حين يهاجر الجسد وتبقى الروح: صرخة رامي طعامنة في وجع الغربة

RAmi Taamneh Photo.JPG

رامي الطعامنة

الهجرة ليست مجرد انتقال جسد من مكان إلى آخر، بل هي ارتحال روح بين محطات متباينة. في كتابه الأول "حين يهاجر الجسد وتبقى الروح"، يفتح الكاتب الأردني-الأسترالي رامي طعامنة نافذة على وجعه الإنساني، عبر نصوص أقرب إلى الاعترافات منها إلى الحكايات.


للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

في حديثه مع إذاعة أس بي أس عربي، يكشف طعامنة سرّ البوح في هذا الكتاب الذي يمتد على 112 صفحة، توزّعت على 17 فصلًا، تتبع فيها مسار رحلة طويلة تبدأ من شرارة الفكرة وموقف الأهل من قرار الهجرة، مرورًا بتفاصيل يومية غامرة بالتناقض، وصولًا إلى قرار الرحيل وما حمله من وعود مؤجلة وخيبات متكررة.
ويكتب طعامنة في المقدمة: "هذه الصفحات ليست حكاية، ولا حِكَمًا، ولا أدبًا منظومًا، بل هي حديث إنسان مع قلبه، جلس على رصيف الغربة يتأمل الذاهبين والعائدين، ويكتب لأنه لا يعرف كيف يصرخ. فإن وجدتَ هنا شيئًا من وجعك أو ومضة من حنينك، فلا تدهش... لقد كتبتُ لا لأُحدّثك، بل لأسمعك في صمت يشبه الصلاة".

إنها لغة اعتراف حميمية مع القارئ، يضع فيها الكاتب وجعًا قديمًا لم يندمل بعد. فهو يرى في الغربة بحثًا متواصلًا عن وطن داخلي، وطن يظل بعيدًا مهما تغيّرت الأمكنة.

بين الفصول، يرسم طعامنة صورًا متباينة لشخصيات الغربة: منها من ظل وفيًّا لجذوره، ومنها من بدّدته الهجرة وأحالته إلى كائن أناني لا يعرف سوى مصلحته. ومن بين هذه الشخصيات، تطل شخصية "الضاوي"، التي وصفها الكاتب قائلًا:
ذاك الثعلب، حسم أمره منذ زمن، وأحرق من خلفه سفن العودة. لا يعرف طقوس الشوق ولا يؤمن بخرافات الأمل. يرتدي النجاح كجلدٍ له، ويزرع فقط ليقطف سريعًا، حتى لو لم تينع الزهرة بعد.
ورغم أن رامي طعامنة رجل أعمال حاصل على بكالوريوس في الهندسة المدنية، ودراسات عليا في إدارة الأعمال والتمويل، ويتنقل بين أستراليا، إندونيسيا، ودبي، فإن نصوصه تكشف جانبًا آخر، هشًّا وعميقًا، يفضح جراح الروح أكثر مما يسرد إنجازات الجسد. كلماته تبدو كشمعة أشعلها في عتمة الطريق، لا ليطرد ظلامه وحده، بل ليضيء دروب الآخرين أيضًا.
إن الغربة، كما يصفها الطعامنة، ليست نهايات المطارات ولا بدايات المدن الجديدة، بل ندبة خفية في القلب، تذكّرنا بأن الوطن الحقيقي قد لا يكون أرضًا تحتضننا، بل روحًا نتلمسها في أعماقنا كلما ضاقت بنا المنافي.
Novel cover -Rami Taamneh2 .jpg
الإصدار الأول للمهاجر الأردني الأسترالي رامي طعامنة
"حين يهاجر الجسد وتبقى الروح" ليس مجرد كتاب بوح عن سيرة، بل مرآة لقلق إنساني عابر للحدود، يضع القارئ أمام ذاته ويسأله بصوت خافت: هل الغربة قدر نعيشه في المنافي، أم هي اغتراب يسكننا أينما حللنا؟
 
كأن الكتاب يهمس في أذن قارئه:
الغربة ليست مسافة تُقاس بالأميال،
بل وجعٌ يقيم في صدرك كضيف لا يرحل.
قد يهاجر الجسد بعيدًا،
لكن الروح تظل معلّقة بخيط رفيع من الحنين،
تشدّنا إلى أرضٍ لا تغيب مهما ابتعدنا،
إلى وطنٍ يسكننا أكثر مما نسكنه.

استمعوا للمزيد من بوح رامي الطعامنة، بالضغط على الزر الصوتي في الأعلى.
أكملوا الحوار على حساباتنا على فيسبوك و انستغرام.

اشتركوا في قناة SBS Arabic على YouTube لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.

شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand