تم تقديم التقرير الذي طال انتظاره من المبعوثة الخاصة لمكافحة معاداة السامية، جيليان سيغال، إلى الحكومة، ليُفتح ملفاً حساساً يجمع بين الحاجة الملحّة لمواجهة تصاعد الكراهية والعنف من جهة، والخشية من تأثير بعض التوصيات على الحريات الديمقراطية من جهة أخرى.
ففي حين يؤكد قادة الحكومة والمجتمع اليهودي ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لوقف هذا التصاعد الخطير، يعرب ناشطون مجتمعيون عن تخوفهم من أن بعض التوصيات قد تُستخدم لتقييد الحق في انتقاد السياسات الإسرائيلية سيما في قطاع غزة.
في هذا الإطار، قال رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي: ”لا مكان لمعاداة السامية في أستراليا، ولا يمكن التسامح مع أشكال الكراهية والعنف التي ظهرت مؤخراً في شوارعنا. أؤكد أن القانون سيُطبق بكل صرامة على من يرتكبون هذه الأفعال."
تجدر الإشارة إلى أن جيليان سيغال، التي عُينت مبعوثة خاصة لمكافحة معاداة السامية منذ نحو عام، دعت إلى حشد وطني شامل لمواجهة "واحدة من أقدم أشكال الكراهية في العالم".
وأوضحت أن خطتها تعتمد على القيم الأسترالية الأصيلة، مع قابلية التكيف ضمن الإطار القانوني الفيدرالي، مشيرة إلى أن الحوادث ارتفعت بشكل مقلق بنسبة تزيد على 300%، مع تسجيل أكثر من 2000 حادث بين أكتوبر 2023 وسبتمبر 2024.
ووفقاً تحليل لبيانات تضمن 389 حادثة معاداة للسامية تم الإبلاغ عنها وفق معايير مختلفة، صنّف المجلس اليهودي الأسترالي واحدة فقط من بين كل خمس حالات على أنها معاداة للسامية وفق تعريفه الذي يشمل "التمييز أو التعصب أو العداء أو العنف ضد اليهود كيهود، أو ضد المؤسسات اليهودية لأنها يهودية".

Palestinian activist, Reem Borrows
تشمل توصيات التقرير مجالات متعددة، منها تعزيز قوانين مكافحة الكراهية، وتحسين التعليم في المدارس والجامعات، وتنظيم محتوى الإنترنت، ودور وسائل الإعلام العامة في مواجهة الظاهرة.
وأيد أليكس رايفشين من المجلس التنفيذي لليهود الأستراليين هذه الرؤية، مؤكداً أن "هذه القضية ليست من مسؤولية الحكومة الفيدرالية فقط، بل يجب أن يتحمل المجتمع كله مسؤولياته، مع دور محوري للحكومة في تنفيذ الخطة وإيصال رسالة واضحة بأن هذه هي الطريقة للمضي قدماً".
من جانبها، أعربت الناشطة الفلسطينية ريم بوروز، رئيسة مجلس إدارة منظمة Palestine Australia Relief and Action، عن إدانتها لكل أشكال العنصرية، لكنها استنكرت ربط النقد السياسي لإسرائيل بمعاداة السامية، معتبرة أن هذا الربط نشأ أساساً في الغرب، ومشددة على قدرة المواطن الأسترالي على التمييز بين القضايا، معتبرة أن ما يحدث هو نتيجة قرارات سياسية مدفوعة بأجندات جماعات ضغط.
وقالت بوروز: "الحديث عن تدمير المستشفيات والمدارس والمنازل، وتجويع المدنيين، والهجمات على العاملين في المجال الصحي والصحفيين، ليست معاداة للسامية، بل موقف أخلاقي."
من جهته، عبر الدكتور ماكس كايزر، المدير التنفيذي للمجلس اليهودي في أستراليا، عن اعتقاده بأن التقرير مضلل، وقد يؤدي إلى حملة لتقييد حرية انتقاد إسرائيل، مشبهاً إياه بـ"دليل ترامب"، الذي يعيد توجيه مشكلة معاداة السامية لتبدو مرتبطة بالمهاجرين والمؤسسات الثقافية والجامعات وحركات الاحتجاج.
وأشار إلى أن معاداة السامية حقيقة قائمة في المجتمع الأسترالي لكنها لا يمكن معالجتها بمعزل عن جهود أوسع لمكافحة كافة أشكال العنصرية.
المزيد في التقرير الصوتي أعلى الصفحة.
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل و أندرويد وعلى SBS On Demand.