وجدت الجالية المسلمة نفسها مثلها مثل بقية المجموعات في أستراليا في مواجهة قضية اجتماعية مطروحة على صعيد البلاد.
جاء هذا بعدما قررت حكومة الائتلاف المحافظ إجراء استفتاء بريدي حول تشريع زواج المثليين، يطلب ممن يحق له التصويت بأن يجيبوا بنعم أو لا على السؤال التالي: هل يجب تغيير القانون ليُسمح لمثليي الجنس بالزواج؟
أس بي أس عربي 24 أجرت لقاء مع الشيخ شادي السليماني، وهو رئيس مجلس الأئمة الفدرالي الاسترالي ويقول إن الإسلام يرفض المثلية الجنسية ويحرمها.

Sheikh Shady Alsuleiman Source: Sheikh Shady Alsuleiman Facebook
"الرأي الديني من هذا الموضوع، واضح وصريح، وهو حرمة ذلك وعدم جوازه في دين الإسلام."
"موقفنا نحن في مجلس الأئمة الفيدرالي الأسترالي، هو موقف الإسلام الواضح والصريح، وهو حرمة ذلك وعدم جوازه في دين الإسلام".
الا أن ناشطون مسلمون مؤيدون لهذا المقترح يرون إن المجتمع الإسلامي كغيره من المجتمعات يحتوي على التعددية والاختلاف في الآراء من قضية تشريع زواج المثليين، وبعكس ما قد يراه أشخاص من خارجه، فهناك اعتقاد سائد بأن جميع المسلمين محافظون عندما يتعلق الأمر بالتغيير الاجتماعي خاصة ما يتعلق بالعائلة.
فهد علي هو أحد مثليي الجنس، ومؤسس جمعية "مسلمون مع المساواة في الزواج".
و يقول فهد إن ما يحاول طرحه هو تأييد المساواة في الزواج، ليس من منطلق اسلامي وإنما من منطلق حقوق مدنية. ويتساءل كيف يمكن الاعتراض على زعيمة حزب امة واحدة بولين هانسون التي تدعو لحظر الإسلام أو البرقع مثلا ومن ثم القيام بفعل مشابه.

Founder of Muslims for Marriage Equality group Fahad Ali Source: Fahad Ali Facebook
"عندما تدعو بولين هانسون الى حظر الحلال والحجاب او البرقع، لا يمكننا ان نقول بان هذا الأمر خاطئ او انه تعدٍّ على حقوقنا، عندما نجيز لأنفسنا قول نفس الشيء للآخرين على أساس ديننا. لذلك لا علاقة لهذا الأمر بالإسلام، وإنما بالحقيقة، كمسلمين، من واجبنا التأكد من أن الناس يتساوون في القانون."
وتشارك بيانكا المير وهي إحدى الداعمات لحملة التصويت بنعم في الاستفتاء، فهد رأيه.
وتقول إنه في مجتمع ديمقراطي كالمجتمع الأسترالي لا مفر من دعم المساواة في الحقوق بين جميع الناس، إن كان على صعيد الدين، أو اللون أو العرق، أو التوجه الجنسي.

