شهدت سيدني حوادث لنازيين جدد على مدى ثلاثة أيام متتالية خلال عطلة نهاية الأسبوع في "يوم أستراليا"، مما أثار مخاوف من أن الأيديولوجية تكتسب شعبية متزايدة.
ولكن من هم الذين يقفون وراء تلك الحوادث؟ وهل يشكلون خطرا على أستراليا؟ وهل ينبغي أن نقلق من ازدياد أعداد النازيين الجدد؟
هناك مخاوف بشأن احتمال صعود النازية الجديدة في أستراليا، في أعقاب الأحداث التي وقعت على مدار ثلاثة أيام متتالية في شمال سيدني.
وقد أدان رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي الأحداث يوم السبت، مسلطًا الضوء على تحذير الاستخبارات الأسترالية من صعود التطرف اليميني.
ولكن القصة لم تبدأ فقط هذا العام.
في عام 2021، كشف تحقيق سري دام ثمانية أشهر أجرته The Age وThe Sydney Morning Herald و60 Minutes عن مجموعة من اليمينيين المتطرفين الذين كانوا يخططون لانهيار المجتمع وقيام نظام عنصري جديد من منزل في ضواحي ملبورن.
وكانت المجموعة قد تبنت الرموز والاحتفالات النازية بما في ذلك الاحتفال بعيد ميلاد أدولف هتلر، وقراءة كتابه كفاحي، وأداء التحية النازية وقد وصفوا بالنازيين الجدد.
لكن من هم النازيون الجدد،؟
يشير مصطلح "النازيين الجدد" أو neo-Nazis إلى الأشخاص الذين تبنوا أيديولوجيات مشابهة لتلك التي تبناها الحزب النازي الذي حكم ألمانيا في عهد هتلر بين عامي 1933 و1945. وكلمة Nazi هي اختصار للكلمات الألمانية التي تعني "الاشتراكية القومية".
وتعد المجموعة اليمينية المتطرفة المعروفة باسم الشبكة الاشتراكية الوطنية والتي يرأسها توماس سيويل، البالغ من العمر ثلاثين عامًا، الجماعة الأشهر للنازيين الجدد في استراليا.
ما هي أفكار النازيين الجدد؟
يبني النازيون والنازيون الجدد، مثل أولئك المنتمين إلى الشبكة الاشتراكية الوطنية الأسترالية، أيديولوجيتهم على فكرة التفوق العنصري للأشخاص البيض على جميع الأجناس الأخرى. يقوم النازيون بتصنيف الأجناس حسب تفوقهم المزعوم، حيث يكون السود واليهود في أسفل التسلسل الهرمي. كما يزدرون المثليين جنسياً والغجر وغيرهم.
ما الذي يطمحون إلى تحقيقه؟
تريد الشبكة الاشتراكية الوطنية رؤية نهاية المجتمع كما نعرفه وبناء مجتمع جديد قائم على مبادئ النقاء العنصري، حيث تكون أستراليا للأشخاص البيض. وفق هذه العقلية، يُنظر إلى المهاجرين على أنهم "غزاة".
بعض أعضاء تلك المجموعات يرون أن ذلك الانهيار يمكن تسريعه من خلال أعمال العنف والفوضى. وتعد أعمال الشغب في مبنى الكابيتول الأمريكي عام 2021 مثالا على ذلك.
وتشير تقارير إلى أن الشبكة الاشتراكية الوطنية سعت إلى جمع الأموال لشراء عقارات ريفية في فيكتوريا أو جنوب أستراليا كمكان تنطلق منه تدريباتها استعدادا للانهيار القادم.
جريج بارتون الأستاذ في جامعة ديكين يقول إنه على الرغم من أن تلك الحوادث المنعزلة مروعة، إلا أنها لا تشكل تهديدًا مباشرًا لسلامة أستراليا.
ويقول إن الشبكة الاشتراكية الوطنية موجودة منذ فترة طويلة ولم تنجح في النمو بشكل كبير.
لكن لا يزال هناك قلق من تنامي الحركات السياسية اليمينية المتطرفة على مستوى العالم.
يقول البروفيسور بارتون إن جميع دول العالم تشهد ارتفاعًا في شعبية أيديولوجيات تفوق العرق الأبيض واليمين المتطرف، مستشهداً بما يصفه بالقومية الفاشية.
توافق الباحثة كاز روس على هذا الرأي.
وتقول كاز إن الكثير من الناس لا يدركون أن هذه المجموعة مرتبطة بشبكة عالمية من المتطرفين اليمينيين.
في عام 2022، أصبحت حكومة نيو ساوث ويلز الولاية الثانية بعد فيكتوريا في أستراليا التي تحظر الرموز النازية، بما في ذلك التلويح عمدًا بالعلم النازي أو عرض تذكارات تحمل صلبانًا معقوفة نازية.
يمكن أن تؤدي تلك الأفعال إلى السجن لمدة تصل إلى عام، بالإضافة إلى غرامة تزيد عن 100 ألف دولار.
لماذا يجد البعض أفكار النازيين الجدد جذابة؟
للأسف لا تزال أفكار التفوق العنصري والتهديد الذي يمثله المختلفون موجودة حتى في دولة ثرية ومتعددة الثقافات مثل أستراليا.
في بعض الأركان المظلمة على الإنترنت، وفي ملاعب كرة القدم، والحانات والتجمعات الخاصة لا تزال للأفكار العنصرية جاذبيتها وقدرتها على تحفيز الناس.
ويقول الخبراء إن الجماعات المتطرفة تستغل غضب بعض الأشخاص الذين يعلقون إخفاقاتهم على قوى اقتصادية واجتماعية خارجة عن سيطرتهم. وتحث تلك الجماعات الغاضبين على توجيه غضبهم ضد فكرة التعددية والأقليات مثل اليهود والسود، والمهاجرين، والمسلمين.
ورغم تطمينات بعض الخبراء، لا يزال المسؤولون الأمنيون يرون في تلك المجموعات خطرا محدقا.
فقد قال رئيس هيئة الاستخبارات الأسترالية مايك بيرجيس في مقابلة إن هذه الأيديولوجية يمكن أن تدفع إلى هجوم إرهابي.
يذكرنا ذلك التحذير ببرينتون تارانت المتطرف الأسترالي الذي ارتكب جرائم القتل في مسجدين في مدينة كرايستشيرش في نيوزيلندا عام 2019.
وقد أشارت التحقيقات إلى أن برينتون كان نشطًا في منتديات النازيين الجدد على الإنترنت. وقد شبهه زعيم الشبكة الاشتراكية الوطنية بنيلسون مانديلا وقال إنه سيبقى في السجن حتى يتمكن النازيون الجدد من إحداث ثورة.
لدى الشبكة الاشتراكية الوطنية روابط مع منظمات إرهابية يمينية متطرفة عنيفة في الخارج بما في ذلك The Base وCombat 18، وهما جماعتان محظورتان ومصنفتان كمنظمات إرهابية في الخارج.