكتظة أساساً بالمخيمات العشوائية قرب الحدود التركية في شمال إدلب، ما اضطر الكثيرين منهم الى البقاء في العراء في حقول الزيتون أو في سياراتهم أو حتى في أبنية مهجورة قيد الإنشاء.
وقال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في المنظمة الدولية، ديفيز سوانسون، إن الوضع يزداد تأزما قرب منطقة الحدود مع تركيا، حيث يعيش أكثر من 400 ألف نازح بالفعل، تركوا منازلهم بعد هجمات سابقة على المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة العام الماضي، قبل الحملة الأخيرة.
ويقول الصحافي جوني عبو في حديث مع SBS Arabic24 إن التصعيد قد يستمر لبعض الوقت " لأن الأجندات على أرض الواقع مختلفة تماما بين النظام في دمشق وبين أنقرة وبين باقي القوى التي تقاتل على الأراضي السورية، ويدفع الشعب السوري البسيط الثمن، فهناك نحو أكثر حوالي مليون نازح في العراء في هذا الطقس الصعب من الشتاء هناك، وبالتالي هذه المأساة الإنسانية التي لا يلتفت العالم لها ويلتفت للمصالح".

Trucks carrying displaced Syrians and their possessions as they flee nearby fighting. Source: Reuters
هذا ودعا البابا فرانسيس إلى احترام القانون الإنساني في إدلب وقال أمام عشرات الآلاف من الحجاج في ساحة القديس بطرس إن التقارير الواردة من إدلب "مؤلمة... خاصة فيما يتعلق بأوضاع النساء والأطفال ومنْ أُجبروا على الفرار بسبب التصعيد العسكري".
وكان الجيش السوري أعلن السيطرة على بلدة الزربة أكبر بلدات ريف حلب الجنوبي يوم الأحد. وبذلك انحسرت سيطرة فصائل المعارضة على منطقة صغيرة من اتوستراد حلب دمشق لا تتجاوز 15 كم.
من جانبه اتهم قائد عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير التابعة لـ"الجيش السوري الحر"، "الطيران الروسي والقوات الحكومية السورية باتباع سياسة الأرض المحروقة حيث استخدمت وسائط نارية بشكل كبير جداً ضد بلدات وقرى خالية بعد نزوح سكانها بقصد تدمير منازل المدنيين وممتلكاتهم بعدما نزحوا باتجاه ريف حلب وإدلب وسط ظروف جوية بالغة الصعوبة".
وفي هذه الأثناء، دعا وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أمس إلى "الحوار" بين تركيا وسوريا، بعد زيادة التوتر بين قوات البلدين في محافظة إدلب. وقال ظريف في تغريدة إن إيران “تؤكد استعدادها لتسهيل حوار بين الجارين الشقيقين، تركيا وسوريا”. وأضاف "إن تصعيد التوتر لا يخدم إلا مصالح الإرهابيين، ومن يرعاهم" داعيا إلى "تجنب سفك الدماء، واحترام السيادة وسلامة الحدود".
وتزامن التوتر مع محادثات يجريها وفد روسي في انقرة في محاولة للتوصل الى حل. وخلال اللقاء، دعا المسؤولون الاتراك روسيا الى "تحمل مسؤولياتها" كبلد يضمن اتفاق سوتشي، في إشارة إلى اتفاق وقف اطلاق النار في إدلب الذي توصلت إليه الأطراف خلال قمة سوتشي عام 2018.
من جهته أعرب الكرملين، أمس، عن قلقه من التصعيد في إدلب، ولم يستبعد الناطق باسمه ديمتري بيسكوف عقد لقاء قمة بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان؛ «إذا دعت الحاجة»، لكنه قال إنه «لا اتفاق بعد على ترتيب القمة"

Russian and Turkish presidents, Vladimir Putin and Recep Tayip Erdogan Source: keeptalkinggreece.com
وفي مؤشر إلى مدى خطورة الوضع، عقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اجتماعا لكبار مساعديه لبحث الأوضاع في إدلب، ويقول الصحافي جوني عبو:
"اعتقد هذا هو الاجتماع الثاني الذي يعقده إردوغان مع قادة أركانه وكان قبل أيام وزير الدفاع على الحدود مع مجموعة من القادة العسكريين، وبالتالي لتركيا الآن مساحات مختلفة في النظرة إلى الوضع خاصة وأنها قد تكون على مفترق طرق، فهي تقول إن موسكو لم تلتزم باتفاق آستانة وما شابه وبالتالي هناك موقف تركي من موسكو على خلفيات الأوضاع في دمشق لأن موسكو لم تلجم قوات النظام من التقدم في مناطق كانت تركيا تعتقد أنها ستبقى على ما هو عليه".
استمعوا إلى اللقاء مع الصحافي جوني عبو كاملا في المدونة الصوتية في أعلى الصفحة.