Fahad Ali and Bianca ElMir Source: SBS Arabic24
وتتحدث بيانكا عمّا يعني أن تكون مسلمة بحسب معتقداتها.
"لتكون مسلما، عليك الإيمان بالله، وبأن هناك رباً واحداً، ومحمد صلى الله عليه وسلّم هو رسوله. لذلك أي شيء تفعله خارج هذا الإطار هو أمر يعنيك ويعني ربك، وإذا صادف أنك شخص مثليّ هذا الأمر لا يلغي إسلامك."
وتقول بيانكا إن موضوع الجنس في الاسلام معقد كثيرا، سواء للرجال أو النساء، وأصبح نقطة تثير التوتر حتى لو لم يتعلق الموضوع بمثليي الجنس، وتقول إنها كشابة عزباء تشعر أنها لا تستطيع البوح بذلك، وأن عليها أن تشعر بالعار وبالخوف من محاكمة الله. وتشدد على أن الهوية الجنسية للشخص هي جزء مهم من هويته، ولا يجب أن يكون كل شيء محرما.
ويقول الناشطون المسلمون المؤيدون لتشريع زواج المثليين إن الدين الإسلامي هو دين تسامح ومساواة ويجب تقبل المثليين ومعاملتهم باحترام، إضافة إلى أن الجالية المسلمة التي طالما تعرضت للتمييز كأقلية في المجتمع الأسترالي عليها دعم الأقليات الأخرى من منطلق المساواة والعدالة الاجتماعية. لكن بالنسبة للشيخ السليمان فإن المساواة، كالعديد من الأشياء الأخرى في الحياة لها حد.
"الإسلام نفسه يدعو الى المساواة، ولكن هناك حدود للمساواة"
"الإسلام نفسه يدعو الى المساواة، ولكن هناك حدود للمساواة، هناك حدود للإنفتاح، هناك حدود للحرية، وهذا منطلق شرعي ومنطلق إنساني. هل نحن نعتبر ان تشريع الزواج المثلي من الحريات التي تنطبق من ناحية الحريات المفتوحة.. نحن كمسلمين لا نرى ذلك وكأستراليين أيضا لا نرى ذلك."
وتتساءل امرأة مسلمة أخرى لم تشأ أن تذكر اسمها عما إذا كان يجب الانصياع إلى تعاليم قديمة أم أن الأفضل التحدث عن التوجهات الجنسية بصراحة وعدم اعتبارها من المحرمات، والتعاطي مع المثلية الجنسية على أنها أمر طبيعي.
وتقول بأن العائلات العربية كغيرها تصاب بالصدمة عندما تكتشف أن أحد افرادها مثلي الجنس، وتقول إن هذا عائد إلى الخوف من العار والشعور بضرورة حمايته من حكم الله والمجتمع، ولهذا السبب تعمد العائلة إلى تغيير توجهاته الجنسية فتلجأ إلى أساليب منها الزواج القسري والعنف النفسي والجسدي وكتابة الرقاوي والتعاويذ.
فهد تعرض الى الرفض من قبل عائلته عندما قام بإعلام أهله أنه مثلي، ووصف فهد عملية إخبار أهله بـ "الطريق المؤلم جدا". فقد أدرك فهد أن لديه ميولا مثلية عندما كان في الثانية عشرة من عمره، وعندما باح لأهله رفضوا الفكرة بالأول، ثم تقبلوه ولكن طلبوا منه عدم إخبار أحد. ويضيف متسائلا إذا كان الله خلقه هكذا، أفلا يكون رفضه اعتراضا على مشيئة الله؟

Fahad Ali Source: Fahad Ali Facebook
مواضيع ذات صلة

نطالب بالمساواة لا أكثر والزواج حق من حقوقنا
وتقول بيانكا إن هناك الكثير من المعتقدات الخرافية التي عفا عليها الزمن حول مثليي الجنس كأن يكون المثليون خطرين على الأطفال، وتقول إن الحديث عن هذه الأمور في العلن يسهم في التخلي عن هذه الأفكار القديمة أو الخاطئة التي يحملها حتى من هم من أكثر المثقفين في المجتمع الإسلامي.
الشيخ شادي السليماني رئيس مجلس الأئمة الفدرالي الأسترالي شدد على إن الإسلام مثله مثل المسيحية واليهودية يرفض المثلية الجنسية، وأن مجلس الأئمة يشجع المسلمين على ممارسة حقوقهم والتصويت بلا في الاستفتاء مع الحفاظ على احترام الآخرين.
ويقول الشيخ شادي السليماني إن الضرر من طرح قضية تشريع زواج المثليين هو الترويج له وتسهيل الأمور في هذا الموضوع.
أما فهد فيعتبر إن إخفاء التوجه الجنسي المثلي يترك آثارا سلبية كثيرة على الكثيرين من الشباب المسلمين الذين قد يقعون ضحية للضغوط النفسية وحتى الانتحار.
يُذكر أن عملية التصويت البريدي بدأت في الثاني عشر من أيلول سبتمبر ويتم تلقي الاستمارات من قبل مكتب الإحصاء الأسترالي لغاية السابع من تشرين الثاني نوفمبر 2017 على أن تعلن النتائج في الخامس عشر منه.