أصدر تسعة من القادة الروحيين المسيحيين والمسلمين بيانا مشتركا يوم أمس لإعلان قبولهم اعتذار المذيع الأسترالي كايل سنديلاندس عن تعليقاته المسيئة للسيدة العذراء. وكانت مزحة مسيئة قد ألقاها المذيع الشهير خلال برنامجه قد لاقت موجة واسعة من الانتقادات والاحتجاجات.
واعتذر سانديلاندس على الهواء مباشرة خلال برنامجه الصباحي عبر إذاعة KIIS، لما وصفه بـ"المزحة السيئة" التي أطلقها خلال برنامجه يوم 18 أيلول/ سبتمبر والتي هاجم فيها السيدة العذراء معتبراً أنها ليست عذراء وواصفاً كل من يؤمن بهذه القصة الواردة في الإنجيل بالغبي.
وقال سنديلاندس إنه لم يكن لديه أي نية بجرح شعور أحد أو التعدي على مقدسات أي فئة من الناس. وأضاف أنه لم يدرك تداعيات ما قاله إلا بعد أن بدأ بتلقي الاتصالات الغاضبة من قبل عدد كبير من متابعيه.
المذيع الأسترالي أكّد أنه يحق للجميع الإيمان بمعتقداتهم وليس من حق أحد أن يهينهم بسبب هذه المعتقدات. وأقر أن ما قام به كان أمرا غبيا، لكنه استدرك قائلا: "هل سأستقيل؟ كلا. هل سيتم طردي؟ كلا. هل أنا آسف؟ حتماً أنا آسف."
اعتذار سنديلاندس قوبل بإيجابية من قبل القادة الروحيين خاصة في الجالية العربية. وكان رجال دين قد أصدروا بيانا سابقا طالبوا فيه باعتذار صريح وفعلي من قبل المذيع وإذاعة KIIS FM. وتجمع الأسبوع الماضي عدد من المحتجين أمام مقر الإذاعة وقاموا بتلاوة الصلوات أمام مبنى الإذاعة في شمال سيدني.
من جانبه، عبّر أنطوان شربل طربيه راعي الأبرشية المارونية في أستراليا ونيوزيلندا عن الجرح الكبير الذي تركته كلمات سنديلاندس في قلبه ونفسه: " شعرت كما شعر عدد كبير من المؤمنين بإهانة كبيرة، التعليقات تركت جرحاً كبيراً في نفسي وقلبي تجاه إيماني الذي لا يتزعزع بالرب وإكرامي لوالدة الله مريم العذراء. خصوصاً أن التعليقات أتت من دون مبرّر".
ورداً على سؤال حول السبب الذي جعل الزعماء الروحيين الشرقيين يمنحون تلك القضية اهتماما كبيرا، في وقت لم تعلّق أطراف في الكنيسة الغربيّة على تصريحات المذيع الأسترالي، قال مطران الموارنة : "إن أي موضوع يتعرّض للمعتقدات الإيمانية هو موضوع يجب التوقف عنده."

File: Radio host Kyle Sandilands Source: AAP
وأضاف "تتأثر المجتمعات الإثنية أكثر بهذه التصريحات لأنها تركز دائماً على ضرورة العيش بسلام والانسجام مع المجتمع الأسترالي وخاصة وقد أتت تعليقات سانديلاندس لتضرب مفهوم التعايش السلمي بين المجتمعات إذ أنها خلقت نوعاً من الغضب ومن ردود الفعل  الشاجبة".
هل الإعتذار كاف؟
قال المطران أنطوان شربل طربيه :" بالرغم من أن أي اعتذار لن يكون بحجم الإهانة التي شعرنا بها غير أننا نقبل الاعتذار انطلاقاً من مبدأ أن العودة عن الخطأ فضيلة، نحن نقبل هذا الاعتذار انطلاقاً من مفاهيمنا الإيمانية، ففي المسيحية غفر الرب يسوع لمن صلبوه". 
وعن التهديدات بالقتل التي قال سانديلاندس إنه تعرّض لها قال طربيه: "نحن نرفض كلياً أي ردود فعل تخرج عن الأخلاقيات أو القوانين، لذلك ندين هذه التهديدات كما نعتبر أن الحوار هو الطريق الأسلم لحل المشاكل التي تعترضنا".
ومن هنا دعا طربيه جميع المؤمنين إلى عدم القيام بأي ردات فعل عدائية ولا حتى استخدام أي تعابير جارحة بحق الآخرين، مشدداً على ضرورة الإلتزام بالقوانين وبالمواقف السلمية.
من جانبه قال ممثل دار الإفتاء اللبنانية في أستراليا الشيخ مالك زيدان، وأحد الموقعين على بيان قبول الاعتذار: " نحن نتحلى بالأخلاق والأدب لذلك نصفح ونتجاوز عمن يخطئ علّ وعسى ان يتوب ويعود الى رشده".
لكنه أكد أيضا أن التطاول على الأديان أمر غير مقبول: "التقينا كرجال دين مسلمين ومسيحيين وأدنا بشدة ما حصل، لكي لا تعاد مرة اخرى منه أو من أي أحد آخر قد يطلق عبارات نابية بحق الرموز الدينية."
زيدان أكّد رفض اللجوء إلى مبدأ التهديد بالعنف:"المطلوب منا كرجال دين مسلمين ومسيحيين ألا نرد السيئة بالسيئة والإهانة بالإهانة. إنما السيئة ترد بالحسنى وتلك دعوة الأنبياء والمرسلين والمؤمنين. أما أن تصل الأمور للتهديد فلن نقبل بذلك إطلاقاً." 
وطالب الشيخ زيدان بتوفير حماية قانونية لكل العقائد الدينية لضبط المشهد في أستراليا، مؤكدا: "نحن بحاجة لذلك لكي لا يتطاول احد على المبادئ الدينية".
تجدر الإشارة  إلى أن سنديلاندس لا يزال في لوس أنجلوس حيث أنه غادر سيدني الأسبوع الماضي بعد إيقاف برنامجه أسبوع واحد خلال فترة غير مهمة من العام والتي تعرف بNon-ratings week. 








